الخميس - 09 أيار 2024

إعلان

حجارة وزيري الطاقة والشؤون... ما عدنا نحتمل هذه الخفّة!

المصدر: "النهار"
ديما عبد الكريم
ديما عبد الكريم
فياض وحجار يرميان الحجارة.
فياض وحجار يرميان الحجارة.
A+ A-
على قاعدة "الحكي ما عاد يقدّم ولا يأخّر"، بات من المعيب وغير المجدي أساساً، الحديث عن معاناة اللبنانيين من جرّاء انقطاع الكهرباء، ولا أدري كيف لا يزال يُطلق حتى يومنا هذا، مصطلح أزمة على قطاع "غير موجود"، إذ بات من الملحّ، حفاظاً على ماء الوجه، تعديل التسمية إلى وزارة "المولدات والطاقة الشمسية" على سبيل المثال.  
 
فمن منّا ما زال ينتظر "كهربا الدولة"؟ وحياتنا أصبحت مرهونة ببضعة أرقام موجودة على العدّادات التي تم تركيبها أخيراً في معظم المناطق، لنقيّم مدى استطاعتنا المتابعة حتى آخر الشهر. هذا عدا عن أنّ البعض ذهب إلى خيار الاقتراض من المصارف للتمكّن من تركيب ألواح الطاقة الشمسية، مع الأرقام الخياليّة التي سُجّلت ولتخفيف عبء الفواتير.  
 
أزمة انقطاع الكهرباء ليست الوحيدة التي ما تزال متربّعة على عرش الأزمات في السنوات الأخيرة، فالبلد بكل ما فيه غارق في تردّي الأوضاع المعيشية وسط استسهال للتراشق بالمسؤوليات والشعب المستمرّ بالبحث عن "الطاسة الضايعة".   
 
أمس، بدعوة من وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد المرتضى، زار عدد من الوزراء الجنوب، "بهدف تسليط الضوء على روعة وغنى هذا الجزء الغالي من وطننا العزيز لبنان، وإشعار أهله، ولا سيما القاطنين فيه، بأنهم في صلب اهتمامات الحكومة اللبنانية". 
 
وخلال الجولة، وعلى وقع "اضرب والريح تصيح"، أظهر مقطع فيديو رمي كل من وزير الطاقة والمياه وليد فياض ووزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار الحجارة خلف السياج الحدوديّ، على الجانب الإسرائيلي، في موقف أرادا منه توجيه رسالة ما. ولدى مشاهدة الفيديو نسمع جملة "التكرار يعلّم الشطّار" حتى "يصيبها".  
 
كان يمكن أن يمرّ الحدث أمس مرور الكرام، واعتباره رسالة معنويّة أرادا إيصالها، ووضعه في إطار التعبير العفوي وعدم التوقف عنده أصلاً، بعيداً عن الغوص في الدلائل والرسائل وبعيداً عن الاصطفافات التي مللنا النقاشات حولها. إلا أنّ الرسالة الأهمّ التي وصلت كانت حول حجم التعامل بخفّة عند كلّ حدث ومع كلّ استحقاق. فكيف لوزير فشل في تأمين التغذية الكهربائية ولو لساعات معدودة فقط، وفشل في ردع أصحاب المولّدات عن جشعهم، وترك الناس غارقين في العتمة، ووقف موقف المتفرّج أمام حوادث السير من جرّاء عدم توفّر الإنارة، أن يقنعنا بأنّ التقصير الذي رافق تولّيه وزارة الطاقة يقلّ شراسةً عمّا فعلته إسرائيل بنا؟ وما نوع الاهتمام الذي أراد إظهاره للقاطنين في المنطقة من خلال المشاركة في تلك الزيارة وهو يعلم حجم المعاناة التي نتكبّدها من جرّاء انقطاع الكهرباء، وما نفع رشق العدوّ بالحجارة، بينما جلّ ما ترشقوننا به هو إهمالكم وتقصيركم والوعود التي ما نُفذ شيءٌ منّها؟ أيّ حجر أثقل يا معالي الوزير؟  
 
أمّا وزير الشؤون الذي دعانا في يوم من الأيام للتعامل بواقعية مع المستوى المعيشي الذي تدهور في البلاد والإحجام عن استخدام الحفاضات والمناديل الورقية والتكيّف مع وقائع طرأت على حياة كنّا نعيشها قبل عام 2019، ففشل في إصابة "الهدف" من المرة الأولى وحاول مراراً حتى "نجح"، وبدا في الفيديو ينفض يديه في دلالة على أنّه أتمّ المهمّة بنجاح! حقاً تفيد المحاولة يا معالي الوزير.   
 
في الخلاصة، وزيران ذهبا إلى الحدود مع العدوّ لرميه بالحجارة والنيران مشتعلة داخل حدودهما دون جهد مبين ومجدٍ لإطفائها. فالعداء يصلح أن يكون أيضاً لمن دمّر الوطن والمؤسّسات وسرق المودعين والمال العام، وكذلك دمّر التعليم والاقتصاد والطبابة وغيرها، هؤلاء هم الأعداء الحقيقيّون الذين دمّروا الوطن بأياديهم وعقولهم لا بالبارود والنار...
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم