الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

مرفأ بيروت… الفاجعة تنتج أبحاثاً جامعية أيضاً

المصدر: "النهار"
كني-جو شمعون
لين-ساشا حنا.
لين-ساشا حنا.
A+ A-
حتّى الشبّان الصغار في بداية مسيرة تخصّصهم وَجَدوا حلولاً بسيطة لإنتاج الكهرباء وتوفير أدنى سبل العيش للسكّان، فيما قوى الأمر الواقع والسلطة السياسية التي "تدوم وتدوم" أدخلت الشعب في نفق مظلم مجرّدةً إيّاه من أبسط الحقوق، حامية الفساد، ومبقية موادّ كيميائية وعالية الخطورة في مرفأ بيروت دمّر قسط منها نصف العاصمة اللبنانية.
 
لين-ساشا حنا، طالبة في الـ 22 من العمر تتخصّص في الهندسة المعمارية في لندن، عملت على مشروع السنة الثالثة حول مرفأ بيروت. واقترحت إقامة مساحة زراعية فيه مستدامة وصديقة للبيئة، معلّلة طرحها بتأمين "الطعام والكهرباء" من خلال إعادة تهيئة الموقع دون تغيير معالمه "لتبقى هويته".
 
انفجار الرابع من آب "كسرها" فولّد لديها "طاقة وغضباً". لذا أرادت أن تستفيد من اختصاصها وتطرح مقاربة في بحثها التقني، تُلبّي فيه حاجات الناس الملحّة. تقول: "أعلم أنّ فكرتي لن تُطبّق في الواقع في المرفأ، لكن يمكن أن يَستوحي منها الناس في مناطقهم للقيام بمشروع مماثل". بنظرها، يجب إيجاد طرق "مستقلّة" كي يتمكّن اللبنانيون من النجاة بوجه حكام "الشعب آخر همّ لديهم".
 
وأكملت بأنها كانت تتهرّب وتتخوّف من العمل على المرفأ، إذ كلّما طرحت الفكرة على أصدقائها، رفضوا أن يُلمَسَ المكان مُعتبرين أنّه "يجب أن يبقى كما هو تخليداً للضحايا". تشرح أنّ أستاذتها طلبت منها أن تعمل عليه، وسرعان ما أصبح المشروع لدى الصبيّة التي كانت في مستشفى الروم يوم الانفجار ويبعد منزلها 300 متر عن مركز الكارثة، عملية تساعد على الشفاء.
 
في تفاصيل المشروع
 
تضمّن بحثها قسماً حول الموادّ التي انفجرت عبر دراسة مراحل الانفجار والدخان الذي تصاعد. بعدها، اهتمّت بتداعيات الانفجار على المناطق المحيطة وعلى البنى التحتية. واطّلعت على أقسام المرفأ وعلى تفاصيل بنائه ومحتوياته، لمعرفة ما يمكن إعادة تدويره من مخلّفات الدمار. واعتمدت على صورة من "غوغل ايرث" وضعت عليها شبكات لتحديد القياسات ونسبة الموادّ التي ستستخدمها في اقتراحها.
 
ونظرت إلى الواقع المزري للقطاع الزراعي في لبنان، فلاحظت التقنيات السيّئة في عملية الريّ اليدوية واستخدام الأسمدة الكيميائية غير الصالحة للزراعة. لذا اقترحت استبدالها بموادّ عضوية تعزّز الإنتاج، مشيرة إلى أنّ التحليل العضوي يستخدم في عدة دول كسماد طبيعي، وهو أفضل للتربة والشتول من الأسمدة الأخرى المكلفة. وابتكرت في مشروعها شبكة ريّ تعتمد على تكرير مياه الشتاء والاحتفاظ بها، لافتة إلى أنّ مياه البحر لا تصلح للزراعة وتنقيتها مكلفة. حسب تصوّر الشابّة، تُستعمل المستوعبات للشتول وتُحَوَّل إلى بيوت محمية خضراء. أما نيترات الأمونيوم فتستبدله بالسماد والموادّ العضوية المتحلّلة. تلقي الضوء: "لدينا فصول أربعة والطقس متوسطي، الغذاء اللبناني مقدّر في كلّ دول العالم وهو يرتكز على الزراعة. وإذا استُخدِمَت الأرض للحصاد يمكن أن تطعم الناس في ظلّ الغلاء المعيشي والأزمة الاقتصادية".
 
إنتاج الكهرباء من خلال الزراعة
 
فيما يخصّ كيفيّة تغذية المناطق المجاورة بالكهرباء، رأت أنه يمكن تخمير بقايا المزروعات في باطن الأرض وإنتاج غاز الميثان، عبر تقنية الهضم اللاهوائي دون أوكسيجين.
 
أمّا مبنى أهراءات القمح فيبقى كما هو، لأنّه باتَ رمزاً يجب الحفاظ عليه، وإنتاج الطاقة الكهربائية يتمّ في داخله.
 
حاولت الشابّة المتأثرة بتاريخ بلدها والرافضة للواقع المرير، الانطلاق أيضاً من قراءات عبر الإنترنت عن عراقة الحضارة الفينيقية، كي تأتي بأفكار خاصّة حول توزيع مراكز الاقتصاد، بالرغم من أنّ ذلك خارج نطاق اختصاصها.
 
العبرة من بحث لين أو من أيّ بحث آخر هي أنّ ألف فكرة تعجّ في رأس الشبّان والشابّات، وكلها قابلة للطرح والنقاش والنقد والتصحيح وأحياناً الرفض، فيما طيلة حكم السلطة السياسية لم يُطرح حلّ واحد مستدام لأيّ مشكلة، إلّا وكان مرتبطاً بالمحاصصات والتبعيات وولاءات المَحاوِر، ولم يُلمَس أيّ عمل لاستباق الكوارث التي حلّت على اللبنانيّين.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم