السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

مشروع موازنة 2022 يُشرّع الـ"tips" في الإدارة العامّة... هل الزودة محصورة بدفع المواطن إلى "المعاملة إكسبرس"؟

المصدر: "النهار"
كميل بو روفايل
كميل بو روفايل
تعبيرية (نبيل إسماعيل).
تعبيرية (نبيل إسماعيل).
A+ A-
إحدى البدع في بلد العجائب، هي المادّة 121 من مشروع قانون الموازنة للعام 2022 الذي أرسلته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي السابقة إلى المجلس النيابي. تنصّ هذه المادة على استحداث رسم خدمات سريعة وطارئة لدى الإدارات العامة. بمعنى آخر، تنظّم هذه المادة الرشوة التي كان يتقاضاها الموظف كي يُنجز المعاملة بسرعة، وضمن إطار القانون، من دون وسيط و"لفّ ودوران". والمهزلة الكبرى أنّ المادة المقترحة والمنشورة تنصّ على تخصيص 60 في المئة من البدل المستوفى للموظفين في كلّ مديرية عامة أو مديريّة، نتيجة الخدمات التي قدّمتها، والباقي، أي الـ40 في المئة، يذهب إلى حساب الخزينة العامّة.

إنّها خفّة في نصّ تشريعيّ، وتشدّد مرجعيّات نيابية لـ"النهار" على أنّها لم تناقشه بعد تحت قبّة البرلمان، وتقول إنّه "في لجنة المال والموازنة لم نصل سوى إلى المادة 90 من المشروع المرسل من قبل الحكومة".

أثيرت هذه المادة من مشروع قانون موازنة العام 2022 مجدّداً بين أوساط العاملين في القطاع العام، ويتخوّف هؤلاء أن يكون مخطّط السلطة التنفيذية عدم زيادة الرواتب بل ربط أيّ زيادة بالـ"tips" التي تحصل عليها الإدارة، فيقوم الموظفون بالمماطلة إلى أقصى الحدود بالمعاملات في سبيل دفع صاحب المعاملة نحو طلب هذه "الخدمة السريعة والطارئة" كي يدفع رسماً سيوزّع 60 في المئة منه على العاملين داخل المديرية!

وتنصّ المادة 121 من مشروع قانون موازنة العام 2022 على استحداث رسم بدل خدمات سريعة وطارئة لدى الإدارات العامة، يسمّى بدل خدمات مأجورة، يستوفى من الراغبين في إنجاز معاملاتهم لدى الإدارات العامة بصورة سريعة، أو الذين لديهم معاملات طارئة. وللاستفادة من هذه الخدمات تقول المادة إنّه يتوجّب على الراغبين أن يقدمّوا طلباتهم إلى الدائرة المختصّة في كلّ مديرية عامة أو مديريّة، لإنجازها في اليوم ذاته أو خلال ثلاثة أيّام كحدّ أقصى، وأن يسدّدوا الرسم المتوجّب بالتزامن مع تقديم تلك الطلبات.

وتأتي الفقرة الثالثة من المادة المذكورة كي تشوّهها أكثر وتجعلها محطّ سخرية أمام أوساط نيابية عدّة اتصلت بها "النهار"، بحيث تنصّ على أنّه تخصّص نسبة 60 في المئة من البدل المستوفى في كلّ مديرية عامة أو مديرية نتيجة الخدمات التي قدّمتها إلى موظفيها، والباقي لحساب الخزينة.

تطرح هذه المادة جملة من الاعتراضات عليها، ومنها مثلاً:

- أنّها تميّز بين الموظفين في المديريات، فهناك مديريات "دسمة" فيها الإيرادات أكبر وأضخم من مديريات أخرى. والموظفون في الدوائر التي ليس لديها إيرادات سيشعرون بالإحباط، لإنّهم لن يحصلوا على "tips".

- وعطفاً على الاعتراض الأوّل، في المديريات "الدسمة" أزلام "الزعماء"، مثل الدوائر العقارية على سبيل المثال، وجزء من الموظفين في هذه الدوائر دخلوا بالواسطة، وبعد أن فرضوا على معاملاتهم أسعاراً ونسباً وسماسرة، ها هم الآن، يحصلون بموجب هذه المادة المقترحة على الـ"tips" كي يُنجزوا المعاملات بسرعة وضمن إطار القانون. وأكبر مثال أنّ الدوائر الدسمة رغم الإضراب العام تعمل الآن من تحت الطاولة.
- الاعتراض الآخر أنّ هؤلاء الموظفين سيبطؤون ويماطلون في إنجاز المعاملة كي يلجأ صاحبها إلى الحلّ الآخر، وهو المعاملة "إكسبرس"، وتالياً تزيد إرادات مديريّتهم، وتزيد نسبهم.

ورغم أنّ الفقرة الأخيرة من المادة 121 تنصّ على أنّ المهل المحدّدة لإنجاز المعاملات العادية سارية المفعول، ويحظّر على الموظفين الإخلال بإنجاز المعاملات العادية تحت طائلة تعرّضهم للعقوبات الإدارية والمسلكية، إلّا أنّ الثقة بالأجهزة الرقابية وقدرتها على المحاسبة منعدمة، والإثبات ما آلت إليه الأوضاع في القطاع العام خصوصاً والبلاد عموماً.

- ومن الملاحظات أيضاً على المادة، أنّ آلية الرقابة والتدقيق على عدد المعاملات التي أنجزت بشكل سريع وطارئ غائبة، وأيضاً كيف يتمّ قبض الرسوم؟ وكيف توزّع الأموال؟

"المعاملة إكسبرس" ليست اختراعاً لبنانيّاً، بل هي موجودة في أميركا مثلاً وبلدان عدّة، حيث يقوم الشخص الذي يستعجل إجراء معاملته ويريد إنجازها قبل المهلة القانونية، بتقديم الطلب "أونلاين" مركزيّاً، ويدفع الرسم مركزياً ويذهب إلى خزينة الدولة، وتالياً لا يكون لدى الموظف أيّ حجّة للمماطلة، ويكون مجبراً على الإنجاز ضمن المهلة.

إلّا أنّ لبننة هذا الشكل من المعاملات جاء غريباً، ويحمل الكثير من الريبة، والآن في ظلّ إضراب القطاع العام للحصول على زيادة رواتب وأجور تلاقي التضخّم الحاصل وارتفاع أسعار النقل، يُطرح الموضوع من جديد، هل كانت الحكومة تنوي أن تحصر الزيادة للقطاع العام بقوننة الـ" tips" أو الرشوة؟ التي لا تسمّى رسماً إلّا إذا كانت تُستوفى مركزياً وتخصع لمبدأ شمولية الموازنة.

وضمن هذا الإطار تؤكّد أوساط نيابية أنّها لم تصل بعد إلى هذه المادة كي تنظر فيها في لجنة المال والموازنة.

[email protected]
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم