النهار

النهار

ثقة البرلمان بحكومة بزشكيان تُفاجئ متشدّدي إيران
   طهران - أمیر دبیری مهر
طهران - أمیر دبیری مهر
المصدر: النهار العربي
كان أنصار سعيد جليلي، الذي هزمه مسعود بزشكيان في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، يستعدون لوضع المعوقات في طريق تشكيلة الرئيس الوزارية، بحرمان بعض الوزراء المقترحين من الثقة البرلمانية.
ثقة البرلمان بحكومة بزشكيان تُفاجئ متشدّدي إيران
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يحيي أعضاء البرلمان بعد الثقة بحكومته الجديدة، طهران، 21 آب (أغسطس) 2024 (أ ف ب)
A+   A-
كان أنصار سعيد جليلي، الذي هزمه مسعود بزشكيان في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، يستعدون لوضع المعوقات في طريق تشكيلة الرئيس الوزارية، بحرمان بعض الوزراء المقترحين من الثقة البرلمانية. وفي الأسبوعين الأخيرين، حين انشغل البرلمان بمراجعة ملفات الأسماء المقترحة لشغل المناصب الوزارية المختلفة، تعالى الصخب اعتراضاً على بعضها، ووجّهت السهام إلى سبعة منها: عباس عراقجي للخارجية، رضا صالحي أميري للسياحة والتراث الثقافي، فرزانه صادق للطرق والتنمية، أحمد ميدري للعمل، عبد الناصر همتي للاقتصاد، محمد رضا ظفرقندي للصحة، ومحسن باك نجاد للنفط. 
 
وفي الليلة التي سبقت التصويت في البرلمان، شاع خبر مفاده أن أربعةً من هؤلاء لن يفوزوا بالثقة. وحرص المتشدّدون ومعارضو الحكومة على انتهاز كل فرصة سانحة لمساءلة هؤلاء في آرائهم السياسية. 
 
إلّا أن عاملين مهمّين أسقطا مخطط المعارضين: الأول هو الدعم الحاسم الذي قدّمه رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي نال هو الآخر دعماً من أعضاء حكومة بزشكيان. ففي الأيام الثلاثة الأخيرة من مراجعة كفاءة الوزراء المقترحين وملاءمتهم مناصبهم الوزارية، تشاجر قاليباف مرّات عدة مع شخصيات برلمانية بارزة، وتطور الشجار أحياناً إلى تراشق كلامي شديد اللهجة، أظهر غياب التوافق بين قاليباف ومن وقف في صفه من جهة، ومعارضي الحكومة من جهة أخرى. وقد قوّى هذا الخلاف موقف الوزراء المقترحين، وطمأنهم إلى أنهم لن يواجهوا مشكلات كبيرة في جلسة الثقة.
 
أما العامل الثاني، فيكمن في دفاع بزشكيان عن وزرائه تحت قبة البرلمان، علناً ومن دون مجاملات، خصوصاً بعدما أيّد قائد الثورة علي الخامنئي عدداً من الوزراء، أمثال وزير الخارجية ووزير الطرق والتنمية والثقافة والإرشاد الإسلامي، حين أُدرِجت أسماء هؤلاء في قائمة تضمّ أسماء أخرى نالت موافقة قائد الثورة والمؤسسات الأمنية والاستخبارية في البلد. وتعدّ هذه سابقة أولى أمّنت تصويت أعضاء البرلمان كلهم، حتى المتردّدين منهم، ومنح الثقة كاملة لقائمة الأسماء التي رشّحها بزشكيان. 
 
وهكذا، في يوم الأربعاء 21 آب (أغسطس) الجاري، نال جميع وزراء بزشكيان ثقة البرلمان الإيراني، في حدث جديد خلال 23 عاماً مضت، منذ التأييد الكامل لحكومة الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي في عام 2001. وما حصل أزال الشكوك التي ساورت الناس في مسألة إتاحة الخامنئي المجال الانتخابي لبزشكيان كي يخوض المنافسة على رئاسة الجمهورية أولاً، وكي يحصل على ما يكفي من الدعم السياسي للوصول إلى الرئاسة ثانياً. وقد ظهر هذا في تلاشي محاولات معارضيه المتشدّدين إزاحته من المشهد الانتخابي.
 
يميل النهج الذي انتهجه الخامنئي إلى الواقعية، أكثر مما يميل إلى الأيديولوجيا. فالمؤشرات التنموية في إيران مقلقة، ومستوى الرضا العام عن أداء الحكومة منخفض، والدليل تراجع نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. لذلك، على الدولة ممثلة في سلطاتها التنفيذية أن تتبنّى سياسات جديدة تمكّنها من تجاوز العقبات، والنجاح في نيل الرضا العام. وهذا يعني أن ثمة تغييرات ستطال مؤسسات مهمّة ومؤثرة في تنمية البلد وتطوره.
 
وهكذا، بعد هذا الدعم الذي حصل عليه بزشكيان، انتخابياً وبرلمانياً، المطلوب الآن اتخاذ الحكومة العتيدة قراراتٍ تلبّي المطالب الأساسية لمختلف شرائح المجتمع الإيراني، وفي مقدمتها تحسين البنية الاقتصادية، ورفع القيود الاجتماعية كالدوريات التي تجول في بعض أحياء العاصمة طهران، إضافة إلى التخفيف من حدة التصعيد الإقليمي... والأهم من هذا كله السعي إلى رفع العقوبات المفروضة على البلاد، أو تخفيفها في أقل تقدير.