انهيار العملة يلجمه الاستحقاق الرئاسي

الدكتور كمال ديبالآن وقد بات لبنان بأكمله بلداً منكوباً، ثمّة حاجة لوضع بعض النقاط على الحروف حول مصير العملة الوطنية ووهم المساعدات الخارجية، وعلاقتهما باستحقاق انتخاب رئيس للجمهورية. في تفسير انهيار العملة الوطنيةلقد انهارت الليرة اللبنانية من 1507 ليرات مقابل الدولار في تشرين الأول 2019 إلى 40 ألف ليرة مقابل الدولار في نهاية 2022، واستغرق هذا الانهيار ثلاث سنوات. وفي هذا الصدد، أنا ما زلتُ على قناعتي: أولاً، إنّ قيمة الدولار التي سبقت الأزمة (أي 1507 ليرات خلال الفترة 1997-2019) كانت أقل بكثير من سعره الحقيقي آنذاك وهو 5000 ليرة، ولذلك فقوة الليرة قبل 2019 كانت اعتباطية (ما يشرحُ جزئياً البحبوحة المزيّفة التي شعر بها اللبنانيون في تلك الفترة). وثانياً، إنّ ارتفاع الدولار تدريجاً من 1500 ليرة في خريف 2019 إلى 15 ألف ليرة في حزيران 2021 كان لأسبابٍ ماكرو اقتصادية هي هجرة الرساميل ووحش الغلاء (منذ انتفاضة تشرين الأول 2019)، وجائحة كورونا (ربيع 2020 إلى خريف 2021)، وانفجار مرفأ بيروت (في 4 آب 2020). وثالثاً، إنّ أي زيادة في سعر الدولار بعد حزيران 2021 سببها عدم الاستقرار السياسي. فالفترة من حزيران 2021 إلى كانون الأول 2022 لم تسجّل أي عامل ماكرو اقتصادي جديد، بل إنّ عدم الاستقرار السياسي هو الذي دفع الدولار إلى 40 ألفاً في نهاية 2022 (رغم موسم صيف 2022 السياسي واتفاق الترسيم البحري وتحويلات المغتربين)، وهو ما دفعه خلال أسابيع قليلة إلى 80 ألف ليرة (وهو سعر بلغه في 15 شباط الجاري). ولكي يعود الدولار إلى هامش 15-20 ألفاً، ثمّة حاجة ملحّة إلى استقرار سياسي. ولكنّه هامش لا يدوم بدون دخول الرساميل من خارج لبنان.في شرح ماهية الاستقرار السياسيإنّ تحقيق الاستقرار السياسي كفيل بوقف انهيار العملة. ولكن عن أي استقرار سياسي نتكلم هنا؟ لقد ذكرتُ في كتابي "هذا الجسر العتيق" (دار النهار بيروت) أنّ مؤتمر الطائف عام 1989 كرّس ولادة جمهورية ثانية للمسلمين فيها اليدُ العليا. ولكن هذه الجمهورية سقطت في تشرين الأول 2019، أي بعد ثلاثين عاماً من ولادتها، فيما عاشت الجمهورية...