الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

من هلعٍ إلى آخر... تخزين حليب الأطفال يؤدي إلى فقدانه من الصيدليات

المصدر: النهار
فرح نصور
طابور من الناس في إحدى صيدليات بيروت (تصوير حسن عسل)
طابور من الناس في إحدى صيدليات بيروت (تصوير حسن عسل)
A+ A-
عنوان واحد يختصر الكثير من الأزمات التي يعيشها المواطن والتي تدفعه إلى تخزين كل ما يبقيه على قيد الحياة: عدم الثقة. بالإضافة إلى الأدوية التي فُقدت من الصيدليات، يشحّ حليب الأطفال منذ شهرين منها، في أزمة تفاقمت مع تفاقم الأزمة المالية أكثر فأكثر، فحال حليب الأطفال كحال الأدوية، وهو يُباع حصراً في الصيدليات ويخضع لشروط الأدوية نفسها.
 
ما الذي دفع إلى انقطاع الحليب من الصيدليات؟ وهل من حلّ لهذه المشكلة في القريب العاجل؟ وما دور مصرف لبنان في هذه الأزمة؟ 
 
تفيد مديرة إحدى الصيدليات الكبرى في بيروت "النهار" أنّ "الصيدليات تشهد انقطاعاً للحليب رقم 3، أي الذي يتناوله الأطفال من عمر سنة إلى ثلاث سنوات، وهذا الحليب هو الأكثر طلباً وهو الذي يدور اللغط حوله، ولذلك قطعته شركات استيراد الأدوية من الصيدليات، وتبرّر جميع الشركات التي تُسلّمنا الحليب، بأنّها تستورده على أنّه مدعوم وتوزّعه للصيدليات على هذا الأساس لكنّ الدولة لا تعوّض للشركات خسائرها، لكن "حرام عمتطلع الفشة براس العالم"، فجميع علامات الحليب التجارية لعمر سنة إلى ثلاث سنوات مقطوعة من الصيدليات وليس بإمكان الناس حتى إيجاد البدائل أو التحوّل من حليب إلى آخر، إذ حتى الـ Nido مقطوع، والناس عبثاً يبحثون في جميع الصيدليات، واليوم قصدني زبون من الكسليك آملاً بإن يجد عبوة حليب". 
 
وتلفت مديرة الصيدلية إلى أنّ "أزمة انقطاع الحليب بدأت منذ شهر تشرين الثاني الفائت، وتفاقمت أكثر الآن مع تخزين الناس للحليب وللأدوية في منازلهم ما أدّى انفجار الأزمة الآن، إذ هجمت الناس هجمة واحدة خلال الشهر الماضي لشراء الأدوية، ورغم تحديدنا كمية الأدوية للزبائن، بات عدد كبير منهم يزور الصيدلية مرات عدة في اليوم لشراء حصّته وتخزين الأدوية لا سيما الحليب، فكثيرون اشتروا منه بكميات كبيرة خوفاً من انقطاعه وغلاء سعره". 
 
(تصوير نبيل إسماعيل).
 
وتتابع أنّ "الصيدليات تشهد زحمة وطلباً كبيراً على الأدوية بشكلٍ عام، وأكثر ما يطلبه الناس هو أدوية الأمراض المزمِنة، وهذه الزحمة ناتجة عن عدم إيجاد الناس للأدوية في الصيدليات واضطرارهم إلى البحث في عدد كبير من الصيدليات علّهم يجدونها، حتى أن جزءاً من الأدوية البديلة الـ generic مقطوع". 
 
نقيب مستوردي الأدوية، كريم جبارة، بدوره، يوضح أنّ ما يحدث مع حليب الأطفال هو تماماً كما حدث ويحدث مع الدواء، فنحن ننتقل من حالة هلع إلى أخرى، والزحمة التي تشهدها الصيدليات حالياً ليست طبيعية، بل هي زحمة خوفٍ وهلع، وعلى الدولة تطمين المواطنين بإعلانها تأمينها تمويل الدواء والمستلزمات الطبية للعام الجاري، فالصحة هي الأولوية".
 
ويكمل أنّ "لبنان يشهد حالة هلع من قِبل الناس وهم غير مُلامين، فهم فقدوا ثقتهم بالنظام اللبناني برمّته ويشعرون بعدم الأمان الصحي، والسبب الأساسي لانقطاع حليب الأطفال، إلى جانب صعوبات الاستيراد الناتجة عن الأزمة المالية، هو أنّ الناس أفرغوا الصيدليات من حليب الأطفال ومن الأدوية"، لافتاً إلى أنّ "حليب الأطفال لمَن هم فوق عمر العام، غير مدعوم من الدولة على 1500، إنّما مدعوم على سعر المنصة أي 3900 ليرة".
 
