الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

نوم الهنا!

المصدر: "النهار"
ديما عبد الكريم
ديما عبد الكريم
طوابير الذل أمام محطات الوقود (حسام شبارو).
طوابير الذل أمام محطات الوقود (حسام شبارو).
A+ A-
في مدينة احتضنت أحلامنا التي رسمناها على الجدران ذات يوم من أيام ثورة تشرين، تقف طوابير السيارات أمام محطات الوقود ليلاً ونهاراً، شبابيك المنازل معتمةً، عيون المارّة مليئة بالبؤس والصمت المطبق والإحباط. أفعلاً مرّت ثورتنا من هنا؟

أن نتأقلم مع الوقت، نخفّف مشاويرنا، بكرا الناس بيتعوّدوا، ما حدا رح يجوع، المقتدر يدفع ثمن التنكة وغير المقتدر "يستعمل شي تاني"، تصريحات كلّها "مطمئنة" جرّدتنا من إرادة المواجهة.

هي عبارات ارتجالية لم تأتِ لا من دراسات ولا من هندسات ولا من خطط، بل من واقع أثبت لهذه الطبقة الحاكمة أنّنا شعب قابل للاستغباء، يغرق بشبر طائفيّة، ويعوم على شبر تحريض.
 
شعب نائم بعيون مفتّحة، أصوات عالية النبرة على مواقع التواصل فقط ولكن لا يسمعها أحد. لم نفعل إلا البكاء والغناء والهتافات والانقسامات، كالدمى المتحرّكة نتحرّك وكما يُراد لنا أن نتحرّك. نصرّ على قتل أنفسنا، فأنفاسنا لفظناها على أبواب الأفران والصيدليات ومحطات البنزين مسلّمين للمأساة.
 

نستيقظ، نحتسي همومنا اليومية، ننتظر الأخبار العاجلة، قفزة جديدة للدولار، تأليف أو اعتذار، موعد وصول باخرة فيول من هنا أو هناك، لوائح جديدة للأسعار، ننتظر رفع الدعم عن صمت شعب لا يستحق إلا أن يبكي عليه أحدٌ يقف على عتبة موت كرامته.

إنّه زمن النائمين، والنوم أكثر بشاعة من الموت، فهو حوّلنا إلى أصنام تجاوزتها الحياة منذ زمن وسيلعنها التاريخ حتماً.
 
 
أيّها النائمون!

 ما ذنب الطفلة جوري حتى تموت بسبب عدم توافر الداوء اللازم لخفض حرارتها؟ ما ذنب والدها حتى يحملها ملفوفة بالكفن؟ 

ما ذنب الطفلة زهراء حتى تسرقها لدغة عقرب أثناء لعبها بعدما تعذر تأمين الترياق؟ 

ما ذنب ذلك الطفل في طرابلس ليموت بسبب عدم وجود كهرباء لماكينة الأوكسجين؟ 
 أيّها النائمون!

 أما شبعتم نوماً؟ 

ألا تخشون ثمن السكوت هذا؟ 

أيّها النائمون!

أنتم من شعبٍ كثيرون منه على شاكلة حكّامه. 
مبارك لنا انهيارنا، وليبقَ العهد، ومن معه، ومن ضدّه قويّاً!
 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم