23-09-2023 | 06:50

استراتيجية الردع التركية تتآكل..."تحرير الشام" تستعيد معبر الحمران

في تطوّر يدلّ إلى تآكل استراتيجية الردع التركية ضدّ "هيئة تحرير الشام" في سوريا، وعدم مبالاة الأخيرة بالمواقف الدولية والإقليمية الرافضة لتمدّدها في مناطق جديدة، تمكنت مجموعات فصائلية متحالفة مع "الهيئة" من استعادة السيطرة على معبر الحمران الاستراتيجي.
استراتيجية الردع التركية تتآكل..."تحرير الشام" تستعيد معبر الحمران
Smaller Bigger
في تطوّر يدلّ إلى تآكل استراتيجية الردع التركية ضدّ "هيئة تحرير الشام" في سوريا، وعدم مبالاة الأخيرة بالمواقف الدولية والإقليمية الرافضة لتمدّدها في مناطق جديدة، تمكنت مجموعات فصائلية متحالفة مع "الهيئة" من استعادة السيطرة على معبر الحمران الاستراتيجي الذي يربط بين مناطق سيطرة "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) ومناطق "الجيش الوطني السوري" الموالي لتركيا، بعد خروجه عن سيطرتها جراء انقلاب داخلي شهدته هذه الفصائل في الأسابيع الأخيرة.
 
وبدأت الخميس، مجموعات مما تُعرف باسم "أحرار عولان" في إشارة إلى فصائل من القطاع الشرقي في "حركة أحرار الشام" الإسلامية، كانت انشقت عن الفيلق الثالث عام 2022، هجوماً عسكرياً استعادت خلاله السيطرة على المعبر المخصّص لنقل النفط من مناطق "قسد" إلى الشمال السوري، بعد نجاحها في طرد مجموعات أخرى كانت تنتمي إليها ولكنها انشقت عنها وأعلنت عودتها إلى أحضان "
 الجيش الوطني" الموالي لتركيا.
 
وجاء هذا الهجوم على الرغم من تسريب معلومات خلال الأسبوع المنصرم، عن اجتماعات عقدها ضباط أتراك مع الفصائل المتصارعة، بهدف التهدئة ومنع أي تغيير في خريطة السيطرة في ما بينها. وبحسب عدد من النشطاء المعارضين، حصل آخر اجتماع في 19 أيلول (سبتمبر) الجاري، وكانت من نتائجه تثبيت تبعية معبر الحمران بالكامل للجيش الوطني السوري تحت إشراف وحماية القوة المتواجدة فيه، والتي تتبع للقاطع الشرقي بقيادة أبو حيدر مسكنة، وإبلاغ الفصائل المتحالفة مع "هيئة تحرير الشام "بضرورة الانسحاب الكامل من المنطقة المحيطة بالمعبر. وأضاف النشطاء أنّ الضباط الأتراك هدّدوا بأنّه في حال عدم الالتزام بما سبق، فإنّه يعني شيئاً واحداً هو الحرب التي ستضعهم في مواجهة فيالق الجيش الوطني مجتمعةً.
 
وتضاربت الأنباء حول مصير المعبر في الأيام السابقة، حيث ذكرت مواقع سورية معارضة، أنّ فرقة السلطان مراد نجحت في طرد أتباع الجولاني (قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني) من المعبر من دون أي مقاومة تُذكر. غير أنّ مواقع مقرّبة من "الهيئة" نفت هذه الأنباء جملةً وتفصيلاً، كما نفت وجود أي ضغوط تركية تُمارس عليها، مؤكّدةً أنّ المجموعات الموالية لها لا تزال تحتفظ بسيطرتها على المعبر، بل بدأت المواقع الأخيرة في شنّ حرب نفسية مفادها أنّ فرقة السلطان مراد تخلّت عن المجموعات المناهضة للهيئة.
 
وأفادت مصادر ميدانية لـ "النهار العربي"، أنّ الهجوم الأخير الذي شنته الفصائل المقرّبة من "الهيئة" هدفه ليس استعادة السيطرة على المعبر، لأنّها ظلّت مشتركة بين الطرفين، ولكنه استهدف تطهير المنطقة من أي وجود عسكري للفصائل التي انقلبت على التحالف مع "هيئة تحرير الشام".
 
واستجابة لهذا التطور الذي يتضمن تحدّياً مباشراً للهيبة التركية، أعلنت وزارة الدفاع في الحكومة السورية الموقتة أمس الخميس، في أعقاب استتباب السيطرة لأتباع الجولاني على المعبر، عن بدء عمليات أمنية في منطقة عمليات "درع الفرات" بريف حلب الشمالي.
 
وقالت وزارة الدفاع في الحكومة الموقتة، إنّها رفعت الجاهزية القتالية لكل التشكيلات والوحدات العسكرية التابعة للجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا في منطقة "درع الفرات" شمال حلب. وأضافت أنّ "الجيش الوطني" بدأ تنفيذ عمليات أمنية داخل منطقة "درع الفرات"، بهدف ضبط الأمن والاستقرار فيها.
 
ولم يتطرّق البيان إلى السبب المباشر لهذه العملية الأمنية، الأمر الذي اعتبره مراقبون إشارة إلى توقّع عدم قدرتها على استعادة المعبر بسهولة.
 
وذكرت مصادر ميدانية في ريف حلب، أنّ الجيش التركي أرسل تعزيزات عسكرية إلى معبري الغزاوية ودير بلوط اللذين يربطان مناطق إدلب وريف حلب الشمالي، كما خرجت تعزيزات ضخمة للجيش الوطني من أعزاز وسط تحليق للطيران المروحي التركي في المنطقة.
 
وأضافت أنّ الاشتباكات بين فصائل "الجيش الوطني" و "أحرار عولان" المدعوم من "تحرير الشام" تدور حالياً في قرية ثلثانة جنوب مدينة آخترين، في حين نشر الجيش التركي آليات ثقيلة عند مفرق بلدة كفرجنة لمنع وصول أرتال من "تحرير الشام".
 
جذور المشكلة
وتعود جذور المشكلة إلى خلاف ضمن "أحرار الشام- القطاع الشرقي" الذي يدير عمل المعبر، ويمكن تسميته بانقلاب على القيادة الشرعية المتمثلة بمحمد رمي، المعروف بـ"أبو حيدر مسكنة".
ويقود "الانقلاب" كل من النائب الإداري في القطاع حسين الطالب، المعروف باسم "أبو الدحداح منبج"، والقائد العسكري زكريا الشريدة، المعروف بـ"أبو عمر الحمصي"، وفق تقرير نشره موقع "عنب بلدي" المعارض.
 
وذكر المصدر، أنّ المسألة فشلت ولا يزال "أبو حيدر مسكنة" قائداً لـ"القطاع"، لافتاً إلى أنّ الانقلاب كان مخططاً له مسبقًا لكنه أخذ وقتاً. وأضاف، أنّ من بقي مع أبو الدحداح وأبو عمر الحمصي هو لواء الباب بقيادة مالك أبو الفاروق.
وبالنسبة للكتائب التي بقيت تحت إمرة أبو حيدر مسكنة هي منطقة جرابلس بكتائبها وألويتها،   و"الباب كتائب الصنوف"، و "سرية الإشارة" و "سرية الانغماسيين"، و "كتائب 2"، و "المكتب الشرعي"،   و"المكتب الإعلامي".
 
يكتسب معبر "الحمران" أهميته بكونه شريان الحياة التجارية بين مناطق سيطرة "قسد" ومناطق سيطرة المعارضة، وتدخل من خلاله مواد غذائية وكهربائيات وآليات وغيرها.
ويُعدّ المعبر خطاً رئيسياً لمرور قوافل النفط الآتية من شمال شرق سوريا باتجاه مناطق سيطرة المعارضة.
ويربط المعبر بين قرية الحمران الواقعة تحت سيطرة "الجيش الوطني" وقرية أم جلود أول قرية من مناطق سيطرة "قسد".
 
وأعلنت وزارة الدفاع في الحكومة السورية الموقتة (مظلة الجيش الوطني) في 7 آذار (مارس) الماضي، أنّها تسلّمت إدارة وتشغيل معبر الحمران بعد 5 أشهر من التنازع عليه، من خلال لجنة ضمّت كلًا من معاون وزير الدفاع للشؤون المالية، ومدير إدارة الشرطة العسكرية، ونائب مدير إدارة الشرطة العسكرية لشؤون المعابر والحواجز.
 
وأفاد في حينه مدير المكتب الإعلامي في "تجمّع الشهباء" الذي يضمّ القاطع الشرقي، علي الحسن، أنّ الاتفاق جرى بين الوزارة والتجمّع على أن يبقى المعبر تحت رعاية "تجمّع الشهباء" مع إيصال عائدات المعبر للوزارة.

الأكثر قراءة

العالم العربي 10/17/2025 6:20:00 AM
"وقهوة كوكبها يزهرُ … يَسطَعُ مِنها المِسكُ والعَنبرُوردية يحثها شادنٌ … كأنّها مِنْ خَدهِ تعصرُ"
ثقافة 10/17/2025 6:22:00 AM
ذلك الفنجان الصغير، الذي لا يتعدّى حجمه 200 ملليليتر، يحمل في طيّاته معاني تفوق حجمه بكثير
ثقافة 10/17/2025 6:23:00 AM
القهوة حكايةُ هويةٍ وذاكرةٍ وثقافةٍ عريقةٍ عبرت من مجالس القبائل إلى مقاهي المدن، حاملةً معها رمزية الكرم والهيبة، ونكهة التاريخ.
ثقافة 10/17/2025 6:18:00 AM
من طقوس الصوفيّة في اليمن إلى صالونات أوروبا الفكرية ومقاهي بيروت، شكّلت القهوة مساراً حضارياً رافق نشوء الوعي الاجتماعي والثقافي في العالم.