أوكرانيا و"نهاية نهاية التاريخ" التي لم تأتِ

"كانت الأحداث تتوالى، لكنّ التاريخ ظلّ مجمّداً". بهذه العبارة، اختصر الكاتب السياسيّ في مجلّة "سبكتايتور" البريطانية سام آشوورث-هيس مشهد الرضا عن النفس الذي ساد الغرب طوال إظهار روسيا مؤشرات عن نيتها تقويض النظام العالمي الليبيرالي. إنّه النظام الذي قام على فكرة "نهاية التاريخ" التي تنبّأت بتضاؤل النزاعات الدولية بفعل اعتناق الليبيرالية وحرية التجارة الدولية ممّا يجلب الازدهار للدول ويعزّز داخلها الطبقات الوسطى المتعطّشة للديموقراطيّة والحوكمة الرشيدة والحذرة من الصراعات العسكرية. بناء على هذه المعطيات، كان يفترض بمرحلة حلّ النزاعات الدولية عبر الحروب أن تطوى تدريجياً إلى غير رجعة. "نهاية نهاية التاريخ"بعد بدء روسيا اجتياحها لأوكرنيا، عادت إلى الواجهة مجدداً فكرة "نهاية التاريخ" التي صاغها عالم السياسة فرنسيس فوكوياما  (مدير مراكز عدة في جامعة ستانفورد) منذ ثلاثين عاماً. ليست هذه هي المرّة الأولى التي تتعرّض فيها الفكرة للنقد. عند كلّ منعطف يتبيّن فيه تغيير حقيقيّ أو متصوّر في النظام الدوليّ الذي تقوده الولايات المتحدة، تكثر التحليلات عن "الأخطاء" التي وقع فيها فوكوياما. بطبيعة الحال، من السهل انتقاد أيّ فكرة بعد فشل تطبيقها، وبعد ظهور العناصر التي لا يمكن ترقّبها عند وضع الإطار العام لأيّ توقّع سياسيّ بعيد المدى. لكن ثمّة ملاحظات أخرى في هذا السياق. فوكوياما أو غيره ممّن يؤمنون بالفلسفات المثاليّة (فوكوياما متأثر بهيغل) ليسوا صنّاع قرار. يفترض بالسياسيين إعادة إصلاح مكامن الخلل في النظام العالميّ لحمايته من الاعتداءات ومن أيّ عطب في آليّات عمله. وهذا ما أظهره آشوورث-هيس:لم تكن حرب روسيا في جورجيا (2008) وعمليّة ضمّها القرم (2014) كافيتين لإيقاظ العالم على المشاكل الكامنة. ربّما كان ذلك بسبب قناعة غربيّة طويلة المدى بأنّ روسيا قادرة على الاندماج في العالم أو بأنّها "انتهت" كقوة عالميّة، (مجلّة...