كثّف الجيش الإسرائيلي غاراته الجوية في وقت مبكر من صباح الثلثاء على قطاع غزة الذي دمّرته الحرب المستمرة منذ أكثر من سبعة أشهر، فيما تواصلت حركة نزوح الفلسطينيين هرباً من العنف، خصوصاً في رفح المهدّدة بعملية عسكرية إسرائيلية كبيرة.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة اليوم الثلثاء إنّ الهجوم الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من تشرين الأول أسفر حتى الآن عن مقتل ما لا يقل عن 35173 فلسطينياً وإصابة 79061 آخرين.
وذكرت في بيان أنّ 82 فلسطينياً قتلوا وأصيب 234 آخرون خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
في خضم الحرب التي بدأتها إسرائيل ردّاً على الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة "حماس" في جنوبها في 7 تشرين الأول، أحيا الاسرائيليون ذكرى الجنود الذين قضوا أثناء خدمتهم وضحايا الهجمات على إسرائيل قبل إحياء الذكرى الـ76 لقيامها.
وفي الساعات الأولى من صباح الثلثاء، أفاد شهود ومراسلون في "وكالة فرانس برس" بتنفيذ القوات الإسرائيلية غارات جوية على مناطق مختلفة من غزة، فيما أعلن الدفاع المدني الفلسطيني سقوط ثمانية قتلى على الأقل في قصف استهدف مبنى في مخيم النصيرات.
كذلك، استهدفت غارات جوية رفح في جنوب القطاع المكتظة بنحو 1,4 مليون فلسطيني كان معظمهم لجأ إلى هذه المدينة الواقعة عند الحدود مع مصر هرباً من القصف والقتال في الأشهر الأخيرة، إلّا أنّ جزءاً منهم يهربون الآن منها بعد التهديدات الإسرائيلية بشن عملية كبيرة فيها.
وفي 7 أيار، توغل الجيش الإسرائيلي بدباباته في رفح وسيطر على الجانب الفلسطيني من معبرها. كذلك، أصدرت أوامر إخلاء للمدنيين الذين نزح نحو 360 ألفاً منهم وفقاً للأمم المتحدة.
في غضون ذلك، استمرت حركة نزوح كثيفة من رفح سيراً أو بمركبات وعلى دراجات أو في عربات تجرّها الدواب، لا يعرفون إلى أي يذهبون بعدما استحالت معظم مناطق القطاع ركاماً جرّاء الحرب الأطول في تاريخ الصراع.
وقال أحد السكان مصطفى ديب "ليس هناك تجار في رفح كل الخدمات متوقفة. لا حياة هنا. أنا أبحث عن خبز منذ الصباح (لكنني) لم أجد لأطعم أولادي. لا أعرف إلى أين سأخذهم. رفح مدينة أشباح".
- "حملة مكافحة تمرد لا نهاية لها" -
وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القضاء على "حماس" التي تتولى السلطة في غزة منذ العام 2007 والتي تصنفها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية.
ومن أجل تحقيق ذلك، يقول نتنياهو إنّ هجوم رفح ضروري إذ يعتبرها آخر معقل كبير لحركة المقاومة، وذلك رغم مخاوف المجتمع الدولي بشأن السكان المدنيين.
وتعارض الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، هجوماً واسع النطاق في رفح، حتى أن مسؤولين أميركيين شكّكوا في الأيام الأخيرة في إمكان القضاء على الحركة بالكامل.
والاثنين، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جايك ساليفان: "نحن نواصل العمل مع إسرائيل لإيجاد طريقة أفضل لضمان هزيمة "حماس" في كل أنحاء غزة، بما فيها رفح" بدلاً من "رؤية إسرائيل تنزلق في حملة مكافحة تمرد لا نهاية لها".
- قصف "في كل مكان" -
ويحتدم القتال منذ أيام في جباليا ومدينة غزة (شمال)، حيث يقول الجيش الإسرائيلي إن "حماس" "تحاول إعادة بناء قدراتها العسكرية".
وهناك أيضاً دفعت أوامر إخلاء أصدرها الجيش الفلسطينيين إلى النزوح في وقت تقول الأمم المتحدة إن "لا مكان آمناً في قطاع غزة".
وقال محمود البرش الذي فر من جباليا إلى مدينة غزة، لوكالة فرانس برس، "ننتقل من مكان إلى آخر لكن القصف مستمر في كلّ مكان".
واندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول، بعدما شنّت حركة "حماس" هجوماً غير مسبوق في جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل 1170 شخصاً غالبيتهم مدنيون وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وخطف خلال الهجوم أكثر من 250 شخصاً ما زال 128 منهم محتجزين في غزة توفي 36 منهم، وفق مسؤولين إسرائيليين.
ورداً على الهجوم، نفذ الجيش الإسرائيلي حملة قصف مدمرة وعمليات برية في قطاع غزة تسببت بسقوط 35091 قتيلاً غالبيتهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لـ"حماس".
لكن بحسب نتنياهو فإنّ حوالى نصف القتلى في غزة "مقاتلون في حماس" متحدثاً عن حصيلة إجمالية بنحو 30 ألف قتيل مضيفاً في بث صوتي رقمي (بودكاست) إن "نحو 14 ألف مقاتل قتلوا وكذلك على الأرجح نحو 16 ألف مدني".
- "لا إبادة" -
وفي مواجهات حركة احتجاجية في الكثير من الجامعات الأميركية قال البيت الأبيض الاثنين "نحن نعتبر أن إسرائيل بإمكانها ويتعين عليها أن تبذل مزيداً من الجهد لحماية المدنيين الأبرياء. لا نظن أن ما يحصل في غزة هو إبادة".
من جهتها، حذّرت وزارة الصحة في حكومة "حماس" الإثنين من انهيار المنظومة الصحية في ظلّ تقييد إسرائيل دخول المساعدات. وقالت في بيان مقتضب "ساعات قليلة تفصلنا عن انهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة نتيجة عدم إدخال الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء في المستشفيات وسيارات الإسعاف ونقل الموظفين".
وحُظر دخول المساعدات إلى غزة بشكل شبه كامل، وفقا للأمم المتحدة، منذ أغلقت إسرائيل معبر رفح في 7 أيار.
من جهته، قال نائب الناطق باسم الأمم المتحدة فرحان حق إن أحد أفراد أجهزة الأمن التابعة للأمم المتحدة قُتل في هجوم استهدف سيارته في رفح الاثنين، موضحا أنه أول موظف دولي تابع للمنظمة يُقتل في غزة منذ اندلاع الحرب.