ويؤكّد جبارة، نقلاً عن حديثه مع أحد مستوردي حليب الأطفال، أنّ "الطلب على حليب الأطفال كبير جداً، وقد نفدت علامات تجارية من مخزون هذا المستورِد، لذا، ومنعاً لأن ينفد المخزون كلّه، يعمل على تقنين توزيع الحليب على الصيدليات ريثما تصله شحنة جديدة، وإلّا فسينفد كلّ مخزونه بغضون بضعة أيام في ظلّ هذا الطلب غير الطبيعي". 
 
وعن وصول شحنات من الحليب في القريب العاجل، وفق جبارة، "يصل لمستوردي حليب الأطفال شحنة كل شهر أو شهرين بشكلٍ منتظم، لكن هذه الشحنات تغطي الاستهلاك الطبيعي للمواطنين وليس للتخزين، وإلّا لن تكفي أبداً، فالطلب على الحليب هائل وجميع الناس خائفون إذ انقطع الحليب في الأسابيع الماضية بشكل غير طبيعي من الصيدليات، لكن شركات استيراد الحليب تنتظر وصول شحناتها، وقد تشهد تأخيراً نتيجة مرورها بآلية الدعم من مصرف لبنان". 
 
على خطٍّ موازٍ، يشرح نقيب الصيادلة غسان الأمين، أنّ "حليب الأطفال ليس مقطوعاً بشكلٍ نهائي لكنّ هناك تقنيناَ بتسليمه للصيدليات، فالحليب هو جزء من أزمة الدواء الكبيرة، وتحديد الصيدلي لكمية الدواء أو الحليب للمواطن، يجعل هذا الأخير يخاف ويجهد إلى ضمان كمية إضافية عبر شراء ما يطلبه من جميع الصيدليات".
 
وفي معرض حديثه، يشير الأمين إلى أنّنا "نشهد أزمة عنوانها الرئيسي عدم الثقة وخوف الناس على مستقبلهم، وكذلك رفع الدعم الذي أقلقهم كثيراً، فمنذ أربعة أشهر ومع إعلان المركزي التوقّف عن دعم الدواء، هلع الناس ولا زال الهلع مستمراً حتى اليوم كفيلم طويل لا يتوقّف"، مضيفاً أنّه "يجب على الدولة ومصرف لبنان أن يتّخذا قراراً في ما يتعلّق بالدعم لإراحة الناس وتقديم رؤية واضحة لهم عن مستقبلهم الصحي، وبذلك يرتاح السوق وتُحلّ 80% من المشكلة، لكن لغاية الآن، المشكلة مستمرة وستبقى مستمرة، فهي ليست بيد الصيدلي ولا بيد المستورِد، والمواطن غير مُلام، فالمستورِد والصيدلي يتحمّلان حالياً فشل الدولة".
 
وعن دور مصرف لبنان في ما يتعلّق بعملية استيراد حليب الأطفال، يقول الأمين إنّ "مصرف لبنان يتأخّر لشهر أو لشهرين لقبول فاتورة المستورِد لأنّه لا يريد أن يتكلّف عملة صعبة أكثر من طاقته ولا أحد يعلم كم تبلغ طاقته، وكذلك لا يوافق على دعم استيراد الحليب إلّا بمعدل ما تمّ استيراده العام الماضي، في وقتِ تخطّى الطلب على الحليب هذا المعدل بعشرة أضعاف، وهذا التأخير يؤدي إلى نقص بالحليب في السوق وهذا النقص، بدوره، يؤدي إلى هلع وطلب إضافيين لدى الناس، وهي دوامة لا نخرج منها"، متابعاً: "لدى وصول أي شحنة من الحليب إلى الصيدليات، يتهافت الناس لشرائها بسرعة وتخزينها، لذلك اضطُرّ المستورِد أن يسلّم الصيدليات الحليب بالقطارة كيلا ينفد مخزونه، وللتخفيف أيضاً من هذه الظاهرة".
 
و"المؤسف حالياً، هو أنّ جميع الأفراد الميسورين يخزّنون الحليب في منازلهم، أمّا ذوو الدخل المحدود الذين ينتظرون آخر الشهر ليحصلوا على رواتبهم، فيذوقون الويل لإيجاد عبوة حليب لأطفالهم"، بحسب الأمين.  
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم