الأربعاء - 01 أيار 2024

إعلان

اللاجئون الأفارقة بين مطرقة الاعتقال التعسفي وسندان الوضع القانوني

المصدر: "النهار"
من اعتصام للاجئين.
من اعتصام للاجئين.
A+ A-

عبدالباقي عثمان عبدالباقي السوداني


إن السبب الأكبر للانتهاكات والمشكلات التي يعاني منها اللاجئ وطالب اللجوء في لبنان هو اعتباره مقيماً غير شرعي في لبنان. بناءً على ذلك، يتمّ توقيفه بحجّة عدم حصوله على أوراق إقامة شرعيّة، ويعقب ذلك اعتقال تعسفيّ طويل المدى، ثمّ ترحيله قسراً إلى دولته التي قد يتعرّض فيها للاعتقال والتعذيب أو للقتل، في مخالفة واضحة للقانون الدولي الإنساني والدستور اللبناني.

ينصّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي أقرّته الأمم المتحدة، على الحظر المطلق للتقييد التعسفيّ لحريّات الأفراد في المادة التاسعة تحت نصّ "لا يجوز القبض على أيّ إنسان أو حجزه أو نفيه تعسّفاً". وكذلك تنصّ المادة 9 (1) من العهد الدولي الخاصّ بالحقوق المدنية والسياسة على أن "لكلّ فرد الحقّ في الحرية والأمان على شخصه، ولا يجوز إخضاع أحد للقبض أو الاحتجاز التعسفيّ، ولا يجوز حرمان أحد من حريته، إلا لأسباب قانونيّة، وفقاً للإجراءات التي ينصّ عليها القانون".
ومجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أسّس الفريق العامل المعنيّ بالاحتجاز التعسفيّ وفق القرار ذي الرقم 1991-1942.
ويُعرّف الاعتقال التعسفيّ بأنه اعتقال الأشخاص من دون سبب مشروع أو مسوّغ قانونيّ.

وتحاول الدولة اللبنانية تقليل عدد المهاجرين غير الشرعيين بتخويفهم من خطر الاعتقال التعسفيّ لفترات طويلة، ممّا يدفعهم إلى التفكير في السّفر إلى دول أخرى أقلّ تشدّداً. وقد اعتبر القضاء اللبناني هذه الممارسة مخالفة صريحة للقانون الدولي والقانون اللبناني، وأصدر أكثر من 17 قراراً أدان الدولة بالتعدّي على الحريّة الشخصيّة في 2009 و2010.

إن اعتبار اللاجئ، وطالب اللجوء مقيماً غير شرعيّ ينجم عنه كثير من الإشكاليّات، منها تعرّضه للاستغلال من أصحاب الأعمال، والسخرة، والعمل القسريّ، والاستعباد المغلّف في عصرنا الحالي، إلى خطر تعرّضه للسجن عند وقوع أيّ مشكلة، فيواجه الاعتقال أو الترحيل من دون وجه حق، علماً بأن هذه الممارسات بحقه قد تكون ذات انعكاسات سلبيّة ونفسيّة، وتساهم في تشرّد أسرته وتفكّك عائلته.

عدم حصول اللاجئ على حقه من الاستظلال بالقانون، واللجوء إلى الشرطة، وتقديم شكوى في حالة تعرّضه لاعتداء أو سرقة، أو عنف مجتمعيّ على أساس اللون والعرق والعنصر، أو استغلال من قبل صاحب العمل، يزيد من خطر إصابته بالأمراض النفسية والعقليّة، وقد يدفع البعض إلى استخدام العنف للدّفاع عن أنفسهم، أو لأخذ حقوقهم، ممّا يعرّضهم للمساءلة القانونية.

حلّ هذه المشكلة يتمّ بإعادة إصدار تصاريح تجوال للّاجئين وطالبي اللجوء التزاماً بنصّ مذكّرة التفاهم الموقّعة بين الأمن العام اللبناني والمكتب الإقليمي لمفوضيّة شؤون اللاجئين، أو تنفيذ توصيات لجنة حقوق الإنسان في البرلمان اللبناني، بخصوص حقوق اللاجئين غير الفلسطينيين، بإصدار إقامات شرعيّة للّاجئين وطالبي اللجوء، أو إصدار قرار بعدم اعتقال وترحيل اللاجئ وطالب اللجوء، وحقههم في اللجوء إلى أقسام الشرطة لطلب الحماية والتشكّي والتظلّم، كما وجب على الحكومة اللبنانية زيادة الضغط على المفوضيّة لتسريع عمليّة تسفير اللاجئين إلى بلاد التوطين.

ملاحظة: اللاجئ السوري يُمكنه استخراج إقامة من خلال وثيقة اللجوء لكن اللاجئ الأفريقي لا يملك هذا الحق.
ظلّ اللاجئون السودانيّون يعانون من هذه الأزمة لسنوات؛ ومنذ شهرين أضرب قرابة اثنين وسبعين لاجئاً في داخل نظارات الأمن العام مطالبين بحقهم في الحريّة؛ وبالأمس خرج آخر محبوس منهم لينعم بحقه في الحريّة.

اللاجئ هرب من بلاده طلباً للحياة الكريمة والآمنة، وعدم حصوله على الحق القانونيّ يصادر منه هذه الحياة ويجعله عرضه للانتهاكات والاستغلال!

"افتح بيبان قلبك، واعرفني أنا إنسان. ذيك أنت #مافيش فرق بين حلمي وحلمك انت".
 
- *صحافي وناشط حقوقي- مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان- مشرف تجمع اللاجئين الأفارقة في لبنان
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم