الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

إدوارد الثامن: تنازل عن العرش أم خيانة عظمى؟!

المصدر: النهار
   رمز الحب المتآمر إدوارد وواليس
رمز الحب المتآمر إدوارد وواليس
A+ A-
 
أعلن الملك إدوارد الثامن في أيلول عام 1936، وعبر أثير إذاعة الـ"بي بي سي" BBC، تنازله عن العرش. ومما قاله في كلمته: "لقد اتضح لي أنه من المستحيل أن أتحمّل عبئاً ثقيلا من المسؤولية، وأن أؤدي واجباتي كملك، كما أودّ أن أكون، من دون مساعدة ودعم المرأة التي أحبها".
 
قد تكون عبارته هذه حملت الكثير من التعاطف وأشعلت الرومانسية في قلوب العشاق عبر عقود، وجعلت من الثنائي "إدوارد وواليس" رمز الحب في القرن العشرين، غير أن هذا الإدعاء بتنازله عن العرش لأجل محبوبته المطلّقة الأميركية سقط حين كشفت الوثائق التاريخية الخيانة العظمى التي ارتكبها الملك، بحقّ مملكته العظمى.
 
وفي التفاصيل، بثت القناة الرابعة البريطانية وثائقيًا حمل عنوان "إدوارد الثامن: الملك البريطاني الخائن"Edward VIII Britain’s Traitor King، يستند إلى أبحاث المؤرخ أندرو لوني الذي سيصدر كتابه Traitor King الملك الخائن في مايو/ أيار المقبل. يعرض الفيلم، الوثائق الألمانية التي تم الاستيلاء عليها، والتي حُفظت في الأرشيف الملكي، لأجل حماية العائلة المالكة. وتكشف بالأدلة الدامغة تورط العاهل السابق، دوق وندسور، بنقل المعلومات إلى نظام أدولف هتلر والتشجيع على قصف بريطانيا وإعادة تنصيبه على عرشها.
 
 
تحت مجهر المخابرات البريطانية
 
 
 بتنازله عن العرش، بدأت المخابرات البريطانية بمراقبة الملك إدوارد على مدار اليوم وفي كل بلاد لجأ إليها. في البرتغال وإسبانيا، تولى زمام المراقبة عملاء من الشرطة السرّية يعملون نيابة عن جهاز المخابرات. أما في فرنسا، فقد كان تحت مراقبة المخابرات العسكرية البريطانية المباشرة.
 
شهر عسل ولقاء هتلر أولى الشبهات
 
 
بعدما وقّع إدوارد الثامن وثيقة التنازل عن العرش ذهب إلى المنفى في فرنسا مع واليس سيمبسون، حيث تزوجا هناك بعد عام. وخلال شهر العسل وأثناء وجودهما في ألمانيا، تم تصوير دوق ودوقة وندسور مع هتلر في بيرشتسجادن.
 
وخلال "الحرب العالمية الثانية، التي استمرت من 3 أيلول 1939 إلى 10 أيار 1940، تم تعيين إدوارد ضابط ارتباط في كتيبة الجنرال جاميلين، مما مكّنه من تقييم النواقص الخطيرة للجيش الفرنسي، وتمرير المعلومات إلى صديقه، "تشارلز بيدو"، الموالي للنازية والذي بدوره نقل المعلومات إلى قيادة الرايخ الثالث.
 
ويبيّن المؤرخ لوني، بأن ادوارد كتب أربعة تقارير توضّح بالتفصيل ضعف معنويات قيادة الجيش الفرنسي، مما ساهم في سقوط فرنسا بأيدي النازيين. وفي السياق، تتحدث في الفيلم الوثائقي جين ريدلي، أستاذة التاريخ الحديث في جامعة باكنغهام، عن أن "إدوارد كان يعلم، حين تفاخر بعدم كفاية دفاعات الحرب الفرنسية، بأن هذا سيعود بالنفع على ألمانيا".
 
 
قصف بريطانا ومؤامرة استرداد عرش المملكة
 
 
واستناداً إلى أرشيف نحو 30 دولة، من بينهم، ألمانيا وإسبانيا وروسيا، كشف باحثون في "معهد البحوث التاريخية في كلية الدراسات المتقدمة" في جامعة لندن أن إدوارد، دوق وندسور، أخبر الدبلوماسي الإسباني دون خافيير بيرميجيلو أن القصف المكثّف لإنكلترا "يمكن أن يجلب السلام". وتقول الدكتورة كارينا أورباخ، كبيرة الباحثين الذين عملوا في الدراسة: "ذهب هذا التقرير إلى فرانكو ثم نُقل إلى الألمان. وبدأ قصف بريطانيا في 10 تموز".
 
وفي عام 1940، لجاء الدوق إدوارد وزوجته إلى مدريد بعد الهدنة التي وقعها بيتان. ويكشف الفيلم الوثائقي مضمون إحدى البرقيات الدبلوماسية التي أرسلها السفير الألماني إلى لشبونة، وهو أن الدوق أبلغ العملاء الإسبان بأن "استمرار القصف الشديد سيجعل إنكلترا مستعدة للسلام". وتشير البرقية أيضاً إلى أن الدوق كان يعتقد أنه كان سيجنّب انكلترا الحرب، لو لم يُجبر على التنازل عن العرش، وأن إبعاده عن المملكة منعه من تعزيز "أصدقاء السلام الإنكليز". وتكشف الوثائق عن أن الدوق تواصل مع مبعوثين من الرايخ الثالث عبر شخصية نافذة من نظام فرانكو وعرضوا عليه اتفاقاً خطيرا، وهو أن يحل محل جورج السادس على عرش المملكة المتحدة بعد غزو إنكلترا. كما يكشف الفيلم الوثائقي عن برقية أرسلها رئيس الوزراء وينستون تشرشل إلى الدوق في تموز 1940 بعد سقوط فرنسا تبدو وكأنها رسالة تهديد بمحاكمة عسكرية.
 
 
الباهاماس آخر حلول تشرشل
 
 
ووفقا للرواية الرسمية، فإن سلوك الدوق والدوقة السيئ خلال الحرب أدّى إلى قطع العلاقات مع العائلة المالكة بشكل دائم. حتى ان إدوارد لم يلتقِ شقيقه المصاب بمرض خطير مجددا إلا في أيلول 1951 في وندسور. وخلال فترة الغزو الألماني، انتقل إدوارد وزوجته إلى البرتغال، حيث استمرا في الاختلاط مع العملاء والمتعاطفين الألمان، بما في ذلك ريكاردو إسبيريتو سانتو، وهو مصرفي ثري، عُرف بأنه كان يجمع التقارير للنازيين.
 
وللتخلص منه، عيّنه تشرشل حاكما لجزر الباهامس مما أدّى إلى إبعاده فعليا عن أوروبا. ليعيش الزوجان في منفى مذهّب وخامل مع مستعمرة المغتربين البريطانيين الأثرياء الذين فضلوا حلاوة البحر الكاريبي على قساوة الغارات.
 
حظي الدوق والدوقة بالإعجاب في جميع أنحاء العالم من خلال الخضوع للقيود والمخاطر نفسها على غرار رعاياهما. إلا أن هذا لم يمنعه من التواصل مع إسبيريتو سانتو، فأرسل له إدوارد، في أثناء طريقه إلى منطقة البحر الكاريبي، برقية مشفرة يقول فيها إنه على استعداد للعودة إلى أوروبا، بحسب ما تشير الوثائق الألمانية.
 
 
 
كبش الفداء المثالي
 
 
وبعيدا عن الجدل الذي يدور منذ سنوات حول خيانة الدوق إدوارد لبلاده، جاء الفيلم الوثائقي لأندرو لوني في الوقت المناسب. ومن المقرّر أن تسلط احتفالات اليوبيل البلاتيني للملكة إليزابيث الثانية، والتي تمتد من 2 إلى 5 حزيران، الضوء على فترة حكم غير عادية امتدت نحو 70 عامًا. حيث يظهر دوق وندسور وزوجته على أنهما كبش فداء مثاليين، لإخفاء إعجاب جزء كبير من العائلة المالكة والنبلاء آنذاك بألمانيا النازية، كما يقول بعض المحللين والاعلاميين الإنكليز. 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم