الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

في الصين... ذكرى الاحتجاجات المناهضة لسياسة كوفيد لا تزال ماثلة في الأذهان

المصدر: أ ف ب
صورة ارشيفية- تجمع في أحد شوارع شنغهاي في 27 ت2 2022، احتجاجا على سياسة كوفيد في الصين (أ ف ب).
صورة ارشيفية- تجمع في أحد شوارع شنغهاي في 27 ت2 2022، احتجاجا على سياسة كوفيد في الصين (أ ف ب).
A+ A-
باستثناء حضور محدود لعناصر الشرطة على تقاطعات رئيسية، تغيب المؤشرات الى التظاهرات التاريخية التي شهدتها الصين قبل عام احتجاجا على سياسة صفر-كوفيد وباغتت السلطات في مدينة شنغهاي.

تسبب الإغلاق المفاجئ والمتكرر بالاضافة إلى إجراء فحص تفاعل البوليميراز المتسلسل "بي.سي.آر" على نطاق واسع بشكل شبه يومي وفرض تدابير للحد من انتشار كوفيد في تعطيل الحياة اليومية للصينيين لنحو ثلاث سنوات تقريبا، أي لغاية عام 2022.

وكان حريق دام نشب في أورومتشي، عاصمة إقليم شينجيانغ (شمال غرب)، أثار موجة تظاهرات واسعة لم تشهد مثلها البلاد منذ الاحتجاجات المؤيدة للديموقراطية في العام 1989، إذ اعتبر كثيرون أن الإغلاق العام بسبب مكافحة كوفيد-19 أعاق مهمّة فرق الإنقاذ.

ليلة 26 إلى 27 تشرين الثاني 2022، أقام مئات الأشخاص وقفة احتجاجية في شارع ولوموكي في وسط شنغهاي.

وتتذكر لي، وهي متظاهرة فضلت عدم ذكر اسمها الحقيقي لأسباب أمنية، أن "الأجواء كانت حزينة، لكنها كانت مشجعة أيضًا". 

بدأ التجمع في البداية تكريمًا لضحايا الحريق العشرة، وما لبث أن تحول دعوات لإلغاء سياسة "صفر كوفيد" الصارمة، ثم، في تعبير نادر، إلى مطالبة الرئيس شي جينبينغ بالاستقالة أو حتى الإطاحة بالحزب الشيوعي الحاكم.

وقالت لي لوكالة فرانس برس إنه منذ ذلك الحين "يبدو أن الجميع قد نسوا الأمر، ولم يعد أحد يتحدث عن ذلك".

واضافت الشابة التي تناهز العشرين عاماً "بعد رفع سياسة صفر كوفيد، عاد الجميع إلى الحياة الطبيعية" مشيرة إلى أنها لا تزال "متأثرة" بأحداث العام الماضي.

ومع اقتراب الذكرى السنوية، حذرتها الشرطة من الخروج في أي تظاهرات أخرى.

 - شعارات مناهضة للنظام-
كما نُظّمت وقفات احتجاجيّة مماثلة في مدن عدة، بينها قوانغتشو (وسط)، وتشنغدو (جنوب غرب) وبيجينغ، على الرغم من انتشار الشرطة المعتاد وعدد كبير من كاميرات المراقبة.

وحمل المشاركون ومعظمهم من الفئة العمرية 18-35 عامًا، صامتين أوراقًا بيضاء، في خطوة أصبحت رمزا للاحتجاج على الرقابة في الصين.

واشارت ديانا فو خبيرة السياسة الداخلية الصينية من جامعة تورنتو في كندا إلى أنه "ليس من المستغرب أن تندلع الاحتجاجات ردًا على فرض سياسة صفر كوفيد" لكنه في المقابل كان "في الخطاب العدائي ضد النظام"، مع شعارات مناهضة للسلطة.

والاحتجاجات أمر مألوف في الصين ولكنها نادرا ما تتعلق بالسياسة، وهو موضوع بالغ الحساسية ويعرض المشاركين لأعمال انتقامية شديدة. 

وبالنسبة لحرية التعبير، ترى لي "أنها تستطيع العيش بدونها، لأنها لا تؤثر على حياتها اليومية" لكنها أكدت أن كوفيد غيّر كل شيء، وبخاصة الاغلاق الصارم الذي فُرض في شنغهاي لمدة شهرين في ربيع عام 2022، وشعرت حينها بأنها "سجينة".

- "عنيف" -
وأكدت "أن الناس لا يتظاهرون من أجل حقوقهم إلا عندما يؤثر ذلك عليهم بشكل مباشر. ولهذا السبب خرج الكثيرون" في العام الماضي.

واعتبرت الأستاذة المساعدة في جامعة دورهام تشينتشين تسانغ (بريطانيا) حينها أن أغلبية المشاركين لم تكن تريد "إصلاحات سياسية".

وقال هوانغ ييتشنغ (27 عاما) الذي احتجزته الشرطة لفترة وجيزة قبل أن يفر إلى ألمانيا، لوكالة فرانس برس إن الذين كانوا يريدون تغييرات سياسية تعرضوا "لضغوط شديدة".

وأكد هوانغ أن "الاحتجاجات كانت بمثابة موجة شديدة" ولكن عندما تم رفع القيود الصحية، "وجدنا أنفسنا مثل الأسماك (عندما تنحسر المياه)، عالقين على الشاطئ".

ومن أجل تضييق الخناق على هذه الحركة الناشئة، تم تفعيل الأجهزة الأمنية في الصين. 

وبحسب المتظاهرة لي، لم تتردد الشرطة في استخدام القوة في شنغهاي خلال الليلة الثانية من التظاهرات. واوضحت "لقد اقتادوا فتاة إلى سيارة الشرطة. كان الأمر عنيفًا للغاية لدرجة أنني لا أستطيع التوقف عن التفكير في هذا المشهد".

- رفع القيود الصحية -
وبعد أسبوع، تم استدعاء لي إلى مركز الشرطة ومواجهتها بصورة التقطت لها أثناء التظاهرة. وطلبت منها الشرطة "وصف ما فعلته وسبب وجودي هناك (...) بتفصيل كبير". 

ومن جانبه، أكد هوانغ ييتشنغ أنه تم سحله من قبل الشرطة، لكنه تمكن من الفرار مشيراً إلى أنه رأى العديد من النساء يتعرضن للضرب في ذلك المساء. 

تم نقل أواعتقال حوالي مئة إمراة في جميع أنحاء البلاد بعد الاحتجاجات، وفقًا لتقديرات ويليام ني من منظمة المدافعين عن حقوق الإنسان الصينية.

وقد تم الإفراج عن معظمهن منذ ذلك الحين، باستثناء كاميلي وايت، وهي طالبة من الأويغور تبلغ 19 عامًا، بحسب ويليام ني.

لم ترد وزارة الأمن العام في الصين على طلب وكالة فرانس برس بالتعليق. 

بعد عشرة أيام من بدء الاحتجاجات، خففت الصين الكثير من القيود الصارمة التي فرضتها للحد من انتشار كوفيد، وعزت لي وهوانغ ييتشنغ الأمر إلى تحركهما.

ورفعت الصين معظم قيودها الصحية وأعادت فتح حدودها تدريجيا في كانون الثاني 2023.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم