الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

حقبة جديدة في البرازيل مع لولا... ماذا كشف حزب الرئيس لـ"النهار"؟

المصدر: "النهار"
الرئيس البرازيليّ لولا دا سيلفا.
الرئيس البرازيليّ لولا دا سيلفا.
A+ A-
رينا الحسنية
 
"لقد حاولوا دفني حيًّا وأنا هنا"! بهذه الكلمات خاطب الرئيس البرازيليّ الجديد، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، المؤيّدين والصحافيّين، واصفًا فوزه في الانتخابات الرئاسية قبل أسابيع بـ"قيامته السياسيّة".
 

 

يمثّل فوز السياسيّ البالغ من العمر 76 عاماً عودة اليسار إلى السلطة في البرازيل، وفي الوقت عينه، تختتم عودة لولا دا سيلفا مسيرة شخصيّة مظفّرة تمثّلت بالرئيس السابق جايير بولسونارو. جاءت العودة إلى سدّة الرئاسة بعد سلسلة من مزاعم الفساد أدّت إلى سجنه لمدّة 580 يوماً، لكنّ المحكمة العليا ألغت لاحقاً الأحكام، الأمر الذي مهّد الطريق أمامه للترشّح وإعادة انتخابه.

 

في حوار خاصّ لـ"النهار" مع ألكسندر بوبو، أمين العلاقات الدوليّة لحزب العمّال الشبابيّ في البرازيل، وهو شخص مقرّب من الرئيس المنتخب حديثًا لولا دا سيلفا، يصف الرئيس البرازيلي الجديد بأنّه أحد أهمّ قادة أميركا اللاتينيّة والأكثر شعبيّة في العالم، إذ كان رئيساً لمدّة 8 سنوات، ويعتبر حاليّاً أكثر زعيم ديموقراطي تمّ التصويت له في العالم، إذا تمّ جمع كلّ دورات الانتخابات التي خاضها للرئاسة. ويرى بوبو أنّ سجن لولا لمدّة 580 يوماً كان هدفه نسف كلّ فرصة انتخاب جديدة في العام 2018، الأمر الذي فتح الطريق لانتخابات جايير بولسونارو في ذلك العام.

 

ونتيجة ذلك، أطلق دا سيلفا حملته للانتخابات الرئاسيّة هذه السنة، داعياً الناس إلى الاتّحاد خلفه لهزيمة "التهديد الديكتاتوري"، معتبراً ذلك تحوّلاً جديداً للبرازيل. وهنا، يشير بوبو إلى أنّ "بولسونارو مدافع شرس عن الديكتاتوريّة، ولعب دوراً في محاربة حقوق الإنسان وحقوق الأقليّات، فيما يعتبر لولا اليوم محارباً شرساً عن حقوق الإنسان كردّة فعل عكسيّة تجاه سياسات بولسونارو المجحفة الرافضة للديموقراطيّة".

 

 وعلى الرغم من اعتبار لولا أنّ إعادة ترسيخ الديموقراطية تحدّ كبير بالنسبة إلى البرازيل، لكنّه يعتقد أنّهم قادرون على القيام بذلك بمساعدة الصحافة، المؤسّسات والمجتمع المدني، خاصّة بعد الهجمات المتكرّرة ضدّ السلطات القضائيّة والانتخابيّة والمراسلين الصحافيين، لاسيّما المراسلات، من قبل سلطة بولسونارو، على ما يقرب من أربع سنوات.

 

وكان من اللافت اعتبار الرئيس الجديد القضيّة الفلسطينيّة جزءاً لا يتجزّأ من اهتماماته الدوليّة، إذ بدأ تمثيلاً للسلطة البرازيلية في مدينة رام الله، فأنشأ مكتب ممثليّة جمهوريّة البرازيل الاتحاديّة الذي افتتح سنة 2004، بعهده السابق، وذلك اعترافاً منه بوجود دولة فلسطين.

 

ويُعتبر ملفّ القضيّة الفلسطينيّة أحد القضايا التي تعكس مدى عمق الاختلاف بين المرشّحين لرئاسة البرازيل من حيث الديبلوماسيّة الدوليّة. وفي هذا السياق، يلفت بوبو إلى أنّهم "يعتمدون المبدأ عينه في ما يتعلّق بالصراعين الفلسطينيّ - الإسرائيليّ والأوكرانيّ – الروسيّ".

 

ويشدّد على أهميّة "فهم أنّ بناء السلام، وهو عمليّة حاليّة ومستمرّة للمجتمع الدولي"، معتبراً أنّ "السلام قضيّة كبيرة في العالم، لذلك، ركّز على عدم حصر اختيارالقضايا التي تلفت انتباه وسائل الإعلام العالميّة فقط، بل على مفهوم السلام، والعمليّة الديموقراطيّة كجزء لا يتجزّأ من حياة الفرد والمجتمع".

 

ولم يغب عن القيادة البرازيلية الجديدة حال البلدان الأخرى التي تعاني من جرائم ضدّ الإنسانيّة، إذ ذكر بوبو جرائم الحرب التي تحصل في اليمن ومنطقة أفريقيا وغيرها، وناشد الاتّحاد الأوروبيّ لأخذ موقف إيجابيّ وإنهاء الاحتلال العسكري في كلّ مكان.

 

وردّاً على سؤال متعلّق بالتحديّات الاقتصاديّة الضخمة التي تنتظر لولا، خاصّةً بعد تضرّر البرازيل بشدّة من التضخّم في النصف الثاني من عام 2021، يكشف أنّ تركيزهم سيكون على "الزيادة في الاستثمارات وليس الإنفاق، بعد أن أنفق بولسونارو الكثير من المال في الميزانيّة السريّة واستخدمها في انتخاباته"، كما أعلن أنّه "سيتمّ تقسيم وزارة الاقتصاد الضخمة إلى وزارتين، لتصبح الأولى مسؤولة عن القرارات الاقتصاديّة، والثانية مسؤولة عن الميزانيّة والسياسات الكبيرة".

 

ولا ينكر بوبو وجود تحدّيات على المستوى الاجتماعي، ويؤكّد خوض معركة كبيرة تتعلّق بالسياسات العامّة المختلفة والاستثمارات العامّة لمكافحة الجوع. ويلفت إلى أنّ على الرغم من إخراج البرازيل من خريطة الجوع التابعة للأمم المتّحدة، إلّا أنّ دورهم لم ينته، إذ يعملون الآن على تمكين المجتمعات الفقيرة.

 

على صعيد آخر، دعا لولا دا سيلفا إلى "حوكمة عالميّة جديدة" لمواجهة تغيّر المناخ، وشدّد على أنّ البرازيل يجب أن تلعب دوراً مركزيّاً في هذا الحكم، نظراً إلى مواردها الطبيعيّة. وفي هذا الإطار، يُشدّد بوبو على أنّنا "بحاجة إلى إصلاح مؤسّساتنا الدوليّة ليكون لدينا حكم يشبه واقع العالم اليوم، وسيتولى دا سيلفا دوراً مركزيّاً في مناقشة تغيّر المناخ خلال ولايته، وتعدّ مشاركته في مؤتمر الأمم المتّحدة المعنيّ بتغيّر المناخ (COP27) إشارة إلى ذلك".  

 

إذاً، براغماتيّة ضروريّة هزمت "الديكتاتور" وتكرّست كأسلوب حكم بعودة اليساريّ لولا دا سيلفا إلى رئاسة البرازيل، وهو الآن يشكّل مركز قوّة اليسار الأميركيّ اللاتينيّ، خاصّة بعد اقتحامه الحياة السياسيّة من بابها الواسع، معزَّزاً بنجاحاته في العمل النقابي، في بلد كان واقعاً تحت الحكم العسكريّ الدكتاتوريّ.

 

يترقّب المجتمع الدوليّ عودة البرازيل إلى الساحة من جديد بعد تغيّر الحكم ووصول سلطة جديدة مناقضة لخليفتها، تتمتّع بالانفتاح وتدعو إلى دعم الشعوب الأكثر تهميشاً، ومن المنتظر أن يكون لها دورها أمميّاً على أكثر من صعيد، ومن الضروريّ أن نستشهد في هذا الإطار بخطاب للولا دا سيلفا: "اليوم نقول للعالم إنّ البرازيل عادت"!

 

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم