أعاد انتشار فيروس كورونا في دول أفريقية عديدة وتصنيفه وباءً من جانب منظمة الصحة العالمية، الحديث في تونس عن المخاطر التي قد تنتج من توافد عدد كبير من المهاجرين غير النظامين على البلد من دون رقابة أو عناية صحية.
وكانت تونس قد رفعت أخيراً من حالة التأهب لمنع دخول جدري القردة إلى أراضيها. واتخذت العديد من الإجراءات للحيلولة دون تسلله إليها بعد إعلان منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية.
وكثفت السلطات الصحية في تونس عمليات المراقبة على المعابر الحدودية للوقاية من هذا المرض، وفي السياق كشفت إدارة الرعاية الصحية في وزارة الصحة التونسية عن تخصيص أماكن عزل في كل النقاط التي يعبر منها المسافرون وهي الأماكن ذاتها التي كانت سابقاً خصصت لعزل الحالات المشتبه بإصابتها بفيروس كورونا. ونفت تونس تسجيل حالات إصابات بجدري القردة.
يحصل ذلك فيما يستقبل البلد آلاف المهاجرين غير النظاميين، ما دفع كثيرين على شبكات التواصل الاجتماعي إلى التعبير عن خوفهم من انتشار الوباء الجديد وإمكان تسربه عبر المسالك غير الشرعية التي يمر عبرها أغلبهم.
وقالت النائبة عن محافظة صفاقس فاطمة المسدي إن انتشار جدري القردة في دول أفريقية يمثل تحدياً جديداً لتونس، داعية في تصريح لـ"النهار العربي" السلطات إلى مزيد من اليقظة تحسباً لتسلل هذا المرض للبلاد.
لكن المسؤولة في إدارة الصحة الأساسية في وزارة الصحة التونسية كوثر حرابش بددت في تصريحات لوكالة الأنباء التونسية هذه المخاوف، وأكدت أن المهاجرين غير النظاميين الذين يتوافدون على تونس بطريقة غير قانونية يأتي أغلبهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء فيما ينتشر جدري القردة وسط القارة.
ولفتت الى أن اهتمام وزارة الصحة تركز على حماية مناطق العبور إلى تونس، وخصصت الفرق الصحية فضاءات للعزل في كل المعابر البرية، وكذلك في ميناء حلق الوادي حيث تخضع طواقم بواخر نقل الحاويات الوافدة من الخارج إلى المتابعة، وتتولى الفرق الصحية متابعة حالات الوافدين عبر رحلات جوية إلى مطار تونس قرطاج باعتباره المطار الوحيد الذي يستقبل رحلات للوافدين إلى تونس من دول أفريقيا عبر خطوط شركات نقل دولية.
مخاوف من أزمة صحية
وهذه ليست المرة الأولى التي يظهر فيها النقاش إلى السطح في تونس حول الأزمة الصحية التي قد تتسبب فيها الهجرة غير النظامية في البلد.
وفي مناسبات عديدة أبدت العديد من الجهات مخاوفها من إمكان نقل هؤلاء المهاجرين غير النظاميين أمراضاً معدية، خصوصاً أنهم لا يخضعون للرقابة الصحية ولا يحظون برعاية دائمة.
ويعيش أغلب المهاجرين الذين يتوافدون على تونس بعيداً عن رقابة السلطات، بما في ذلك الصحية، وبعضهم يسكن في العراء في غابات الزيتون، خصوصاً في مدينة صفاقس الجنوبية حيث العدد الأكبر منهم، فيما يقيم عدد آخر في مراكز إيواء توفرها المنظمات الدولية للهجرة بنسبة إشغال تفوق طاقة استيعابها.
ويعيش أغلب المهاجرين في ظروف صعبة ويعتبرون من أكثر الفئات تعرضاً للخطر لأنهم يجدون أنفسهم في أماكن مكتظة وغير نظيفة.
وكان عدد من نواب البرلمان التونسي قد حذروا سابقاً من انتشار أمراض معدية على غرار داء السل في صفوف هؤلاء المهاجرين.
وتقول المسدي إن أزمة الهجرة غير النظامية تشكل خطراً صحياً كبيراً على تونس، مؤكدة أنه من خلال معاينتها الميدانية لأماكن إقامة الكثير منهم وقفت على الظروف الصعبة التي يعيشون فيها والتي تنتفي فيها كل مقومات النظافة.
ووفق النائبة فإن أغلبهم لا يتنقل لتلقي العلاج في المستشفيات إلا في الحالات القصوى.
وأعلن سابقاً عن اكتشاف إصابة عدد من المهاجرين غير النظاميين بداء السل المعدي في صفوف المهاجرين غير النظاميين، فيما كانت بعض الأخبار قد راجت عن انتشار مرض السيدا بينهم لكن المصادر الرسمية لم تؤكد ذلك.
ويطرح هذا الملف تحدياً جديداً على تونس التي تكابد من أجل احتواء تداعيات أزمة الهجرة غير النظامية عليها.
ولا يملك المهاجرون غير النظاميين تأميناً صحياً، لكن ذلك لا يمنع تلقيهم عند الحاجة العلاج في المستشفيات التونسية وفق القواعد والإجراءات التي يخضع لها عموم التونسيين.
وتقول المسدي إن من يمتلكون بطاقة لجوء وحدهم يحق لهم التداوي في المستشفيات التونسية مجاناً، فيما لا يسمح للبقية بذلك باعتبارهم يقيمون في تونس بطريقة غير شرعية.
وتزيد أن مستشفيات صفاقس باتت تعاني بسبب الضغط الكبير لعدد المهاجرين غير النظاميين عليها.
وتطالب أصوات حقوقية عديدة بمنح المهاجرين غير النظاميين الرعاية الطبية والصحية باعتبارهم فئات هشة. ويقول الناشط الحقوقي حمة حمادي إن السلطات لا بد من أن تأخذ في الاعتبار في برامجها وخططها الصحية وجود عدد كبير من هؤلاء المهاجرين.
أرقام كبيرة
ومنذ حوادث 2011 صارت تونس التي لا تملك حدوداً مع دول أفريقيا جنوب الصحراء مقصداً لأغلب من يرغب في الهجرة بطريقة غير قانونية نحو أوروبا بسبب قرب سواحلها منها.
وتتضارب الأرقام بخصوص عدد المهاجرين غير النظاميين في تونس، ففيما تقدرهم بعض الجهات بأكثر من 100 ألف، قالت وزارة الداخلية التونسية إنهم في حدود بضع عشرات الآلاف.
وقالت المسدي إن نحو 50 ألف مهاجر غير نظامي يعيشون في محافظة صفاقس.