الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ماذا سيحلّ بالوضع النقديّ بعد انتهاء ولاية رياض سلامة؟

المصدر: "النهار"
فرح نصور
رياض سلامة.
رياض سلامة.
A+ A-
تنتهي ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في أيار المقبل. وكما في كلّ ملف شائك، يبدأ الحديث به قبل أشهر، لأسباب عدّة، لا سيّما المتعلّقة بالجانب السياسيّ منها، وإن كان الملف اقتصاديّاً نقديّاً ماليّاً.
 
وفيما تختلف الآراء حول أداء سلامة خلال ولايته منذ ما قبل الأزمة وبعدها، يجد البعض أنّه كان الشخص الأجدر لإدارة الأزمة الحالية، فيما البعض الآخر، يجد أنّه أحد المساهمين فيها. وبمعزل عن الحديث حول مسبّبات الأزمة، سؤال مهمّ يُطرح حالياً: "ماذا سيحلّ بالأزمة المالية والنقدية بعد انتهاء ولاية سلامة؟".
 
 
"في بلدٍ منهار و مدولر، يُسجَّل إنجاز بأن يقوم الحاكم المركزي بتحقيق استقرار لسعر صرف الدولار، وهو إنجاز كبير بالرغم من جميع الجوانب السلبيّة الأخرى، ويستحقّ وساماً على ذلك"، هذا رأي الخبيرة الاقتصادية، الدكتورة ليال منصور.
 
وفي حديثها لـ"النهار" تؤكّد أنّ سعر الدولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي مشابه لسعر الدولار اليوم، وتقول: "ليس هناك أيّ بلد مرّ بأزمة كالتي يمرّ بها لبنان استطاع لجم الأزمة النقدية وارتفاع سعر الدولار بشكل كبير خلال عام واحد. لكن ما حدث في لبنان فاق كل التصوّرات. ولبنان أمام 3 سيناريوهات بعد انتهاء ولاية سلامة، وفق منصور.
 
السيناريو الأوّل يقضي بتدخّل المركزيّ على غرار ما فعله سلامة، لكن هذا الأمر لا يُمكن أن ينجح دائماً.
 
السيناريو الثاني، ومن المرجّح أن يُطبَّق، وهو تحرير سعر صرف العملةممّا يعني أنّنا "سنترحّم" على دولار الـ40، وحتى الـ50 ألف ليرة، فبذلك يوضع الدولار وفق العرض والطلب، وهو أمر لا يمكن تطبيقه لغياب الأرضيّة الاقتصادية المناسبة لتحرير العملة. 
 
والسيناريو الثالث هو الدولرة الشاملة، وتطبيق هذا السيناريو سيجعل من الحاكم الجديد للمركزيّ بطلاً ومنقذاً.
 
لكن منصور تؤكّد أنّ الدولار في مسار تصاعدي، سواء عُيّن شخص آخر بدلاً من سلامة أو بقي المنصب شاغراً. فخلال ولاية سلامة، استمرّ ارتفاع الدولار. لكن الحاكم بطّأ هذه العملية، التي يُتوقّع لها أن تتسارع في حال الشغور. وتشرح منصور بأنّ سلامة لم يحلّ الأزمة طبعاً، إنّما حدّ من الانهيار السريع، "فهو بارع في اللعب على الوقت".
وفي حال الشغور، إن حصل، بالرغم من أنّ هذا الأمر لم يحدث في العالم أجمع، فالدولار سيتحرّر بحكم الأمر الواقع (de facto)، وليس تطبيقاً لسياسة تحرير سعر الصرف، والسبب غياب تدخّل المركزيّ. 
 
لكن الخبير الاقتصادي، الدكتور لويس حبيقة، له رأي آخر، "فلا فراغ أو شغور في منصب حاكميّة مصرف لبنان بعد انتهاء ولاية سلامة". وفي حال لم يُعيَّن أحد من بعده، يستلم تلقائياً النائب الأول مهمّات الحاكم، ويأخذ مركزه موقتاً، وله الصلاحية في إصدار التعاميم والقرارات التي يراها مناسبة.
 
وفي حديثه لـ"النهار"، يرى حبيقة أنّه مع مغادرة سلامة "ستُفرج الأزمة قليلاً، لكونه طرفاً في الصراع السياسي والإداري والمالي؛ بالتالي هناك نوع من عقدة تعيق بعض التفاهمات طالما هو يشغل هذا المنصب".
وبرأيه، هذا الانفراج سيكون من خلال السياسة الجديدة التي سيتبعها الحاكم الجديد، والتي من المفترض أن تكون مختلفة عن سياسة الحاكم الحالي.
 
أمّا بالنسبة إلى السياسة النقديّة الجديدة مع الحاكم الجديد، فالأرجح أن الوجه الجديد سيقلّل من جو التحدّي بين المركزي وباقي المؤسّسات. لذلك، فإنّ استبدال سلامة بشخص آخر بعد انتهاء ولايته "أمرٌ إيجابيّ طبعاً"، إذا ما استلم شخص آخر غير نائبه الأول. فاستلام النائب الأول لمهمّات حاكم مصرف لبنان ودورانه في فلك السياسة النقدية نفسها، التي اتّبعها سلامة، أمرٌ غير سليم.
 
الجدير بالذكر أنّ القرارات الصادرة عن المصرف المركزي لا تصدر عنه هو فقط، إنّما تأتي بعد مجموعة مشاورات من قِبل المجلس المركزي، المؤلَّف من الحاكم ونوابه والمدير العام لوزارة الاقتصاد والمدير العام لوزارة المال ومفوّض الحكومة لدى المصرف المركزي. لذلك، فغياب الحاكم عن اجتماع هذه اللجنة لا يغيّر الكثير ولا يعطّله، وفق حبيقة. 
 
الحاكم المركزي حالياً يستفيد من أقدميّته في هذا المنصب، وهو عامل يُعطيه بعض الأرصدة الإضافية تجاه الآخرين. ووفق حبيقة، إذا ما تمّ التجديد لسلامة بحجة أنّه الأجدر في إدارة الأزمة الحالية، فسيكون الوضع النقديّ والماليّ الاقتصاديّ في لبنان أسوأ من الآن.
لكنّ سعر صرف الدولار مثلاً يمكن أن يتحسّن إذا ما غادر سلامة، لأنّه يتأثّر بالمؤشّرات؛ وهذا المؤشر سيكون إيجابياً لكون سلامة طوّر شبكة علاقات سلبيّة مع عدد كبير من المسؤولين في مؤسّسات الدولة.
 
لذلك، عندما يأتي حاكم مصرف مركزي جديد متعاون مع جميع المؤسّسات، فهذا بحدّ ذاته مؤشّر إيجابيّ. وصحيح أنّ حاكم مصرف لبنان عامّة لا يُمكنه القيام بإنقاذ بلد ما من أزمة نقديّة، لكن تعاونه وتفاهمه مع المؤسّسات والجهات الأخرى، يمكّنه من اتّخاذ خطوات من شأنها حلّ الأزمة.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم