
"لم أرغب بالالتحاق بغرفته كما كان يأمرني، كان يضربني ويُعنِّفني، ثم يقوم بعدها بممارسة الجنس معي عُنوة"، هذا ما قالته إحدى ضحايا فقيه وإمام مسجد نواحي مدينة طنجة بشمال المغرب.
تُدور مُقلَتاها داخل مِحجَريهما بسرعة، فيما تُشابك أصابعها بعصبية ظاهرة، قبل أن تقول فاطمة (اسم مستعار) لـ "النهار العربي": "غادرت كُتاب تحفيظ القرآن بسبب ما كنت أتعرض له، كنت أعرف أن شيئاً ما ليس على ما يرام رغم أنني لم أكن أعرف أن الأمر يتعلق بالجنس".
فاطمة، واحدة من بين 6 فتيات عرّضهن أستاذ تحفيظ القرآن الكريم بقرية الزميج نواحي مدينة طنجة (تبعد من العاصمة الرباط نحو 250 كيلومتراً) للاغتصاب وهتك العرض بطريقة متكررة طيلة سنوات داخل الكُتًّاب القرآني.
الأرقام المسجلة بالمغرب توضح حدوث 91 في المئة من الاعتداءات الجسدية، و82 في المئة من الاعتداءات الجنسية في أماكن يُفتَرض أن تكون آمنة للأولاد.
وتتعرض فتاة واحدة من بين كل أربعة فتيات على الأقل، وصبي واحد من بين كل 10 أولاد للاعتداء الجنسي في فترة ما من حياتهم قبل سن 18 سنة، و85 في المئة إلى 90 في المئة من هذه الحالات يكون فيها المُعتدي قريباً للطفل.
تعددت الحكايات .. والاعتداء واحد
حكاية هؤلاء الفتيات، تفجرت أياماً فقط بعد العثور على جثة الطفل عدنان بوشوف البالغ من العمر 11 سنة مدفوناً بالقرب من الحي الذي يقطن فيه، بعد خطفه واغتصابه وقتله واغتصابه خنقاً.
وأعربت رئيسة منظمة "ماتقيش ولدي/لاتمس ابني" نجاة أنور، عن قلقها من تضاعف عدد الأطفال ضحايا الاستغلال الجنسي خلال الفترة الأخيرة، ما يوضح في نظرها فشل السياسات العمومية الخاصة بحماية الطفولة بالمغرب، ويُنبِئ عن حجم المعاناة التي يعيشها هؤلاء الأطفال.
القليل من تلك المعاناة بسبب مُدرِّس القرآن، حكَتها خديجة (اسم مستعار) لـ "النهار العربي"، بعد تردد كبير: "كان يدعوني بالقوة لمرافقته لمرحاض المسجد، وفي حالة رفضي كان يعاقبني، وحين أرافقه كان يشرع في تقبيلي على خدي ثم ينزع ملابسي الداخلية".
لم يكن من السهل إقناع الطفلة البالغة من العمر 12 سنة بالحديث، كان صوتها متهدجاً وعباراتها متقطعة، ولولا تشجيع شقيقها لما نطقت حرفاً.
أهالي الضحايا، وبعد انكشاف أفعال الفقيه الإمام، لجأوا مراراً الى زوجته مشتكين أفعاله، "لم تكن تصدقنا، بل وتقوم بطردنا ومنعنا من الكلام معها مجدداً، أو الاقتراب من البيت"، وفق ما قالت خديجة. وأضافت: "كنا صغيرات لا نفهم الكثير، لذلك لم نُخبِر أُسرنا بما يحدث معنا، إلى أن كبُرنا قليلاً وبدأنا نستوعب حقيقة ما جرى معنا في ذلك المكان".
اعترافات قذرة
عقب اعتقاله من الدرك الملكي (أمن)، لم يجد المتهم البالغ من العمر 43 سنة، بُدّاً من الاعتراف بالمنسوب إليه، وأقرَّ بأنه فعلاً قام باستغلال فتيات القرية اللواتي كنّ يدرسن آيات الذكر الحكيم على يديه.
وجاء في بعض اعترافاته "كنت أضع أي واحدة اشتهتها نفسي فوق حِجْري (جهازي التناسلي)، وأقوم بمداعبة أعضائها ومناطقها الحميمة إلى أن أقضي مبتغاي منها ثم أُخلي سبيلها لتعود إلى الكُتَّاب وكأن شيئاً لم يكن".
المتهم أفصح أن رغباته الجنسية غير سوية، قائلاً وفق محضر اعترافاته: "رغم أني رجل متزوج ولي طفلان، فإني لا أُخفيكم بأن رغباتي غير سوية، فأنا أميل جنسياً إلى الأطفال، وقد وصل بي السلوك والانحراف إلى حد الهوس"، وفق قول الإمام ضمن محضر اعتراف اطلع عليه "النهار العربي".
وأضاف: "بحكم حداثة سن الفتيات وبراءتهن ونقاء سريرتهن، فإنهن لم يكُن يخبرن عائلاتهن بما كنت أمارس عليهن من فعل اعتقاداً بأنها أفعال لا تعدو كونها تحية حب وعطف".
العقوبة قد تصل لـ 30 عاماً
ً
محامي الضحايا، الرفاعي البقيوي، أكد أن المتهم اعترف بالجرائم المقترفة في حق الطفلات، أمام الدرك الملكي (أمن) والوكيل العام للملك.
المحامي وهو رئيس "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" بمدينة طنجة، أكد لـ "النهار العربي" أن الجمعية الحقوقية تبنَّت ملف الصغيرات وقدَّمت شكاوى نيابة عن 4 ضحايا انضافت إليها اثنتان أخريان أثناء البحث.
وإن كان ما يطلبه المحامي البقيوي هو المحاكمة العادلة، فإنه توقع أن ينال المتهم عقوبة السجن المشددة وهي تتراوح ما بين 20 و30 سنة، وفق ما ينص عليه القانون المغربي، بسبب كونه معلماً ومارس سلطته الدينية على الضحايا إلى جانب افتضاض البكارة والعنف.
حماية الأطفال .. أولوية
ورأت رئيسة منظمة "ما تقيش ولدي"، أن "ما حصل مع الأطفال فعل وحشي ترفضه الإنسانية، وفعل جُرمي يسائل المجتمع والدولة". وأشارت الى أن "مطالبنا تتجاوز الزَّجر، فقد باتت أسطوانة مشروخة، علينا الاعتناء بالتربية الأسرية والتعليمية التي يجب أن تتضمن مقرراتها التربية الجنسية وتكويناً للمربين ينهل من مراجع ما وصلت إليه مجتمعات حاربت الظاهرة المقيتة ولا تزال".
وقالت نجاة أنور: "إن للمغرب قواعد جنائية خاصة بالأطفال ضحايا الاستغلال الجنسي، غير أن هذا لا يكفي في حال لم ترافقه قواعد حماية الأطفال من كل أشكال الاستغلال، إلى جانب حملات التحسس والتوعية والتربية الجنسية وغيرها من الإجراءات، حفاظاً على حرمة الطفل الجسدية والنفسية".
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
ثقافة
10/17/2025 6:10:00 AM
تُعدّ المقاهي الشعبية البيروتية مرآة دقيقة لتحوّلات المشهد الاجتماعي والثقافي للمدينة (1950–1970).
ثقافة
10/17/2025 6:15:00 AM
هذا المشروب الساحر لا يمكن تخيّله منفصلًا عن الشعور بالمشاركة وتحسين المزاج والحب.
ثقافة
10/17/2025 6:17:00 AM
المقهى.. أكثر من مجرد قهوة: تجربة حياة كاملة
ثقافة
10/17/2025 6:12:00 AM
كان الـ "هورس شو" في بناية المرّ قاطرة القافلة التي ضمت مقاهي الـ "إكسبرس" في بناية صباغ، و"مانهاتن" في بناية فرح، ثم مقاهي "نيغرسكو" و"ستراند" و"الدورادو" و"كافيه دو باري" و"مودكا" و"ويمبي" وغيرها.