الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

بين مسبار الأمل ومسمار الفشل

المصدر: النهار
رنا الحجيري
مسبار الأمل.
مسبار الأمل.
A+ A-
مبروك #مسبار_الأمل "رفعت الإمارات رأس العرب..."
العرب والعروبة، تلك المتلازمة والمسار الطويل من امتداد اللغة وقدسية الجغرافيا وعلى مساحة التاريخ... من ممالك سبأ والأنباط، والجاهلية إلى الإسلام فالفتوحات، فالحملات فالإمبراطوريات، فالإمبرياليات، فوعد بلفور وسايكس-بيكو، والكثير الكثير من النكبات والاستعمار والاحتلال والديكتاتوريات، والثورات والحركات، واكبتها الناصرية واليسارية والأصولية وو...!!

وفي كل هذا، كنّا نبحث عن وجودنا، نعيش في تاريخنا، في ثوراتنا، في هتافاتنا، في انتفاضتنا ضد القهر، ضد المظالم والظلام، نبحث عن طريقٍ سُرِق منّا، من شبابنا العربيّ، من طاقاتنا الشابة، من مستقبلنا المسلوب على أيادي الدكتاتوريات وغوغائية الأجندات، وسموم العقائدية.

ومن محطة وخيبة إلى أخرى، صممنا أن نثأر لكرامتنا، أن ننهض بعدما ثكلتنا المصيبة وجارتها، نستنهض الهمّم، إلى من صنع العلوم وأطلق الأبجدية، إلى بناة النهضة العربية، إلى عظمائنا الذين حفظناهم وعِدنا وزدنا فيهم تفنيداً في الإعدادية! عن ملحمةِ القيم، وشرقية الهمم، لأرضنا المحروقة وأحلامنا المسروقة.

ومع #مسبار_الأمل جاء ذلك الصوت في داخلنا ينادينا، يشدُ على أيادينا، يستشرف من عروبتنا، يؤكد أننا في محاولة الفصل والشرذمة واللغط، ما نحنُ إلا في انقلاب على حالنا، ليذكرنا بنكباتنا، بانهيار دويلاتنا، بسيطرة خفافيش الفساد والمحسوبيات ودويلات الطوائف على مقتدراتنا، بنهب تميزنا، بقتل لبناننا، وبتر تاريخنا، وتحريف واقعنا لفرض واقعٍ لا يعرفنا.

ونحن في مصابنا الجلّل بين الضياع والتعنت والمماطلة وفي تدمير ممنهج وفي جحيمِ الحدث.

تطل علينا الإمارات وإمارة دبي في عامها الخمسين، لتتوج الانتصار لدولة قوية موحدة ذات رؤية تنموية، مسخرة للعلم والابتكار والتطور، معلنة أنها موطن للعلم والفرادة، فاتحة أبوابها لأصحاب التميّز والأدمغة والعلماء.

وبينما لامست أحلامهم المريخ، ما زلنا في نفس ما تعودنا عليه، بخٍ بخٍ، نمتهن سياسية النخاسة "وعلى مين يشتري، مين يشيل"، نرقص في قعر الهاوية ونسير من دون هوادة، في وداعٍ أخير لموطن العلم والفرادة، في إصرارٍ مبين لهتك ما تبقى من تاريخنا، من ثقافتنا، من تنوعنا، من ديمقراطيتنا، من أدمغتنا، من أقلامنا ومفكرينا.

نودع الواحد تلوَ الآخر إما قتلاً لانه أزعجنا، أو خالفنا أو لا يشبهنا، أو في تطفيش خيرة كوادرنا وطاقاتنا عبر ترويع فينا كل مسبارٍ للأمل.

وفي كل هذا لم يبقَ لنا من المسبار في جغرافيا 10452 كم2 إلا مسمار يدق في نعشنا الأخير، الفشل تلو الفشل.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم