الخميس - 09 أيار 2024

إعلان

النجاح بقتل الظواهري لا يعفي بايدن من أسئلة حرجة

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
الرئيس الأميركي جو بايدن يبلغ الأميركيين نبأ اغتيال أيمن الظواهري - "أ ب"
الرئيس الأميركي جو بايدن يبلغ الأميركيين نبأ اغتيال أيمن الظواهري - "أ ب"
A+ A-

ليست السياسة الخارجية من نقاط قوة الرئيس الأميركي جو بايدن خلال ولايته. بهذا المعنى، قتلُ أيمن الظواهري هو من الأنباء الإيجابية النادرة بالنسبة إلى بايدن في هذا المجال. تستعدّ "طالبان" للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى على العودة إلى السلطة بعد عشرين عاماً على إطاحتها. لا تسير الاستعدادات وفقاً لمشتهى الحركة بالضبط. الأوضاع الاقتصادية سيّئة للغاية وأفغانستان معرّضة لعزلة شبه دوليّة بسبب شكوك العالم بنوايا الحركة.

في الولايات المتحدة ليست الأوضاع أفضل حالاً بكثير. يتذكّر الأميركيّون في وقت لاحق من الشهر الحاليّ كيف انتهى الانسحاب الأميركي من أفغانستان بمقتل 13 جندياً بعد هجوم انتحاريّ استهدف مطار كابول. لم تحمل المشاهد الأخرى الآتية من العاصمة ما يمكن أن يفخر به الأميركيّون أو حتى المسؤولون في الإدارة الحاليّة.

 

فرصة تعويضية

في تمّوز 2021، نفى بايدن أن تتمكّن "طالبان" من الوصول إلى الحكم. ونفى أيضاً أن يشاهد الأميركيون طوافات تقوم بعمليات إنقاذ من على سطح سفارتهم كما حصل في فيتنام الجنوبية. لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لدحض توقعات بايدن. عن قضيّة عدم سحب الطوافات الأشخاص العالقين "من على سطح السفارة"، تهكّم الخبير الأميركي في استطلاعات الرأي فرانك لونتز واللواء السابق في البحرية الأميركية مارك مونتغومري من توقّع الرئيس الأميركيّ فكتبا في صحيفة "تيليغراف" السنة الماضية: "لقد وفى بوعده: للسفارة الأميركية في كابول مهبط للطائرات في باحتها الأمامية". أمّا صور المتعلّقين بالطائرات الأميركيّة والذين سقطوا من عجلاتها فكانت من بين الأكثر قساوة.

شاء القدر منح بايدن فرصة للتعويض بعد عام على الانسحاب الكارثيّ. زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري يُرصد على شرفة أحد المنازل في كابول. كانت الاستخبارات والمسيّرات الأميركيّة بانتظاره. حصلت على الضوء الأخضر من الرئيس الأميركيّ لاصطياده. مرّة أخرى، تمكّنت الولايات المتحدة من الانتقام لضحايا هجمات 11 أيلول. لم تكمن جائزة بايدن في قدرته على اغتيال أحد العقول المخطّطة لقتل نحو 3 آلاف أميركي في 2001 وحسب. لقد برهن لنقّاده أنّ أميركا قادرة على ملاحقة الإرهابيين حتى من دون احتفاظها بقوّات على الأراضي الأفغانيّة. مكافحة الإرهاب "ممّا وراء الأفق" أثبتت نجاحها. أو هكذا بدا.

 

خبر جيّد... خبر سيّئ

لم يوفّر النقّاد بايدن من انتقادات كثيرة لسياسته الأفغانية على الرغم من الإشادة بقتل الظواهري. دارت الانتقادات حول ملاحظة أساسيّة: ما الذي كان يفعله الظواهري وسط كابول وفي حيّ ديبلوماسيّ بارز؟ سيتوجّب على إدارة بايدن الإجابة على هذا السؤال لسببين بالحدّ الأدنى. الأوّل أنّه كان يفترض بحركة "طالبان" أن تكون قد قطعت علاقاتها مع "القاعدة". وجود الظواهري في كابول كذّب هذه السرديّة. لم يكن بايدن بحاجة إلى العثور على الظواهري في أفغانستان ليتأكّد من ذلك. دراسات محلّلي شؤون الإرهاب عن استمرار الروابط بين الطرفين لم تكن نادرة في هذا المجال.

النائب مايكل ماكول وهو يعدّ أبرز جمهوريّ في لجنة الشؤون الخارجية قال "إنّ انسحابنا الفوضوي والقاتل من أفغانستان فتح الباب لـ‘القاعدة‘ كي تعمل بحرّيّة داخل البلاد من أجل شنّ عمليّات خارجية ضدّ الولايات المتحدة وحلفائنا مجدّداً".

النائب الجمهوري مايك وولتز هنّأ وزارة الدفاع والمجتمع الأمنيّ والإدارة على "هذه العمليّة الناجحة". لكنّه تابع: "الجيّد: إنّنا تخلّصنا من إرهابيّ مريع. السيئ: عادت ‘القاعدة‘ إلى كابول – تماماً كما كانت في 2001".

من جهته، أشار مارك ثيسن في صحيفة "واشنطن بوست" إلى أنّ الأميركيّين رصدوا وجود الزعيم السابق لتنظيم "القاعدة" في كابول منذ أيار على الأقل. استغرق الأمر بضعة أشهر فقط كي تعيد الحركة استقبال الظواهري.

 

ردّ طالبان

في هذا الإطار، تقول "طالبان" إنّها لم تكن على علم بوجود الظواهري على أراضيها. ربّما تعلم الاستخبارات الأميركيّة وحدها ما إذا كان ذلك صحيحاً. لكنّ انتقال الظواهري إلى أفغانستان منذ أيار يخفّف من احتمال صحّة ما ادّعته الحركة. حتى في حال افتراض أنّ "طالبان" صادقة في ما تقول، فهذا يعني أنّها ليست شريكاً موثوقاً للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب. في كلتا الحالتين، لا تجد الحركة نفسها في موقف مريح تجاه المجتمع الدولي.

وجد تقرير أمميّ قُدّم إلى مجلس الأمن في حزيران أنّ قادة "طالبان" عيّنوا 41 رجلاً موضوعين على اللائحة الأمميّة السوداء في الحكومة أو في مناصب إداريّة بارزة. وأضاف أنّ الحركة "تبدو واثقة" في القدرة على حكم البلاد و"انتظار" المجتمع الدوليّ حتى يعترف بشرعيّة حكمها خصوصاً في ظلّ غياب حكومة أفغانيّة في المنفى أو مقاومة داخليّة فعّالة.

 

مصدر قلق آخر

السبب الثاني الذي يدفع الإدارة لتقديم إجابة على سكن الظواهري في العاصمة الأفغانية هو ضرورة توضيح ما إذا كان يخطّط لهجوم إرهابيّ آخر ضدّ الولايات المتحدة. لكنّ الإدارة لن تعرف ذلك بما أنّها قتلت الظواهري عبر صاروخ. أظهر ثيسن أيضاً أنّ واشنطن لن تستطيع جمع أدلّة حول نشاطاته الأخيرة لأنّها لم تكن تملك جنوداً على الأرض، كما فعلت في 2011 حين قتلت أسامة بن لادن في مجمع آبوت أباد عبر عمليّة اقتحام خاصّة.

إذاً سياسة "ما وراء الأفق" في مكافحة الإرهاب ليست فعّالة بمقدار ما تبدو عليه للوهلة الأولى. هي قادرة على التخلّص من قادة إرهابيّين لكنّها أعجز عن جمع معلومات استخبارية حيويّة عن مخطّطات إرهابيّة مستقبليّة محتملة.

في هذا السياق، يعتقد الخبراء الأمميّون في تقريرهم أنْ لا داعش ولا القاعدة قادران على شنّ هجمات دوليّة قبل 2023 بالحدّ الأدنى، بصرف النظر عن نواياهما وعمّا إذا عملت "طالبان" على تقييدهما أو امتنعت عن ذلك. لكنّ استجماع أيّ من هذين التنظيمين القدرة على شنّ تلك الهجمات في 2023 أو حتى في السنوات القليلة اللاحقة لا يعدّ هامشاً زمنيّاً مريحاً للولايات المتحدة بعد عشرين عاماً من الحرب المكلفة. الوقت الذي يملكه الأميركيّون للاحتفال باغتيال الظواهري ليس طويلاً. 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم