الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

لبنان إلى خريطة المسار الفينيقي... ما الفائدة التي يجنيها البلد المنهار اقتصادياً؟

المصدر: "النهار"
فرح نصور
تعبيرية (من الأرشيف)
تعبيرية (من الأرشيف)
A+ A-
في إطار ما تقوم به وزارة السياحة لتنشيط القطاع السياحي في لبنان، لا سيّما في ظلّ الأزمتين الاقتصادية والصحيّة اللتين ضربتاه بشكلٍ كبير، ستنضمّ مدينتا صور وجبيل، مع انضمام لبنان في الأوّل من شهر كانون الثاني 2022، إلى الجمعية العالمية La Rotta Dei Fenici التي تُعنى بالطريق الفنيقيّة الممتَدةّ في عدد من الدول. فصُور وجبيل متشابهتان، وهناك قاسم مشترك يربط بينهما، لا سيما لجهة الثقافة والآثار والتاريخ، وموقع المدينتين على البحر.

ماذا يعني أن ينضمّ لبنان ومدنه إلى المسار الفينيقيّ العالمي؟ وكيف يعزّز هذا الانتماء الاقتصاد السياحيّ في لبنان؟

الجمعية العالمية التي تتّخذ من إيطاليا مركزاً لها، لا تُعنى فقط بالطريق الفينيقية، إنّما أيضاً بالحضارات القديمة في الشرق الأوسط (45 طريقاً)، في إطار برنامج الطريق الثقافية لمجلس أوروبا. وهي جميعها طرق تُعنى بالسياحة، وتمثّل دعوة للسفر واكتشاف التراث الغنيّ والمتنوِّع لأوروبا ودول أخرى، من خلال الجمع بين الناس والأماكن في شبكات من التاريخ والتراث المشترك.
ويتألّف المسار الفينيقيّ (بحسب الجمعية) من دول عدّة حول العالم تتشارك هذا التاريخ، هي: ألبانيا، بلجيكا، كرواتيا، قبرص، فرنسا، اليونان، إيطاليا، لبنان، مالطا، إسبانيا، وتونس.

لم يكن لبنان عضواً في هذه الجمعية، بالرغم من مشاركة بعض المدن والبلدات فيها، مثل جبيل وصور. ولتفعيل هذه المشاركة على صعيد رسمي، يقول وزير السياحة، وليد نصّار، في حديث لـ "النهار" أنّ "لبنان الرسميّ انتسب إلى هذه الجمعية ليكون في الأوّل من الشهر المقبل عضواً رسمياً فيها".

كيف يستفيد لبنان من هذا الانتساب؟


عن إيجابيات هذا الانتساب، يشرح نصّار بأنّ لبنان يُمكن أن يستفيد من نشاطات سياحية لا تُعدّ ولا تُحصى على مستوى العالم، وفي جميع مسارات الجمعية السياحية الثقافية، بفضل التعاون السياحي ما بين جميع البلدان الأعضاء".
 
ومع منسّقي الجولات السياحيّة العالميّة الضخمة في إطار هذا التعاون، يجول السّائح في البلدان المشارِكة في المسار الفينيقي، والآن، يُصبح لبنان جزءاً من هذا المسار ومن هذه الجولات، أي إنّ جميع السيّاح، الذين يهتمّون بالتاريخ والثقافة، سيجدون لبنان على خريطة المسارات السياحية التاريخية الثقافية. وبذلك، لن يكون لبنان مجرّد بلد بالنسبة إلى الأجانب، إنّما جزء أساسيّ من الجولة.
 
وتُتيح هذه الطرق الثقافية ثروة من الأنشطة الترفيهيّة والتعليميّة لجميع المواطنين في جميع أنحاء أوروبا وخارجها، وهي موارد أساسيّة للسياحة المسؤولة والتنمية المستدامة. وهي تغطّي مجموعة من الموضوعات المختلفة، من الهندسة المعمارية والمناظر الطبيعية إلى التأثيرات الدينية؛ ومن فن الطهو والتراث غير المادي إلى الشخصيّات الرئيسية في الفن والموسيقى والأدب الأوروبي.

لكن في ظلّ غياب الاستقرار والفوضى الحاصلة في لبنان، إلى أي مدى سيكون هذا الانتساب جاذباً للسيّاح؟ يرى نصار "إنّنا نؤسّس لمشاريع سياحة مستدامة للمستقبل، لا لمشاريع آنية. وصحيح أنّ الظرف الحالي في لبنان ليس مؤاتٍياً، إلّا أنّنا لا ننتظر من انتسابنا هذا تهافت السياح إلى لبنان، لكن علينا أن نبدأ من مكانٍ ما". بالتالي، لا شكّ في أنّ هذا المشروع سيكون جاذباً للسيّاح من العالم أجمع. ويستشهد نصّار بقدوم عدد كبير من السيّاح الأجانب من الدول الإسكندنافية إلى لبنان بالرغم من انتشار كورونا، بما أنّ السياحة في لبنان باتت رخيصة.

وخلال الأزمات يُمكن إيجاد الفرص. لذلك - وفق نصّار - "علينا خلق فرص الآن، والتواصل مع الجمعيات والمؤسّسات العالمية لنعيد الثقة بين لبنان والمجتمع الدولي، سواء أكان عربياً أم أوروبياً، إذ لا يُمكن بناء السياسة السياحية في لبنان على مبدأ الـfresh money من دون علاقات ديبلوماسية مع الدول العربية والأوروبية والعالم كلّه".
وعن إمكانية إدراج مدنٍ أخرى إلى جانب صور وجبيل، يؤكّد أن كلّ "منطقة ومدينة وبلدة تتضمن معالم سياحية أثرية فينيقية ستكون على هذه الخريطة. وقد قامت الجمعية في وقت سابق بأبحاث عن آثار لبنان الفينيقية. ومع انتساب لبنان إليها سيتشارك وإيّاها في إبراز مناطق لبنانية فينيقيّة منسيّة".

تسويق لبنان الفينيقي في الخارج يجذب السياح بالرغم من الأزمة

لا يخفى على أحد أن السياحة تتعلّق بشكلٍ أساسي بالأمن والاستقرار. وفي لبنان حالياً هذان العاملان غير موجودين. هذا ما يفيده رئيس اتحاد بلديات قضاء صور ورئيس بلدية صور المهندس حسن دبوق لـ"النهار". ففي لبنان لدينا جميع المقوّمات السياحية الجاذبة من تاريخ وثقافة وطبيعة وآثار، لكن الأمان غائب. لذلك، "حالياً تأثير انتساب صور ولبنان إلى هذه الجمعية محدود، بالرغم من إقبال السيّاح على لبنان، لكنّهم ليسوا بالعدد الكافي والمطلوب".
وتعدّ خطوة انضمام لبنان إلى الجمعية العالمية هو تسويق للبنان ولصورته الجميلة، وفق دبوق، وهو عمل على المدى البعيد والمستقبلي، و"كي يكون لبنان جاهزاً ومستعدّاً لقطف ثمار هذا المشروع عندما تسمح الظروف ويهدأ البلد".
 
شكّل انهيار العملة عامل جذبٍ لعددٍ كبيرٍ من المغتربين هذا الصيف، ما ساعد على تنشيط الاقتصاد وصمود المؤسّسات. ويوضح دبوق أنّه "لدى التسويق عالمياً للبنان في إطار هذا المسار، سيجذب لا شكّ بشكلٍ إضافي السيّاح، وسينعكس ذلك إيجاباً على صور ولبنان بشكل عام، فطموحنا أن يزور السّائح جميع المدن اللبنانية وليس صور فقط؛ وهنا دور وزارة السياحة بأن تسوّق لجميع هذه المدن والمناطق كباقة واحدة، ووزير السياحة يقوم بخطوات سليمة في هذا الاتجاه".
وبالنسبة إلى مدينة صور، يعني انضمامها إلى هذه الجمعية الكثير، بحسب وصف دبوق، "باعتبار الانضمام خطوةً باتجاه العالمية ومركزاً متقدّماً للمدينة، كما يعني الكثير للجمعيّة أن تنضمّ صور إليها، لأنّ لدى الحديث عن الفينيقيين، لا يُمكن تجاهل صور - إلى جانب مدن أخرى طبعاً - والتاريخ يشهد لقرطاجة وإليسار والحرف والمحطّات التجاريّة وغيرها، وانضمامنا إلى الجمعية قيمة معنويّة واقتصاديّة للجمعيّة، وقيمة إضافية لنا، لذلك، فالفائدة متبادَلة للطرفين".
 
يُذكَر أنّه سيُعلن رسمياً عن انضمام لبنان إلى هذه الجمعية في حدث يضمّ الدول المعنيّة والجمعية في أوائل الشهر المقبل، إلى جانب إقامة ورشة عمل عن هذا الانتساب في الجناح اللبناني في إكسبو دبي في الـ14 من كانون الثاني 2022 في دبي، مع عرضٍ لاستفادة لبنان من هذا الانتساب على صعيد السياحة أمام الـ191 دولة الموجودة في إكسبو، إلى جانب الدول المشارِكة في المسار الفينيقي. وهذا النشاط، الذي ترعاه وزارة السياحة، سيكون بالشراكة مع جامعة الـLAU.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم