السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

أجبان ومنتجات أجنبية "صُنع في لبنان"... ابتكار حرفي في إنتاج "الأخضر واليابس" يحلّ بديلاً عن المستورَد

المصدر: النهار
فرح نصور
متجر "الأخضر واليابس".
متجر "الأخضر واليابس".
A+ A-
 عندما يمتهن اللبناني حرفة أو مهنة يبرع فيها، وإن كانت لا تشبه هُويته. هو قادر على منافسة منتجات أجنبية الأساس، لبنانية التصنيع. فالتجربة أثبتت هذه الفكرة في مهن ومجالات عديدة، آخرها مشروع "الأخضر واليابس" الفريد من نوعه في لبنان، الذي يُشبه بكل تفاصيله متاجر الحِرف الأجنبيّة المنتِجة للموادّ الغذائية.
 
المكان الكائن في سن الفيل يُعدّ مشروعاً متكاملاً من زراعة وإنتاج يدويّ وابتكار في صناعة الأغذية، وشكّل بديلاً لمنتجات عديدة لم تَعُد بمتناول اللبنانيين، بسبب الأزمة. وفّر أصحاب المشروع تلك المنتجات للمستهلكين اللبنانيين بشغف وإيمانهم بأنّ مستقبل لبنان لن يقوم سوى بالإنتاج، لا سيما في المجال الزراعيّ والتصنيع.
 
 
المشروع بدأ في شباط 2020. كان نبيل خوري، الشريك المؤسِّس في مشروع "الأخضر واليابس"، يعتزم فتح مشروعه على أبواب انتفاضة 17 تشرين. مشروع يشبه حياته وحياة أخيه داني في ابتكار الأغذية، خصوصاً الخبز الفرنسيّ والأجبان الأجنبية، إلى جانب منتجات يدوية لبنانية، ممّا يمثّل جزئياً العودة إلى الطبيعة والرّيف بأسلوب عصريّ.
 
واجه المشروع تحدّيات كبيرة، منها تحرّكات 17 تشرين وما تلاها من صعوبة في استئناف تجهيز المتجر، وبعدها انتشار كورونا، عندما أقفل المحلّ أبوابه، وسُرق بعد ثلاثة أسابيع. لكن هذه العوامل لم تؤثر على عزيمه خوري، الذي يقول مؤكّداً "كنّا مصرّين على إنجاز هذا المشروع مهما كلّف الأمر، وبالرغم من جميع التحدّيات، فهو مشروعنا الأول والأوحد".
 
 
اجتهد الأخوان خوري ليُصبح مشروعهما المقصد الأوّل لمنتجات الأغذية الأجنبيّة المصنوعة في لبنان، والتي شكّلت بديلاً عن المستورَد منها. فحتى متجره "الأخضر واليابس" يشبه بروحيّته وديكوراته محلات الأجبان ودكاكين السمانة الفرنسيّة، ويأخذك في تجربة تذوّق فريدة.
 
كان التعويض عن المنتجات الأجنبية، لاسيما الأجبان الفرنسية، هو الهدف الأساس من المشروع حتى قبل الأزمة، "لاعتقادنا بأنّ الموادّ الأوليّة الموجودة في لبنان هي أكفأ بكثير من الموادّ الأوليّة الموجودة في أوروبا. ومن هذا المنطلق، قرّرنا تصنيع المنتجات التي تحلّ محلّ المنتجات الأوروبية، مثل الأجبان والخلطات والبيستو على أنواعها"، يقول نبيل لـ"النهار". فكرة المتجر تمثّل أسلوب حياة يعتمده نبيل وأخوه في محيطه، ورغب في مشاركته الناس. فقد عاش نبيل في أوروبا لأكثر من 25 عاماً، تعلّم خلالها أصول العمل وإنتاج جميع هذه الأصناف، والتحق بورش عمل عديدة وتدريبات، وتعلّم بالبحث والتطوير الذاتي. وبالخبرة، استطاع فهم علوم الغذاء، و"تعلّمت من أخطائي ومن هذه التجارب قبل أن أقرّر فتح مشروعي الخاصّ".
 
 
ينتج المشروع جميع الأطايب المحلية والأجنبية بجودة عالية، منها 36 نوعاً من الأجبان الإيطالية والفرنسية والهولندية والإنكليزية بكفاءة عالية ومواصفات أوروبية، لاعتماده على حليب الماشية التي ترعى وحدها؛ وبذلك يكون حليبها أفضل بكثير من حليب المزارع. كذلك يوفّر المتجر الزيوت الأساسية والمشروبات الكحوليّة وغير الكحوليّة، ومحسّنات الطعم، والبهارات، اليدوية الصنع طبعاً.
 
هو مشروع متكامِل يمتدّ إلى مختلف المناطق الريفية جنوباً وشمالاً، من مَزارعَ في بشري وحمانا وبسكنتا وبعلبك وعين زحلتا وباتر وغيرها، حيث يزرع آل خوري منتجاتهم الزراعية العضوية لتكون الموادّ الأساسية في تحضير المنتجات والخلطات. لذلك، فإنّ جميع منتجات خوري هي عضوية بمعظمها، وما ينقصهم من موادّ يتزوّدون بها من مزارعين شركاء لهم، لا سيما الفاكهة.
 
 
وبحسب نبيل، وهو مبتكِر ومنتِج جميع الأصناف والمنتجات في المحل، يتميّز عملهم بإنتاج موادّ فريدة لا يُشاركهم فيها أحدٌ في لبنان، لكونها بديلة عن منتجات أجنبية لطالما استوردتها السوق اللبنانية، "فحالياً، بعد الأزمة، حاول الكثيرون إنتاج أصناف بديلة عن الأصناف المستورَدة "لكنّنا نتفرّد بأصناف لا ينتجها أحد في لبنان، أو استطاع إنتاجها مثل بعض الأجبان المعتّقة مثلاً". فهي تتطلّب خبرة طويلة وقراراً استراتيجيّاً من صاحب أيّ مشروع، لأن "تعتيق الأجبان يعني حفظ المال في قالب الجبنة لمدّة سنة أو سنتين".
 
لكن خوري يعاني كسواه من المنتجين تحدّيات جمّة، على رأسها الكهرباء وتكلفتها الباهظة، التي تشكّل عصب عمله، سواء للتبريد أو للإنتاج أو للحفظ، إضافة إلى غياب اليد العاملة المحترِفة في السوق اللبنانية، فمعظما قد هاجر.
 
 
نجح نبيل في تطوير المنتجات الغذائية وابتكارها، حتى بات يستقبل اليوم في مطبخ متجره طلاباً من الجامعات، يدرسون علوم الغذاء، ويُسعدون لتعلّمهم أموراً لا يرونها في الجامعة.
 
في الوقت الراهن، تُباع منتجات المتجر في أكثر من 25 نقطة بيع في لبنان. ويتزوّد ما يفوق الـ20 مطعماً من منتجات خوري بطلبيّات كبيرة، بالرغم من أنه لا يتمكّن دائماً من تلبيتها. لذلك، هو الآن في صدد توسيع مشروعه.
 
 
 
 
 
 
 
 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم