الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الجامعات تنتقل إلى "ميتافيرس"... هل تصبح البلدان العربية مستعمرات رقمية لأميركا والصين؟

المصدر: "النهار"
كميل بو روفايل
كميل بو روفايل
تعبيرية (أ ف ب).
تعبيرية (أ ف ب).
A+ A-

ماذا يحصل في عالم "ميتافيرس"؟ هل هي فقّاعة ستنتهي مع الوقت؟ أم هي تجربة ستطبع المرحلة المقبلة في عالم التكنولوجيا والأعمال؟

هذه عيّنة من الأسئلة العديدة التي تدور في بال كل من يقرأ عن العالم الرقمي الجديد.

وفيما يعود الموظفون إلى أماكن عملهم بعد الإقفال من جرّاء كورونا، أطلّ عالم "ميتافيرس" لينذر بتغيّرات جذرية في جميع القطاعات. ففي عالم الفن، على سبيل المثال، يقيم فنانون الحفلات بشخصياتهم الافتراضية ويحققون أرباحاً قياسية.

التغيير الآتي يبدو واضحاً وضخماً، ففي ظلّ التطور الكبير في مجال التكنولوجيا والأعمال، تشير الدراسات إلى أنّه في السنوات الـ10 المقبلة، سيفقد 600 مليون شخص عملهم. وأمام هذه المعطيات سيكون العالم العربي أمام تحدّيين مصيريين:

‒ الأوّل يتركّز على طريقة تكييف سوق العمل مع الواقع الجديد الذي يفرض نفسه.

‒ والثاني هو طريقة تطوير الجامعات حتى تصبح عالمية وتبقي المهارات المحلية في البلد.

لذلك، أكّد مدير "adaptika"، وهي شركة تسهم في بناء العالم الافتراضي "ميتافيرس"، حسني زالوعي لـ"النهار" أنّ "على العالم العربي أن يعمل خلال السنوات الـ5 المقبلة للدخول الجدّي في عالم "ميتافيرس" أكان في الاستثمارات أم في القطاع التعليمي، لأنّها إذا تخلّف عن ذلك فسيصبح مستعمرات رقمية للولايات المتحدة الأميركية والصين". وقال: "يمكننا أن نصنع مستقبلنا، لا يجوز أن تفوتنا الفرصة!".

 

في المستقبل القريب ستصبح الجامعات في "ميتافيرس"، ولن يكون على الطلاب السفر للحصول على تعليم عالٍ خارج بلدانهم، بل إنّهم سيبقون في موطنهم وبواسطة "ميتافيرس" يمكنهم متابعة دراستهم في جامعة خارج حدود دولتهم، هذا التطور لن يتقصر على الجامعات فحسب، بل سيشمل عالم الأعمال أيضاً. لذلك ستكون الشركات الناشئة عابرة للقارات، وفرص العمل ستكون متاحة أمام جميع المشاركين على المنصّة في أي دولة كانت.

صحيح أنّ "ميتافيرس" ستكسر الحدود بين الدول وتخرق جميع الحواجز، لكنها في الوقت عينه تسهم في بقاء الكفاءات في وطنها. فالبلدان في الشرق الأوسط التي اعتادت أن تعدّ المهارات مجّاناً حتى الثانوية العامة، ثمّ تصدّر الكفوءة منها إلى الجامعات الأجنبية، يمكنها في المستقبل القريب، إذا مضت قدماً بالاستثمار في "ميتافيرس"، أن تحافظ على أبنائها في البلد وتستفيد من قدراتهم.

 

كيف يمكن للجامعات العربية أن تنضمّ إلى "ميتافيرس"؟
بعض الجامعات مثل هارفارد، لندن سكول أوف بيزنيس، لندن سكول أوف إيكونومي، تعمل على تطوير جامعات واقعية افتراضية
virtual reality campus، فلن يكون على الطلاب السفر للذهاب إلى هذه الجامعات، بل يمكنهم البقاء في بلدانهم، وبطريقة رقمية سيتمكنون من التنزه داخل الجامعة، والتكلم رقمياً مع الجميع، وكذلك الأمر بالنسبة إلى التعرّف إلى الأصدقاء وإلى مجموعة من الطلاب والتفاعل معهم.

هذا ما يُطلق عليه تسمية التعلم التعاوني collaborative learning، ولا وجود له في غياب "ميتافيرس" لأنّها القادرة على خلقه. وهو مختلف تماماً عن تجربة "زوم" والتطبيقات المشابهة، التي يتحدّث فيها شخص واحد إلى 200 طالب من دون أيّ تفاعل، على عكس "ميتافيرس" التي سنكون فيها أمام شخص واحد يتكلّم مع جامعة رقمية، والـ200 طالب الآخرون يمكنهم أيضاً التكلم أحدهم مع الآخر والتفاعل. ولهذا السبب "ميتافيرس" ستأتي بأمل كبير إلى التعليم الجامعي، وسيحصل الطلاب على أحسن تعليم من أفضل الجامعات، وسيتسخدمون جميع المهارات التي سيكتسبونها من خلال هذه الجامعات.

وشرح زالوعي أنّ "Adaptika تصنع كليات رقمية للجامعات. والهدف هو خلق كليات عالمية يمكن لأيّ شخص الانضمام إليها وحضور دروسها، والتكلم مع الطلاب للحصول على أفضل تعليم والتفاعل مع الجميع، بالإضافة إلى تطبيق مهاراتهم في بلدهم الأم"، شارحاً أنّه "بعد إعداد الكلية العالمية سنضاعف الفرص أمام العالم للتعلّم معاً، وهذا ما ينقصنا من التعليم عن بعد حالياً".

ومن هذا المنطلق أوضح زالوعي أنّه "في البداية، من الضروري جدّاً إعداد كليات عالمية لا تفرض على الناس الدفع، فالجامعات الرقمية مثل التي تقوم "
adaptika" بإعدادها سيدفعون لك لتكون داخل المجتمع الرقمي والتفاعل فيه، وهذا ما نسمّيه the learn to earn effect، وبعض الشركات ستدفع للناس لحضور المحاضرات والتفاعل فيها وتسهيل التحدث في الفريق، لأننا نريد هؤلاء الأشخاص أن يتفاعلوا مع مجتمع الميتافيرس.

وبعدها سنرى هذه الجامعات الكبيرة تجعل الناس يدفعون مقابل الحضور، وجميع الجامعات الأخرى ستذهب إلى ميتافيرس حيث يمكنها الوصول للعديد من الطلاب والناس التي لم يكن بمقدورها الوصول إليهم من قبل".

كيف ستستفيد الجامعات العربية من تجربة "ميتافيرس"؟
شرح زالوعي: "ستتمكن الجامعة من أن تضمّ طلّاباً من جميع أنحاء العالم، و"ميتافيرس" ستضاعف عدد الطلاب الذين سينضمّون إليها بـ10 مرّات، وتالياً سيكون لديها عوائد مالية مرتفعة لأنّ الناس سيدفعون كما لو أنهم في الجامعات الحضورية".

بالإضافة إلى ذلك، لن تكسب الجامعات أموالاً فقط، لكن أيضاً ستصل إلى طلّاب من جميع أنحاء العالم، وستصل إلى طلّاب جدد سيتعرفون إليها من خلال البرامج الموجودة في "ميتافيرس"، وسينتشر اسم الجامعة في أماكن لم تكن معروفة من قبل.

ووفق المسار الطبيعي للأمور، بعد إنهاء التعليم الجامعي يبحث الناس عن وظيفة جديدة، أو يحاولون تأسيس شركة ناشئة، وصنع ذلك من خلال "ميتافيرس" سيرفع احتمال نجاح التجربة أكثر، لأنّه بواسطة "ميتافيرس"، ستكون فرص العمل والشركات معروضة أمام الناس من مختلف البلدان. والآن نعرف أكثر من أيّ وقت مضى أنّ الناس يمكنهم العمل والدراسة من بعد. والنجاح في الحصول على هذه الفرصة سيكون ممكناً بفضل العلاقات التي سيبنيها الطلاب في جامعتهم في عالم "ميتافيرس"، من بعد أن يكون الطلاب قد بنوا الثقة في ما بينهم. وسيكون هناك الكثير من الشركات الناشئة التي ستؤسّس في عالم ميتافيرس، والتي ستنتشر بسرعة وستصبح عالمية أسرع".

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم