الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

بالصور- أجواء متاجر الألعاب والهدايا في نهاية الأسبوع التي تسبق ليلة العيد... وجوه عابسة وغصّة

المصدر: "النهار"
كميل بو روفايل
كميل بو روفايل
"كان بابا نويل يستقبلك على الباب، أصبح بابا نويل هو نفسه من ينظم الحركة أمام المحل" (مارك فياض).
"كان بابا نويل يستقبلك على الباب، أصبح بابا نويل هو نفسه من ينظم الحركة أمام المحل" (مارك فياض).
A+ A-
أكثر ما يفرح قلب الطفل في فترة الأعياد هذه، هو أن ينزع الغلاف عن هدية ملوّنة تشعره بجو الميلاد. لكنّ الأزمة الاقتصادية، الناتجة من التدهور الجنوني لسعر صرف الليرة مقابل الدّولار، أدّت إلى ارتفاع أسعار السّلع بشكلٍ كبيرٍ، ومنها ما ارتفع بنسبة 233.3 في المئة.
 
وأمام هذا التّضخم، وفي ظلّ انخفاض القدرة الشرائية المترافقة مع التسريح أو الحسم من الراتب، وغيرها من الويلات، التي يعيشها اللبناني نسأل: كيف سيحتفل أبناء الطبقة المتوسطة التي اندثرت والطبقة الفقيرة التي ازدادت فقراً، بعيدي الميلاد ورأس السنة هذا العام؟ وأي هدايا سيتبادلون؟
 
(تصوير مارك فياض).
 
أكّد مدير أحد متاجر هدايا الأولاد التي كانت تقصدها الطبقة المتوسطة سابقاً والفقيرة حالياً، والذي فضّل عدم ذكر اسم متجره، إنّ المبيعات انخفضت ما بين العام الماضي والآن بما يقارب الـ50 في المئة. ويذكر أن السنة المنصرمة انتهت في ظل أوضاع متشنجة وبداية تدهور لسعر الصرف، وكلّها عوامل لعبت دورها السلبي على شركته.
 


في حين كانت تشكّل الهدايا المعروفة أنها "ماركة"، أي ذات جودة عالية، 75 في المئة من عرضه، باتت السنة تشكل 25 في المئة فقط. وأضاف المدير أن الأرباح التي كانت تقدر السنة الماضية بنسبة 15 في المئة لم تعد موجودة اليوم. فالهدف لم يعد تحقيق الأرباح، إنما تصريف المخزون، ودفع الرواتب والايجارات، للحد قدر الإمكان من الخسارة. وأكثر ما يفاجئك لدى دخول المتجر، الرفوف التي يعرض عليها، صاحب متجر الهدايا، والمواد الغذائية، والهدف منها إدخال سيولة يومية إلى المتجر.
 
 
كان بابا نويل يستقبلك  على الباب، أصبح بابا نويل هو نفسه من ينظم حركة السير أمام المحل. صحيح أننا يوم السبت 19 كانون الأول، وقبل 5 أيام من ليلة عيد الميلاد، إلاّ أن الحركة قليلة أمام المتجر، وأعداد الأشخاص الذين خرجوا مع أكياس لا تتجاوز عدد أصابع اليد. أمّا الزبائن داخل المتجر، فعددهم قليل.
 


أضاف المدير إنّ الحركة لم تتوقف بشكلٍ كامل، وذلك لأنه يراعي الزبائن بالأسعار ليحافظ عليهم، وأسعار السلع أقل من الكلفة، ورغم ذلك الطلب يتراجع.

داخل المتجر الوجوه عابسة، وغالبية الزبائن فضلت عدم التعليق، لا أجواء ميلادية، والأطفال لا يقفزون أمام الهدايا والألعاب، وكأنهم يراعون مشاعر أهاليهم العاجزين عن تلبية رغباتهم. علّقت إحدى السّيدات إنّ قدرتها على شراء الهدايا للأقارب أمست معدومة، فهي ستشتري الهدايا لأطفالها الصغار دون الكبار، فقط لتشعرهم بجو العيد. لا ثورة في عيون الأهل إنما قلق وحزن على أولادهم.
 
من جهة أخرى، قالت أم لثلاثة أولاد لـ"النهار" إنّها كانت تشتري سابقاً هدايا لأولادها، وأطفال أختها وأخيها، بالإضافة لابن جارتها الذي تحبه كثيراً، أمّا في هذا العيد، فلن تُهدي أحداً، حتى أولادها، لأنّ راتب الشهر الماضي "طار"، وفق تعبيرها، وراتب كانون الأول "عليه خطر".

وتنهّدت سيّدة سبعينية قائلةً: "كنت أخصص 500 ألف من راتبي التقاعدي لأُهدي أحفادي الأربعة ليلة عيد الميلاد، أمّا السنة، لم يعد يكفِ راتبي لشراء الحاجات الأساسية، لذلك اتفقنا جميعاً أن نستبدل الهدايا بفرحة جمعتنا سوياً".


 


وفي مكان آخر معروف بالألعاب القيمة والغالية الثمن نسبياً "بالنسبة للطبقة الفقيرة"، المتجر فارغ تماماً من الزبائن، رغم أننا بعد ظهر السبت الذي يسبق ليلة العيد الخميس المقبل. والدمية التي كان سعرها في كانون الأول من العام الماضي 60 ألف ليرة، أصبحت اليوم بـ200 ألف ليرة، أمّا لعبة المطبخ التي كانت بـ100 ألف، فسعرها اليوم 500 ألف. هذه الأرقام ضخمة بالنسبة للعائلات التي تتقاضى رواتبها بالليرة. وبالنسبة لصاحب المتجر، فإن معظم الزبائن الذين كانوا يقصدونه من الطبقة الوسطى، منهم من خسر عمله، ومنهم من لديه مهنة حرّة، والمهن الحرّة في لبنان تعصف فيها الأزمة أيضاً.

أخبرنا صاحب هذا المتجر، إنّ رقم مبيعاته في اليوم الواحد في أعياد العام 2018، كان 10 آلاف دولار أميركي، وفي آخر إحصاء له تدهورت مبيعاته هذا العام 82 في المئة، وختم قائلاً: "من كانت تُعرف سابقاً بالطبقة الوسطى لم يعد بإمكانها زيارتنا".
هذا ما رأيناه في المتاجر، أما الموجود في المنازل فغير معروف، "للبيوت أسرار"، وكم من الأسرار تخفيها خلال هذا العام، من دمعةِ أمٍ حُرمت من شراء ثياب العيد لأولادها، ومن شجرة عيد لا يوجد تحتها سوى أكياس فارغة وكأنها ترمز إلى هدايا العيد، وكم من حسرةٍ في قلبِ آباءٍ وأمّهات تدهورت أعمالهم، وهوت معها مشاريعهم. هذه مواقف لا تقاس بالأرقام، لكن انعكاساتها الاجتماعية وخيمة. "عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ!"، وهل 2021 فيها تجديد؟
 
هذه المعطيات أتت لتؤكد ما كشفت عنه دراسة أعدتها لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا (إسكوا) عن تضاعف نسبة الفقراء من سكان لبنان لتصل إلى 55% عام 2020، بعد أن كانت 28% في 2019، فضلاً عن ارتفاع نسبة الذين يعانون من الفقر المدقع بـ3 أضعاف من 8 إلى 23% خلال الفترة نفسها.
 
 
 
في متجر للهدايا والألعاب، يوم السبت 19 كانون الأول، وقبل العيد بـ5 أيّام، الحركة قليلة. (جميع الصور تعبيرية من متجر آخر - تصوير مارك فياض).
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم