السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

الوطن... حياة وقضية أم ساحة وبندقية؟

رنا الحجيري
تعبيرية. (الصورة عن "أ.ف.ب").
تعبيرية. (الصورة عن "أ.ف.ب").
A+ A-
في وطيس الانهيار، بين القضية والبندقية، وبين الحقيقة والضياع، ما هو هذا الذي نعيشه؟ سؤال يعصرنا كل يوم... أتغيير، تنكيل وعيد، تسييس، تدويل...؟ 
ضاقت الشاشات والمقابلات بالمحللين، وفي كل تحليل يُشد ويمطّ ويُمضغ ويُعلك ثم يلفظ أنفاساً مستهلكة، لا تروي حالنا فتنتهي المبارزة والعنتريات، ونحن ما زلنا في ضياع.
 
في صَبْيَنَة الصراعات تسخيف غريب للواقع، ليُنظر له على أنه صراع بين قلوب ممتلئة أو أجندات ومحطات لتصفية الحسابات، أو تضييق دولي على محور ممانع أو مشارك؟ وفي كل الساحات ما زالت تلوح لك تلك البندقية.
 
وما زلنا معلقين في الجدلية والفلسفية والتراشق، وما زلنا لا نفهم؟ ما هو المغزى من نسف كل خطة وكل طريق.. فلم يَصفَ لنا من واقعنا الإنقاذي إلا في متابعات: اجتمعت اللجنة "أ" وتداولت اللجنة "ب".
 
وفي الواقع، انهيار تام لكل مقومات الدولة والحوكمة والإدارة السليمة، وما يستتبعه من أسس موحدة لإدارة الكوارث، من رؤية واستراتيجية. والأهم مدى ملاءمة هذه الخطة الواقع وتحدياته وأدواته وطاقاته وميزانياته. 
 
السؤال الأكيد أين نحن من إدارة الكوارث - تحكّم، منع، حد، تخفيف وقاية؟ في الكل لا ندري من نجاعة الخطة إلا مسمّياتها؟ 
 
ما نعيشه هو فعلاً كارثة بكل المقاييس - ممكن في منظار #كوفيد_19 هي صحية وعالمية وليست مخصصة لبنانياً، ولكن في الحقيقة هي ملبننة لأنها تعكس أكثر من 30 سنة من الفشل في بناء وطن للجميع، وبناء مؤسسات تراعي الحكم الرشيد. اليوم لبنان في المرتبة 147 من 189 دولة في مؤشر مدركات الفساد 2020، وماذا بعد؟ 
 
البعد، إننا أبعد ما نكون من كل ما يستتبع منطق الدولة والإدارة السليمة، وما يؤلف المنظومة الإدارية والاقتصادية والسياسية ومأسسة الحكم لكافة شؤون الدولة، وهو ما يشمل أيضاً مفهوميّ الكفاءة والفعالية والآليات والعمليات الداعمة لنظم المحاسبة. 
 
كما بالأخص، ضعف سياسات الدولة في منظورها التنموي التي يعتبر في طليعتها الأمن والأمان المجتمعي والاقتصادي والغذائي. وطبعاً غياب الأرضية الصحيحة من خلال، ليس فقط قانون انتخابي تمثيلي متوازن وصحيح، بل منظومة شاملة حقوقية للأفراد تبني مواطنة حقيقية ودولة القانون بعيداً عن الفئوية أو المناطقية أو الطائفية، وتقطع الطريق على الزبائنية والتبعية. 
 
وهذا ليس كلاماً أو نصائح ورقية، بل نتاج تجارب تؤكد أن أساس التخطيط مفقود، إن لم يراعِ كل ما تقدم! 
 
فكل مطالبنا باللامركزية الإدارية ليست شعارات دعائية، بل تنبثق من واقع إنمائي غير متوازن، وما نشهده من انعدام توازن في القرار والمسؤوليات، ما بين المركزي والمحلي.
 
فخطة كورونا أو تلك الاقتصادية أو الطوارئ والكوارث، لن تنجح ما دامت كل شبكة الأمن الاجتماعي والعدالة الاجتماعية وما تستند إليه من أطر خدماتية وإنمائية وتمكينية... مفقودة! 
ما تشهده مدينة طرابلس بمعزل عن المحللين في تسييسه أو عدمه، هو كل ما تقدم، وجه لا يمكن إنكاره لسنوات طوال من الحرمان، والتبعية والظلم. 
 
وفي كل هذا؟ وبعد تراشق الحلول، الحل لا يأتي مجتزأً، ولكن في منظور متكامل لخطة شاملة تحددها 3 أسس: 
 
• الأمن بمفهومه الأوسع والعدالة والقيادة (الرشيدة)، 3 محاور، تتّحد ولا تستنسب ولا تختزل، بل بوضع رؤى مستدامة للأمن والتنمية كمحدد لتلبية احتياجات كل الفئات المجتمعية والأكثر تهميشاً. 
 
- فالأمن هو أولاً مجتمعي قبل أن يكون عسكرياً أو صاروخياً، مدعم بإطار قانوني عادل وبآليات للمراقبة والمحاسبة حسب رؤية موحدة وفهم واضح لمقومات الدولة وأولوياتها وتوجهاتها.
 
• العدالة هي ليست بمعزل عن هذه المنظومة ولا تتحقق إلا من خلال أطر قانونية وتشريعية وأدوات وآليات وقائية ورقابية، منها القضائية، وتقوم على الإنصاف وسيادة القانون، ووضع خدمات الأمن والعدالة بمتناول الجميع. 
 
• القيادة أي الرؤية والقرار المسؤول والمظلة الجامعة، وهذا ليس بشعر أو فصحى، بل أسس لا يصاغ حكم ومواطنة وديمقراطية من دون التأسيس لها. 
الخيار اليوم، هو في التوجه إلى تبني هذه المحاور الإنقاذية لبناء الدولة على أسس القيادة الجامعة والعدالة الدامجة والأمن الشامل.
 
كفانا الرقص في حفلة تلوين الانتصارات وتراشق الاتهامات... فمهما كانت المحاور، وحزبي أو حزبك أفضل؟ فالأكيد أن الوطن حياة وقضية ولا يمكن أن يبقى ساحة وبندقية. 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم