السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

هل لإقرار قانون "الكابيتال كونترول" فائدة اقتصاديّة؟

المصدر: "النهار"
فرح نصور
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
يستمرّ نقاش مشروع قانون "الكابيتال كونترول" في اللجان المشتركة برئاسة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب. وأُجّلت الجلسة الّتي كانت مقرّرة أمس إلى الاثنين المقبل لاستكمال النقاش وإفساح المجال أمام النواب للاطّلاع على خطة التعافي الحكومية بالتفصيل. ولا يزال يخضع هذا الملف لشدّ حبال مستمرّ بين معارِض ومؤيِّد، وبين رافضٍ لمضمون الاقتراح الذي يدرسه المجلس النيابي ومؤيّد له.
 
وفيما كان من المفترض إقرار هذا القانون عند حلول الأزمة في عام 2019 بعد شحّ الدولارات الذي حصل قبل ذلك العام، لحصر الدولارات في لبنان ومراقبة تحويلها وتجنّب المزيد من الانهيار المالي والنقدي. استمرّ البحث الطويل في إقرار هذا القانون لأكثر من سنتين ونصف بعد الأزمة، ما يطرح السؤال: هل ما زال لإقرار هذا القانون فائدة اقتصادية؟
 
الخطة الحكومية الإنقاذية، بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، لوضع البلاد على سكّة النهوض في رحلة الألف ميل الإنقاذية، قد بدّدت كلّ الآمال بتحقيق خرق مرجوّ في جدار الأزمة المستفحلة، لتضمّنها بنوداً وطروحات قاسية غير عادلة تُنبئ بفترة عصيبة ماليّاً ونقدياً واجتماعيّاً، وتنطوي على شوائب عديدة لناحية قدرة هذه الخطّة على إخراج البلاد من أزمة متشعّبة أسفرت عن انهيار الأوضاع الاقتصادية عموماً، وفق الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية الدكتور فادي قانصو.
 
وفي حديثه لـ"النهار"، يرى قانصو أنّ معالجة الخسائر المالية تتطلّب توزيعاً عادلاً ومنصفاً لها، وذلك من رأس الهرم، أي الدولة اللبنانية، مروراً بالمصرف المركزي ثم المصارف، فيما إصلاح القطاع المصرفي بجهود إعادة الهيكلة لتعزيز وضعيته المالية وحوكمته وقدرته على مواجهة الضغوط، بات مطلباً أساسياً، وضمان معاملة عادلة لجميع الزبائن والحدّ من المخاطر القانونية تجاه القطاع المصرفي المضرّة بسمعة المصارف اللبنانية عموماً.
 
ويشير قانصو إلى أنّ فقدان الثقة بالقطاع المصرفي يعني فقدان الثقة بالنظام المالي ككلّ، وبالتالي عزل لبنان عن النظام المالي العالمي، فضلاً عن أنّ سلامة القطاع المصرفي لها تأثير ملحوظ على المخاطر السيادية، وعلى أي تصنيف سيادي محتمَل للبنان.
 
غير أنّه بعد مرور 3 سنوات على اندلاع أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ لبنان الحديث، لا تزال المماطلة في إقرار مشروع قانون الكابيتال كونترول سيدة الموقف، نتيجة التجاذبات السياسية الداخلية المستمرّة، بحسب قانصو. مماطلة أفقدت هذا القانون اليوم فعلياً الدور الأساسي الذي كان يجب أن يؤدّيه مباشرةً بعد نهاية عام 2019، ألا وهو ضبط حركة الأموال من لبنان إلى الخارج للحفاظ على حقوق المودعين، بحيث كان يجب أن يُقرّ المشروع إجراءات وتدابير استثنائية ومرحلية مباشرةً بعد 17 تشرين 2019، تهدف إلى وضع ضوابط مؤقّتة تشكّل في الوقت نفسه حمايةً لحقوق المودعين وتعزيزاً لقدرة المصارف على القيام بواجباتها، مع حرية التصرّف بالتحويلات الجديدة الواردة من الخارج من دون أيّ قيود. وكان من شأن هذه التدابير إعادة الثقة تدريجاً بالقطاع المالي اللبناني.
 
إلّا أنّه اليوم، مع بقاء أقلّ من 10 مليارات دولار من العملات الصعبة لدى المصرف المركزي، يرى قانصو أنّ إقرار مشروع الكابيتال الكونترول بات حاجة لضمان معاملة عادلة لجميع الزبائن والحدّ من المخاطر القانونية تجاه القطاع المصرفي أكثر منه للحفاظ على حقوق المودعين الذين تبخّرت ودائعهم بالعملات الأجنبية بما يوازي 90 في المئة.
 
وعن انعكاس ذلك على الودائع، يشير قانصو إلى أنّه ما دامت الثقة مفقودة وما دام المصرف المركزي يواصل طباعة الليرة اللبنانية لسداد أجور القطاع العام والمستحقات الأخرى المطلوبة من الدولة اللبنانية في ظل التراخي المستهجَن من قِبل أصحاب القرار لناحية إطلاق عجلة الإصلاحات الهيكلية، فإنّ عملية استعادة الودائع كاملة قد تبدو شبه مستحيلة.
 
فائدة للمستقبل!
إقرار قانون الكابيتال كونترول هو من المتطلبات الأساسية التي اشترطها صندوق النقد الدولي لتشريع ما يحدث في القطاع المصرفي، "فما يحدث حالياً في هذا القطاع مخالف للقانون"، يقول رئيس الاتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين MIDEL وعميد كلية إدارة الأعمال في جامعة القديس يوسف، الدكتور فؤاد زمكحل.
 
وفي حديثه لـ"النهار"، يوضح أنّه "لذلك وقبل التفتيش عمَّن يحمي هذا القانون وما آلية إقراره، لا يمكن المضيّ في الدولة دون تطبيق القوانين، وإن كان إقراره متأخّراً بعد أكثر من سنتين ونصف على الأزمة، بالتالي، لا بدّ من هذا القانون".
 
وقد طلب صندوق النقد الدولي 4 متطلبات أساسية وهي أربعة مشاريع: إقرار قانون "الكابيتال كونترول" وإقرار الموازنة العامة، ومشروع رفع السرية المصرفية، وخطة التعافي وإعادة هيكلة المصارف.
 
لكن مشروع قانون الكابيتال كونترول المطروح اليوم لا يُطبَّق فقط على الودائع القديمة، إن كانت موجودة. لكن برأي زمكحل فإنّ "إقرار هذا القانون ينظر إلى مرحلة مقبلة، وهنا تكمن الفائدة من إقراره"، لأنّ من مهام هذا القانون أيضاً، مراقبة أموال الدولار "الفريش" ليست الموجودة في لبنان فقط بل أيضاً المتعلقة بالتجارة عبر استيراد البضائع، ومن المفترض أن تمرّ هذه العملية عبر لجنة لمراقبة مسار الدولار.
 
إذن، "الكابيتال كونترول" لا يرتبط فقط بالأموال القديمة في لبنان بل بالأموال الجديدة وخصوصاً التابعة لشركات الاستيراد، لتتمكّن اللجنة من الإبقاء على قسم من دولارات الشركات هذه في لبنان وفي الاقتصاد اللبناني.
 
وبرأي زمكحل، "مشروع القانون هذا ليس جاهزاً ولا واضحاً بعد، ومن المفترض أن يتضمّن كمّاً أكبر من الشفافية"، إذ أنّ هناك تباينًا بين مواقف وآراء مختلف الجهات المعنية بهذا الملفّ، ما بين الدولة اللبنانية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم