السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

بداية تعبئة سياسية للمعارضة في المناطق الروسية "لقد كنا مكممين وهذا يحصل للمرة الأولى"

المصدر: النهار
آسيا أليبوفا تعزف في الاستديو الخاص بها بمدينة بيرم في جبال الاورال.  (أ ف ب)
آسيا أليبوفا تعزف في الاستديو الخاص بها بمدينة بيرم في جبال الاورال. (أ ف ب)
A+ A-
 
عندما رأى آلاف المتظاهرين المؤيدين للمعارض أليكسي نافالني يتدفقون إلى الشارع الرئيسي في بيرم على رغم تدني درجات الحرارة الى عشرين تحت الصفر، أدرك إيفان رودنييف أن شيئا ما قد تغير: "لقد كنا مكممين، وهذا يحصل للمرة الأولى".
في هذه المدينة الصناعية الواقعة في جبال الأورال الروسية، تظاهر ما بين خمسة آلاف وثمانية آلاف شخص في 23 كانون الثاني دعما للمعارض المسجون. وإذا كان هذا العدد يبدو قليلا بالنسبة لمدينة يبلغ عدد سكانها مليون نسمة، فهو رقم قياسي "في تاريخ بيرم الحديث" كما أكدت وسائل الإعلام المحلية. 
شعر إيفان رودنييف وهو عضو في فريق أليكسي نافالني بالتغيّرات  قائلا: "الناس كتبوا إلينا ليخبروننا أنهم سيأتون ولكي يطلبوا منا التفاصيل" كما روى هذا الشاب البالغ من العمر 27 عاما.
وتكثفت المشاهد المماثلة في جميع أنحاء البلاد: من ياكوتسك في سيبيريا حيث تدنت درجات الحرارة في شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014، إلى 50 تحت الصفر، ثم في أكثر من 110 مدن لبت نداء نافالني.
هي تعبئة غير مسبوقة، في حين ان التظاهرات محظورة وخطر الاعتقال لا يستهان به فيما ينحصر النشاط السياسي في روسيا تقليديا في موسكو أو سان بطرسبرج.
يقول عالم الاجتماع أليكسي ليفينسون من مركز ليفادا إن "مدنا لم نفكر فيها من قبل" انضمت إلى الحركة، مضيفا :"للمرة الأولى رأينا أشخاصا يخرجون بشكل جماعي ليس من أجل قضية محلية وإنما من أجل برنامج روسي مشترك".
وبالنسبة لكثيرين، فإن مصير المعارض الذي اعتقل بمجرد عودته إلى روسيا بعد خمسة أشهر من النقاهة في ألمانيا بعد تعرضه لتسمم مفترض، أو الفيلم الذي نشره وكشف فيه أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يمتلك قصرا فخما على البحر الأسود، ساهما في تحفيز الحشود.
لكن السأم من الانتخابات المعروفة نتائجها مسبقا وفساد النظام القضائي أو تراجع مستوى المعيشة، كانت عوامل لها تأثير أكبر. في بيرم، ورغم أن وسط المدينة لم يتغير منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، ليست هناك أسباب كثيرة للاعتراض لان المدينة تمكنت من الاحتفاظ بقاعدة صناعية قوية.
لكن حتى في هذا المجال فقد تراجعت كثيرا عالميا، كما يقول ناشط من المعارضة المحلية يدعى يوري بوبروف (38 عاما) مقارنة مع السبعينات "حين كنا نبني محركات بروتون، الصواريخ الأقوى في العالم".
 
ركود
ومن من بين الروس الذين رغبوا في الانضمام الى هذه الحركة في 23 كانون الثاني آسيا أليبوفا وهي موسيقية ومترجمة تبلغ من العمر 31 عاما لطالما أرادت "البقاء بعيدا عن السياسة".
تقول :"كان هناك الكثير من المواضيع التي تبعث على القلق عام 2020". شكلت الدعاوى القضائية التي استهدفت الناشطة في سبيل المثليين يوليا تسفيتكوفا ثم التعديلات الدستورية التي أتاحت لفلاديمير بوتين البقاء في السلطة حتى عام 2036 صدمة بالنسبة إليها.
تعبر هذه الشابة عن أسفها للركود الثقافي الذي أثر على بيرم. في مطلع سنوات 2010، تم تعيين جامع القطع الفنية الشهير مارات جيلمان مديرا لمتحف الفن المعاصر، وقائد الاوركسترا المعروف تيودور كورنتزيس ضمن الأوبرا المحلية. وعنونت صحيفة "النيويورك تايمس" آنذاك "بلباو على أطراف سيبيريا".
لكن أدى معرض انتقد دورة الألعاب الأولمبية لعام 2014 في سوتشي الى ضربة لمارات جيلمان الذي تدهور وضع متحفه منذ ذلك الحين، كما غادر تيودور كرنتزيس بيرم في عام 2019 وسط الضغوط.
تقول آسيا أليبوفا: "لا أعتقد أن الناس خرجوا من أجل نافالني ولكن ضد كل ما يحدث  كل ما نحن مستاؤون منه".
من جهته يقول الخبير السياسي المستقل ألكسندر كينيف إن "المنظم الرئيسي لهذه الأعمال هو السلطة نفسها، سلوكها".
 لكن يتعذر على المعارضين وكذلك الخبراء معرفة ما اذا كانت هذه الحركة ستستمر فيما دعا فريق نافالني الى تظاهرات جديدة الأحد.
ويرغب إيفان رودنييف بالاعتقاد بأن "شيئا ما سيتغير" لأنه "لا يمكن على الإطلاق عدم أخذ رأي مثل هذا العدد من الناس، في الاعتبار". أما آسيا أليبوفا فتناقش كثيرا مع أصدقائها المرحلة التالية لهذه الحركة، خصوصا وان التظاهرات التي استمرت على مدى أشهر في بيلاروس لم تؤد الى زعزعة نظام الرئيس ألكسندر لوكاشنكو.
لكن ما شهدته من أحداث يدفعها الى التشاؤم، فخاباروفسك في أقصى الشرق الروسي كانت أول مدينة في المناطق الروسية تشهد تظاهرات كثيفة بعد اعتقال حاكم محلي في تموز 2020 انتخب في تحد للكرملين، لكن بعد بضعة أشهر من التعبئة لا يزال الحاكم في السجن.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم