شمال إفريقيا 12-06-2024 | 13:04

قطع الإنترنت لمنع الغشّ في البكالوريا الجزائرية... عقاب جماعي!

رغم إشهارها سيف العدالة وتسليطها عقوبات مشددة على كل المتورطين في المس بنزاهة الامتحانات الرسمية، ما زالت السلطات الجزائرية تلجأ الى إجراء مستغرب في فترة الامتحانات بقطع الأنترنت لمدة خمسة أيام متتالية، وهو ما يثير غضباً شعبيا تظهر ملامحه على منصات التواصل الاجتماعي.

الجزائر-نهال دويب

المصدر: النهار العربي

قطع الإنترنت لمنع الغشّ في البكالوريا الجزائرية... عقاب جماعي!

يثير الإجراء غضباً عارماً بسبب الخسائر الفادحة.

رغم إشهارها سيف العدالة وتسليطها عقوبات مشددة على كل المتورطين في المس بنزاهة الامتحانات الرسمية، لا تزال السلطات الجزائرية تلجأ إلى إجراء مستغرب في فترة الامتحانات بقطع الإنترنت لمدة خمسة أيام متتالية، وهو ما يثير غضباً شعبياً تظهر ملامحه على منصات التواصل الاجتماعي.

السلطات الجزائرية تعتمد هذا الإجراء منذ ثماني سنوات بهدف منع الغش، رغم الخسائر المادية الكثيرة التي تتكبدها المئات من الشركات، وخصوصاً تلك التي تعتمد في نشاطها على التسويق الإلكتروني ومؤسسات الإعلام والاتصال.

عقاب جماعي

يرى الكاتب والصحافي كريم قندولي أن "هذه الإجراءات هي من مخلفات العهد البائد، منذ زمن نورية بن غبريط (وزيرة التربية السابقة)، ولا تزال تُمارَس بعشوائية ومن دون مراعاة الأضرار التي تلحق بخزينة الدولة ومصالح الناس، وبخاصة التجار". ووصف القرار بـ"العقاب الجماعي الذي يمارس على 43 مليون جزائري ولم يعد له مبرر ولا داع وهو غير مقبول بالمرة في ظل التطور التكنولوجي ووجود أجهزة تشويش يمكن توزيعها على المؤسسات التربوية، ومن جهة أخرى توفر الترسانة القانونية والردعية الكفيلة بالضرب بيد من حديد تسليط أشد العقوبات في حق كل من تسول له نفسه تسريب أسئلة الامتحان".

ويتكبد الصحافيون معاناة كبيرة في تقفي المعلومات ونشرها، لا سيما أولئك الذين يعملون في منصات رقمية. وتقول صحافية في إحدى الجرائد المحلية إنها أجبرت على تغيير أوقات عملها، فعادة تبدأ العمل من الثامنة صباحاً إلى الرابعة مساءً، لكنها تضطر إلى العمل في الفترة المسائية من أجل مواكبة الأخبار وكتابة التقارير الإخبارية المطولة، ووفق المتحدثة، فإن "قطع الإنترنت له تأثير سلبي عليّ، خصوصاً فايسبوك وتويتر".

خسائر مالية فادحة

أصحاب مؤسسات رقمية والتجار الافتراضيون هم من الأكثر تضرراً جراء انقطاع الإنترنت لأكثر من 5 ساعات في اليوم ولمدة خمسة أيام كاملة. ويقول محيي الدين محمد، وهو مدير محال ضخمة لبيع الأجهزة الكهرومنزلية في محافظة سطيف لـ"النهار العربي"، إن التجار هم من أكبر المتضررين جراء انقطاع الإنترنت، فقد أثر سلباً على سيرورة العمل وحال دون توصيل طلبيات الزبائن، واضطر مع فريقه إلى العمل ليلاً لتعويض الخسائر الفادحة التي تكبدها.

تجميد حجوزات السفر

وتأثرت وكالات السياحة والأسفار وشركات الطيران هي الأخرى كثيراً، بعدما تعذر عليها القيام بعمليات الحجز والتسجيل أيضاً، لا سيما أن الفترة الحالية تزامنت مع فترة حلول عيد الأضحى وأيضاً انطلاق موسم الاصطياف.

ويقول محمد أمين، العامل في وكالة للسياحة والأسفار في مدينة مفتاح لـ"النهار العربي"، إن "وكالات السياحة والأسفار تلقت ضربات موجعة بسبب تعطل الكثير من الحجوزات بسبب بطء الشبكة"، وأوضح أن "الإنترنت هي بمثابة الأوكسجين بالنسبة للوكالات السياحية".

ولأن قطع الإنترنت يكون ثماني ساعات في اليوم طيلة أسبوع الامتحانات، وهي فترة العمل في كثير من الوكالات، فإن الأرقام المسجلة إلى غاية اليوم الثالث من الامتحانات تشير بحسب محمد أمين إلى تسجيل خسائر مالية كبيرة.

لا تعويضات تذكر

وتطالب الجمعية الجزائرية لحماية المستهلك وإرشاده سنوياً شركات الهاتف النقال الثلاث وأيضاً "اتصالات الجزائر" بتقديم تعويضات للزبائن عن الساعات التي قطعت خلالها شبكة الإنترنت، مشددة على ضرورة إيجاد حلول بديلة وغير ضارة لتجنب الخسائر المالية الكبيرة التي بات المواطنون يتكبدونها.

ويعتقد الخبير الجزائري في تكنولوجيا المعلومات يزيد أقدال أن "البقاء على هذا الوضع صعب للغاية وغير ومقبول ويجب التفكير جدياً في حل ما بكل الوسائل، قد يكون في فتح نقاش حقيقي يجمع كل المعنيين بالأمر من كل الجوانب، فهناك من يرى المشكلة أصلاً في مصيرية امتحان البكالوريا وضرورة إعادة النظر في ذلك، وهناك من يراها في بعده الأخلاقي وارتباطه بشرعنة الغش، وهناك من يحصر المشكلة في الجانب التقني وأجهزة التشويش، وثمة من يقترح عقوبات ردعية قاسية جداً، وآخرون يرون أن الحفاظ على قيمة الامتحان ومصداقيته وسلطة الدولة يفرض نفسه، والمشكلة في كل هذا أن النقاش سيحتدم سنوياً أثناء الامتحانات وينتهي بمجرد انتهاء البكالوريا ومن ثم نمر إلى أمور أخرى بعد ذلك ونتذكر الموضوع السنة المقبلة في التوقيت نفسه، والنقاش نفسه، والشكوى نفسها".