النهار

"روتين إداري تافه"
كاريكاتور ارمان حمصي
A+   A-
ما أتفه هذه الدولة وكم سخيفٌ ومجحف روتينها الإداري.
يتجنّب الكثير من المواطنين أن يكون لهم تواصل دائم مع إدارات الدولة ومؤسساتها، نظراً إلى كمية الأوراق المطلوبة من المواطن والتي تتكرر مع كل تجديد لأي مستند أو معاملة سبق أن قام بها قبلاً، وأودع الإدارة كل المعلومات الشخصية الأساسية، بحيث حفظتها ذاكرة الكمبيوتر وليس سلّة المهملات.
تنبهت كما كثر أن دفتر القيادة قد انتهت صلاحيته وأصبح بالإمكان تجديده الآن بعد التعطيل القسري الذي فرضته ظروف معينة.
مع مرور الزمن، تظن أن الدولة قد تخلّت عن ذهنية التاجر الذي يبغي الربح المستدام "طلوع ونزول" "وكيفما كان" ولو على حساب المواطن المنهك أصلاً تحت وطأة الرسوم والغلاء الذي يلازمه في كل مشترياته.
الأطرف في الأمر أنها تطلب من ضمن ما تطلبه إفادة طبية كلفة حبرها 20 دولاراً ومن سكرتيرة الحكيم شخصياً من دون أن يكلّف نفسه عناء إجراء معاينة طبية للشخص.
ومن بين المتطلبات أيضاً، صور شمسية مصدّقة بختم المختار، الذي ترتفع كلفة ختمه خصوصاً إذا لم تكن من المنطقة نفسها وناخبيها.
من بين الموجبات أيضاً، سجلٌ عدلي للشخص المعني يفرض عليك الانتقال من منطقة إلى أخرى لا يهم قصرُ المسافات أو طولها، المهم أن تبرئ نفسك وسلوكك أمام سلطة مشبوهة بأخلاقها وسلوكها ونظافتها ومدموغة بفسادها. فكأن من يمسك بزمام الحكم على أخلاقيات الناس، لا يستطيع أن يكبس زر الكمبيوتر الذي يتيح له التواصل مع كافة الأقسام المعنية لتبيان حقيقة الشخص صاحب دفتر القيادة الذي جلّ أخطائه أنه أراد تجديد رخصة السوق المعطاة له سابقاً.
أضف على ما ورد أعلاه الكلفة العالية للصور الشمسية المطلوبة، مع العلم أنك ستخضع لحفلة تصوير أخرى في الإدارة لتزويدك "بدفتر الأحلام".
إجراءات الدولة الإدارية وروتينها لا يزالان من زمن السلطنة العثمانية على حد قول الوزير السابق فادي عبود الذي جفّ حبره وصوته وهو ينادي بتغيير هذه العقلية العثمانية التى ولّى زمنها.
ناهيك عن البدعة القديمة الجديدة للطوابع وما يعرف "بورق البول" المطلوبة مع كل معاملة. والأنكى في الأمر، أنك لا تجدها في الإدارة نفسها وعليك أن تتحزّر أين تجدها، وإن وجدتها تكون "أمك مصليتلك بليلة القدر".
كفوا عن إذلال الناس وقوموا بإجراء واحد أوحد يحفظ لكم ماء وجهكم.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium