الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الـBlack Friday في لبنان... حاجة تسويقية لا ربحية مع ارتفاع سعر الدولار

المصدر: النهار
فرح نصور
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
بدأ الترويج لتخفيضات الـblack friday في المحالّ والمواقع والمنصّات الإلكترونية في السنة الثانية على الأزمة. وقد طالت هذه التخفيضات قطاعات متنوِّعة من مراكز التجميل إلى مساحيق التجميل والألبسة والملابس الداخلية والمشروبات الروحية وغيرها، في ظلّ ركودٍ تضخّمي أثّر على حركة المبيع في الأسواق.
لكن السؤال الوجيه هو ما الذي دفع المؤسّسات إلى إقامة هذا الحدث في ظلّ التقلبات الكبيرة في أسعار الصرف؟ وهل يمكنها تسجيل أرباح؟
 
في التعريف، فإنّ حدث الـblack friday هو تقليد أميركي، وهو أكبر تخفيضات في العام تُقام في آخر يوم جمعة من شهر تشرين الثاني. وقد بدأ في عام 1952 في الولايات المتحدة الأميركية، ويلي عيد الشكر بيوم واحد، ويُعدّ افتتاحية لشهر تسوّق الأعياد.
 
 
Hi Cart
تغيُّر السوق عاماً بعد عام يجعل من إقامة أيّ حسومات مثل الـblack friday تحدّياً أكبر، بحسب مديرة التسويق في منصّة Hi Cart للتجارة الإلكترونية، نيكول حسني.
وفي حديثها لـ "النهار"، تشير إلى أنّ الحملات الكبرى للتخفيضات هي التي تدفع المبيعات إلى الأمام وتحرّك السوق بطريقة إيجابية، إذ يتشجّع الناس لأن يشتروا وينتظروها.
 
وفيما اعتادت المنصّة إقامة هذا الحدث، اختبرت تفاعل الناس المتوقَّع في حدث تخفيضات يوم 11 من الشهر الجاري، حيث "كان تجاوبهم كبيراً مع التخفيضات، وكانت المبيعات جيدة جداً لأنّ الناس ينتظرون هذه التخفيضات ليشتروا ما هم بحاجة إليه فقط وكان هذا الأمر تشجيعاً إضافياً لإقامة الـblack Friday".
 
أزمة البنزين أيضاً انعكست إيجاباً على التجارة الإلكترونية، بحيث يوفّر الناس من هذه الناحية، لكنّ هناك سلعاً يوصّلها المورّدون أنفسهم، وتختلف بذلك أسعار خدمة التوصيل.
 
وبما أنّ المنصّة تبيع ما تعرضه عندها العلامات التجارية، فهي غير مضطرّة إلى ملء مخازنها ببضائع لها. وفي هذا الإطار، لحظت المنصة أنّ السلع التي كان يستوردها المورّدون ويعرضونها لديها، اختلفت وانخفضت بسبب سعر صرف الدولار. فالمورِّد لا يخاطر بالبيع بخسارة. وتقول حسني إنّ "هناك علامات تجارية كبرى توقّفت عن البيع والعرض على المنصّة، ونلحظ كذلك بروزاً قويّاً للسلع المحلية بسبب سعرها الأرخص".
 
ويبدأ حدث التخفيضات الأكبر لدى المنصّة في 26 من الشهر الجاري ويمتدّ حتى يوم الثلاثاء صباحاً.
 
 
عبد طحّان
بالانتقال إلى مؤسّسة "عبد طحان" للأدوات الإلكترونية، بدأت بالتخفيضات منذ يوم 22 من الشهر الجاري، وستستمرّ إلى 28 منه. وهو ليس العام الأول للمؤسّسة في إقامة هذه التخفيضات.
 
ومع ارتفاع سعر الدولار وتفاقم الأزمة الاقتصادية، ارتأت المؤسسة إقامة الـ black friday "لأنّ الناس يثقون بحصولهم على تخفيضات حقيقية لدينا وينتظرون هذا الحدث للتسوّق بأرخص الأسعار"، هذا ما تؤكّده مديرة التسويق والتجارة الإلكترونية في "عبد طحان"، سميرة طحان لـ "النهار".
 
ويصادف هذا حدث التخفيضات الأكبر قبل عيد الميلاد، ويستفيد الناس منه لشراء هدايا العيد، بحسب طحان. لكن "إقبال الناس هذا العام أقلّ من العام الماضي لكنّه أفضل من الأيام العادية، فالناس يشترون ما هم بحاجة إليه فقط". وقد أعادت المؤسّسة تخزين البضاعة (restock) "بتحفّظ"، مع مراعاة عرض سلع مختلفة ترضي جميع الزبائن.
 

Ishtari
منصّة Ishtari للتجارة الإلكترونية، تشارك هذا العام أيضاً كما كل عام في حدث التخفيضات. وستبدأه يوم الجمعة في 26، و"يرتبط امتداده بسعر صرف الدولار، فإذا ما استقرّ، يستمرّ الحدث لأسبوع، أمّا إذا شهد تقلبات حادّة فسيتوقّف فوراً مراعاةً للشفافية في الأسعار"، بحسب مدير التسويق في Ishtari، محمد طالب.
 
ويؤكد طالب لـ "النهار"، أنّ القيّمين على المنصّة لم يتوقّفوا عن استيراد البضائع في ظلّ هذه الأوضاع وغامروا في هذا الإطار، "فالبضاعة اليوم في السوق قليلة ما قد يزيد من حجم المبيعات".
 
وعن الأرباح مع تقلّبات سعر الدولار في ظل الـblack friday، يلفت طالب إلى أنّ "المبيع في الأيام العادية مربح أكثر من أيام هذا الحدث، رغم حجم المبيع الأكبر خلاله، وتبقى الحاجة إلى إقامته تسويقية بحتة، وتهدف إلى تقوية الاسم في السوق الإلكترونية".
 
 
كيف يفسّر علم الاقتصاد هذه الظاهرة؟ وهل من أرباح فيها خلال الأزمة؟
في لبنان، انتشر هذا الحدث كموضة ليبدأ بيومٍ واحد، ويمتدّ لأيام وأسابيع عدة لتحريك المبيع بسبب الركود الاقتصادي الذي شهده لبنان في الأعوام الماضية. والانهيار الاقتصادي منذ 2019، أدّى إلى ما حذّر منه الخبراء الاقتصاديون قبل الأزمة، و"هو الركود التضخمي المتمثّل بحركة بيع ميتة وارتفاع كبير في الأسعار"، بحسب ما يتحدّث الأستاذ والباحث في الشؤون الاقتصادية، البرفسور روك-أنطوان مهنّا، لـ"النهار".
 
وبسبب هذا الركود، يشرح مهنّا أنّ المؤسّسات تلجأ إلى حدث مثل الـblack friday لتحريك العجلة التجارية. وحتى بالمخزون الموجود، انخفض المبيع بنسب كبيرة لديها، لكن تقلّبات سعر الصرف الحادّة تجعل الحاجات الأساسية، في ظل غياب المراقبة على الأسعار، خاضعة للاستغلال من قِبل التجار والمحتكرين.
 
وفي ظلّ اقتصاد احتكاري في لبنان، سيكون مفعول الـblack friday محدوداً جداً ولن يكون له دور سوى في التسويق للمؤسّسات. لكن هناك قطاعات ستستفيد من هذا الحدث أكثر من غيرها، وهي الحاجات غير الأساسية مثل الألبسة والألعاب والكماليات، وقد يساعدها هذا الحدث في زيادة أرقام مبيعاتها.
 
وعن تحريك السوق من جرّاء هذا الحدث، هناك عوامل عدّة وفق مهنّا تؤثّر في هذا الإطار. أوّلاً التنزيلات وحجم حدّتها وإلى أيّ مدى ستكون حقيقية وجدّية، فاستغلال سعر صرف الدولار قد يحدّ من التنزيلات الكبيرة لأنّ سعر الدولار يرتفع والحسومات تُطبَّق على الدولار، وتلقائياً سترتفع الأسعار، لكن الزبون لن يعرف هذه الأمور.
 
أمّا العنصر الثاني، فهو أرقام الزائرين الوافدين من الخارج والتحويلات بالدولار. لكن "قد نشهد تحريكاً خجولاً جداً للسوق خصوصاً مع تراجع القدرة الشرائية لدى اللبنانيين ومع ارتفاع أسعار السلع الأساسية".
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم