الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الحرب لم تنتهِ والحياة لم تبدأ... هل نجرؤ على الاعتراف؟

المصدر: النهار
ديما عبد الكريم
ديما عبد الكريم
خلال الأحداث المرعبة.
خلال الأحداث المرعبة.
A+ A-
حملت إحدى السيدات الورود ووزعتها على المشاركات، وأخرى حملت مكبّر الصوت وهتفت وردّت النساء وراءها: "ما بدنا طائفية، بدنا وحدة وطنية، لا للحرب الأهلية".
 
وسارت الأمهات وهنّ يناشدن للانضمام إليهن. وعلا التصفيق بين المواطنين المتجهمرين على طرفي الطريق وبدأ نثر الأرز من على شرفات المنازل، وعلت الزغاريد، وانهمرت الدموع وراح الجميع يعانقون بعضهم. 
 
سيناريو اعتدنا أن نشاهده، ولكنّ ليته لا يتكرّر هذه المرّة! 
 
فلا معنى لأن نروي ما حصل اليوم، ولا فائدة من أن نصف هول مسلسل قتل بدأ في السبعينيات وما يزال يسحق بلداً بأكمله.
 
فـ"الآخر" هو "الآخر"، ومعظمنا لا يزال يستسهل فكرة الاقتتال لمجرّد إفراغ "الغلّ" في هذا "الآخر"، والمؤسف أنّ هذا "الآخر" يشبهه حدّ التماهي، فهو شريكه في المعاناة.
 
كلاهما ينتظر ساعة من الكهرباء ليستحمّ ويشحن هاتفه فقط، وكلاهما يراقب سعر صرف الدولار لستر حاجاته، وكلاهما وقف في طوابير الذلّ.
 
يوم دام، مشاهد تناقلتها هواتف اللبنانيين أعادت لحظات قاتمة شهدها لبنان منذ سنوات، ومن لم يكن قد ولد في تلك السنوات، لحسن حظّه، فقد أتاحت له أحداث اليوم مشاهدة ما لم يعشه.
 
غموض يلّف مشهداً واضحاً، رصاص قنص وضحايا وجرحى ونزول إلى الملاجئ مترافق مع اقتتال على هوية مطلقي النار! ولكن، يبدو أن صوت النار هذا لم يعد يخيف أحداً، وأضحى مجرد إيقاع! 
 
فيلم أدمنّا حبكته السخيفة، وما زلنا نركض لاهثين خلف ممثليه، غير آبهين بالخراب، مشاهد لا تزال تفتك بنا، ولم ينج منّها إلّا الحيّ الميّت!
 
منظومة متكاملة من الممثلين. كفاكم استخفافاً بعقولنا. نحن نبكي اليوم على حالنا وعلى البلد، يخاف بعضنا من البعض الآخر، نحاف من المجهول، من الخطر، لبِسنا الخوف وتملّكنا، وحلّت المصيبة فوق رؤوسنا.
 
لا، الحرب لم تنته والحياة لم تبدأ بعد، متى سنجرؤ على الاعتراف؟
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم