النهار

ما بين الأرض والسماء
المصدر: النهار - ريمون مرهج
ما بين الأرض والسماء
يا ملاكي، أنت تلك الروح، تلك النسمة التي تدخل أعماق فؤادي فتُبرِد لهيب نار، وتخمد الوجع والحزن في أغوار نفسي
A+   A-
يا ملاكي، أنت تلك الروح، تلك النسمة التي تدخل أعماق فؤادي فتُبرِد لهيب نار، وتخمد الوجع والحزن في أغوار نفسي.
نعم، أنت نور سراجي الذي أسير به في دروب هذا العالم المظلم. أنت إيماني الذي به أرى السماء، وأتأمّل كلّ جمال خلقه الله.
أنت حياتي التي أتنفس منها إرادة صلبة لا تنكسر فأنجح وانتصر.
معك أشعر بالاكتفاء وبرضى الخالق عليّ، وبأنني إنسان صالح، طيّب، عظيم ومبدع. معك، لا يزورني الحقد، ولا البغض، وتتفتح بصيرتي جيداً، فأدرك كلّ ما هو سيّئ وجيّد وأميّز بينهما. معك، أجني ثمار رابطنا، ويكون غذاءً لروحي، أنمو به فتغمرني المحبّة والقيم.
كلّ هذا العالم بماله وكنوزه، بأفكاره وناسه، بمجتمعاته وتقاليده، لا يساوي لحظة واحدة أسمع فيها همس صوتك، وصدى نبضات قلبك في ضلوعي تردّد لي: "أحبّك حبّاً عظيماً طاهراً، لا تفقهه الأرض وسكّانها أجمعين". في تلك الهنيهة نحلّق بعيداً عن هذا العالم، ونحطّ في موطننا حيث نحن فقط، فنحدث الطيور، ونغنج الزهور ندلّلها، نداعب نور الشمس، ونلمس ملامح الغيوم، ثمّ نسجد ونصلّي بفرح.
نعم يا ملاكي، في موطننا يمسك الصبيّ المشاكس البريء يد الفتاة الصغيرة الجميلة، ونركض مهرولين في مروج الحياة بين أزهار حبّنا، وضحكاتنا تعلو إلى الفضاء أسراباً أسراباً، تطير بين أشجار العمر نحو السّماء، فتسمعها الملائكة وتبتهج.
حبيبتي يا أطهر قلب! آهٍ كم أحبك يا ملاكي!
كلّما أتوق إليك أغمض مقلتي، فأرى ابتسامتك الفاتنة، وأتأمّل شعاع عينيك كيف يتغلغل إلى الوتين، فتتنشّق روحي الحبّ، الحنان والبراءة. ألتفت نحو شعرك، فتتسابق أصابعي مع الهواء لتداعبه، وكم أغار منه عليك! فهذا الوجه هو ملاكي أنا.
كم أخاف عليك من أيّ أمر في هذا الكون!
كيف لا أقلق ولا أرهب، وأنت سبب وجودي وكياني، ومن دونك أنا أنتهي... فأيّ جرح يُصيبك مرّة يضرب في قلبي آلاف طعنات ممّا ابتليت به.
أنت فراشة حبّي وفجر البراءة في عمري...
أحبك.


الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium