الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

قانون النقد والتسليف بين المزح والجدّ!

المصدر: "النهار"
مصرف لبنان.
مصرف لبنان.
A+ A-
محمد فحيلي / خبير المخاطر المصرفية والباحث في الاقتصاد

بينما كان نواب الأمة منشغلين بالتفصيل والخياطة على حجم مكاسبهم وطموحاتهم السياسية، انصرف مصرف لبنان الى إعادة كتابة قانون النقد والتسليف اللبناني بأحرف الأزمة النقدية والمالية والاقتصادية، بدليل بعض التعاميم الأساسية لمصرف لبنان التي ولدت من رحم الأزمات!
 
التواريخ والإجراءات المشار إليها والمدونة في هذه التعاميم الأساسية لمصرف لبنان تُشكّل المساحة والحدود التي يجب أن تُعتمد في أيّ خطة إنقاذ نقدي ومصرفي، ولكنها بعيدة جداً عن أيّ خطة إنقاذ اقتصادي أو/و مالي.
 
كل واحد من هذه التعاميم صدر بظروف وصياغة استثنائية، تبعد المسؤولية عن السلطة السياسية وتضع مصرف لبنان في المواجهة الذي لا يحسد عليها.
 
• التعميم 150، تاريخ 9 نيسان 2020، هو تاريخ ولادة حسابات "الدولار الفريش" التي أعادت روحاً للقطاع المصرفي كان قد فقدها بعد التعثر غير المنظم في 7 آذار 2020. ولإعطاء مصداقية إضافية لهذه الحسابات، بعد أن فقدت المصارف كل الثقة التي كانت تتمتع بها، توجب على كل مصرف وضع مؤنة 100 في المئة من أرصدة هذه الحسابات لدى المصارف المراسلة. ومن تداعيات هذا الانفراج كان الحكم بالإعدام على الدولارات والأرصدة بالعملة الأجنبية في الحسابات المكونة والإيداعات المتممة قبل هذا التاريخ.
 
• التعميم 151، تاريخ 21 نيسان 2020، هو تاريخ استدراك مصرف لبنان لخطورة التعميم 150 وولادة "الدولار المحلي"، الاسم المعتمد من قبل السلطة النقدية، وحدد المركزي سعر صرف استثنائيّ للسحوبات تحت أحكام هذا التعميم.
 
• التعميم 154، تاريخ 27 آب 2020، هو تاريخ ولادة خطة مصرف لبنان لإعادة هيكلة القطاع المصرفي والإضاءة على أمرين بغاية الأهمية: الـ 3 في المئة من أرصدة الحسابات المكونة بالعملة الأجنبية (أي الدولار المحلي وليس الدولار الفريش) النظيفة التي يتوجب على المصارف التجارية في لبنان تأمينها وإيداعها لدى المصارف المراسلة؛ والأمر الآخر هو إعادة بين 15 في المئة، للأفراد، و30 في المئة، لكبار المساهمين والـPEPs، من الأموال المحوّلة الى الخارج والتي نفذت منذ تموز 2020 وتفوق الـ 500000 دولار، والتهديد بمحاكمة من لا يلتزم بهذه الطلبات تحت أحكام قانون محاربة تبييض الأموال رقم 2015/44.
 
• التعميم 157، تاريخ 10 أيار 2021، هو تاريخ تأسيس، وليس إطلاق العمل بمنصة صيرفة. وحتى تاريخه، لم يشرح مصرف لبنان الأسباب الموجبة وراء إلزام جميع المصارف العاملة في لبنان التسجيل على المنصة والخضوع لدورات تدريبية على تقنيات العمل على المنصة، ولكن ترك لكلّ مصرف حرية التداول عليها.
 
• التعميم 158، تاريخ 8 حزيران 2021. إنه القرار الأول الذي هدف، مع سابق إصرار وتصميم، إلى رسم حدود الودائع المؤهلة وخصصها بقسط من الدولارات الفريش، والودائع غير المؤهلة أبقاها تحت الإقامة الجبرية في الحسابات المصرفية تواجه مصير الاستبعاد النقدي.
 
• التعميم 161، تاريخ 16 كانون أول 2021، هو التعميم الذي عدل أهداف منصة صيرفة وفعّل العمل بها، ومن أهم ما فيه هو صرف رواتب وأجور القطاع العام على سعر صرف مدعوم، ويعمل به فقط لمدة شهر قابلة للتعديل بأحكامه، تجديد العمل بها، أو  الإلغاء.
 
ذهب مصرف لبنان في هذه التعاميم الأساسية حيث لن ولم تجرؤ السلطة السياسية الحاكمة والمتحكمة: حدّد المجلس المركزي لمصرف لبنان الودائع المؤهلة وغير المؤهلة؛ حدّد عدداً من أسعار الصرف التي تستعمل في المعاملات الرسمية والسحوبات الاستثنائية من الودائع المعنونة بالعملة الأجنبية؛ حدّد حدوداً للسحب من الحسابات المكونة بالعملة الأجنبية؛ ابتكر عملة جديدة أطلق عليها اسم "الدولار المحلي" وأعطى للمجلس المركزي لمصرف لبنان صلاحية مطلقة في تحديد سعر هذا الدولار وكيفية التعامل به في السحوبات والدفع؛ غضّ النظر عن ارتكابات المصارف التي تنتهك قانون النقد والتسليف وكانت دائماً تدّعي الالتزام بتعاميم مصرف لبنان، وكأنّ هذه المصارف تلتزم اليوم بقانون جديد للنقد والتسليف.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم