الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

المصمّمة مريم تخلّد ذكريات المناسبات... إعادة تدويرٍ بأفكارٍ مبتكَرة

المصدر: النهار
فرح نصور
المصممة مريم عاصي
المصممة مريم عاصي
A+ A-
قد يفلح شخص ما في مجال عمله أو مهنته، إلّا أن حادثة أو فرصة ما، تجعله يكتشف شغفه ويبدع فيه. هذا ما حصل مع المصممة مريم عاصي. فقد حوّلت زجاجة النبيذ إلى كوب جميل جداً، وزجاجة الويسكي إلى قاعدة مصباح، وزجاجة الجين إلى مصباح بحدّ ذاته، وزجاجة الفودكا إلى حاوية شمعة. كلّ هذا وأكثر.
 
كانت مريم مصمّمة غرافيكس، تعمل في إحدى المجلات. شعرت بأنّها غير منتِجة خلال أيام العطل: "فأنا شخص أحبّ أن أنجز شيئاً جديداً كل يوم، ويصيبني الإحباط إن لم أتحرّك"، تروي المصممة مريم عاصي لـ "النهار".
 
تزامنت الفترة هذه مع أزمة النفايات التي استفحلت في العام 2016، "حيث تعرّضنا إلى كمية كبيرة من الأخبار حول النفايات"، فاستثمرت في أيام عطلها بفكرة رأتها على مواقع التواصل الاجتماعي لتدوير الزجاج.
 
 
لفت هذا الأمر نظر مريم وأثار فضولها. بدأت تعلّم نفسها كيفية تحويل هذه الزجاجات وإعادة تدويرها، إذ "درّبت نفسي بنفسي خلال أيام عطلي في ضيعتي في الجنوب"، وتصفّحت التقنيات عبر الإنترنت واشتريت العدة والآلات المناسِبة. واستغرقت وقتاً في تعلّمها دام حوالي 8 أشهر متواصلة".
 
ولتتأكد من مدى صوابية عملها، كانت تجول على "المعلّمين"، من نجارين ومعلّمي زجاج وغيرهم، ليشرفوا على عملها ويعطوا توصياتهم، "لم أملّ البتّة، وتحلّيت بالصبر بإصرار كبير لكي أصل إلى ابتكار هذه المنتجات بيديّ"، وفق المصممة.

كان عملها الأساسي كمصممة غرافيكس، عملاً مكتبياً بامتياز، وخالياً من أي إنجاز يدوي، و"جئت من خلفية بعيدة كل البعد عن عمل تقطيع الزجاج وحفّه، لكنّني أصررت على تعلّمها، ولم يكن لدينا في المنزل أي عدة للأعمال اليدوية، فأهلي جميعهم بعيدون عن هذه الأعمال". وتضحك قائلة: "أنا "المعلّمة" الوحيدة بينهم حالياً". 
 

تقوم مريم بإعادة تدوير الزجاجات، لا سيما زجاجات المشروب الكحولي، لأنّها مميّزة وتتّسم بأشكال فريدة، ويمكن تشكيل أصغرها وتحويله إلى قطعة فنية. وتنظر مريم إلى تصميم زجاجة المشروب وتستوحي ما يليق بتحويلها إليه، من تصاميم كلاسيكية إلى أخرى عصرية.

كما كانت تجول على النجّارين لجمع قطع الخشب الصغيرة المتبقّية من أعمالهم، والتي ينوون رميها، إلّا أنّ مريم تراها موادّ أولية لتنفيذ أفكارها. وقد بدأت فكرتها بقناعة أنّه يمكن الاستفادة من الزجاجات المرمية، بقطعٍ تُستخدم في المنزل أو مجرّد زينة مبتكَرة وفريدة.

تصاميمها هي يدوية 100%، ولا تستعين بأي شخص آخر. حتى قطع الخشب المصاحِبة للزجاجات، تقوم مريم بتشكيلها وطليها على مزاجها. وكذلك الشمع، فمريم تذيبه وتشكّله، وتمدّد الإضاءة داخل التصاميم وتركّبها.
 
 
"أُغرِمت بآلية صنع هذه التصاميم، وكنت أستمتع بتقطيع الزجاج مثلاً"، هكذا تعبّر مريم عن شغفها بإنتاج هذه التصاميم. وعلى قدر سعادتها بهذا العمل، وسمَته بهوية خاصة، بحيث جعلت خلف كل قطعة من قطعها، قصة. فناهيك عن أنّ هذه التصاميم فريدة ومشغولة بحب وشغف مريم اللّذين لا ينتهيان، فهي مخصَّصة أيضاً لكلّ شخص، إذ تخلّد ذكرى مناسبة خاصة ومميّزة. فيمكن أن يأتي الشخص بزجاجة شربها في سهرة مميّزة، ويودّ تخليد ذكراها، فتعمل مريم على تخليدها بحلّة مميزة وجميلة.

وتجسّد هذه الزجاجات ثلاث كلمات، هي "لحظات، ذكريات، وقصص"، وهي "كلمات تعكس مشاعر الجمعات الجميلة"، بحسب وصف مريم. لذلك، كان اسم علامتها Marazal، الذي يعود جزء منه إلى اسم "مريم"، والجزء الآخر يعني "الأزل". 
 
 
احتلّت مريم مستودع الطبقة الأرضية من منزل والديها في بلدة أنصار الجنوبية، وحوّلته إلى مشغلها الحالي. ويتفاعل الناس بطريقة جميلة مع مريم وتصاميمها. وعندما يتعرّفون إلى فكرة هذه التصاميم يقومون بالاحتفاظ بزجاجاتهم لها، وهناك مطاعم عديدة تعرفها مريم، تقدّم لها أيضاً هذه الزجاجات، وأحياناً، تجد أكياساً من الزجاجات أمام مشغلها لا تعرف مصدرها.
 
"الناس يعون تماماً أنّ هذه القمامة يُستفاد منها في أشياء جميلة، ويقدّرون عملي، لذلك، لا يرمون الزجاجات"، بحسب مريم.  وتحمل تصاميمها رسالة بيئية وتوعوية، ما قرّب الناس منها، وكذلك، "الرسالة من هذا العمل هي إحياء ما هو ميّت، و بذلك بعث أمل".  
 
 
يستغرق عمل هذه الزجاجات وقتاً مع مريم. هذه التقنيات، إلى جانب عدم سهولتها، تحمل أخطاراً في إصابات في اليدين. ويصعب العمل بالزجاج كونه مادة مؤذية وصلبة، وتقول إنّ "ثمن شغف هذا العمل كان إصابات كثيرة في يديّ". 
 
إلى ذلك، فإنّ إنتاج هذه التصاميم أخذها حتى من حياتها الاجتماعية، فـ"لطالما كان يذهب أصدقائي في نزهة ومشاريع لم أشاركهم فيها بسبب تفرّغي لعملي". 

 
 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم