السويداء: ثبات الهوية وقلق الحاضر

جمال الشوفي  تمضي تظاهرات ساحة الكرامة في السويداء قدماً دون توقف، وتثبت قدرتها على الاستمرار وإعادة بعث الروح والحياة في قلوب شبابها التواق للحرية والعيش الكريم، وتبث نفحاتها على كل السوريين. كما تعيد مسار المسألة السورية من عقدة تلاعب دولي في تقاسم النفوذ فيها، إلى نقطة تحوّلها المفترضة واستحقاقها الذي طال انتظاره بالتغيير والانتقال السياسي لدولة المواطنة والحق والقانون، وليست لاستبدال سلطة بأخرى...ثبات الهويةيوم الجمعة 8/9/2023، ورغم التهديدات الأمنية عبر مؤسسة النقل لأصحاب باصات النقل من حرمانهم مخصصات المازوت إذا ما نقلوا المتظاهرين للساحة، قدمت قرى الجبل بسيارات النقل العامة والخاصة الى ساحة الكرامة. وزاد ألقها أن حضرت عشائر البدو ووفد من أهالي درعا، ودارت فناجين القهوة على المتظاهرين، و"سدر" ممتلئ بالعنب والتين من خيرات الجبل حملته إحدى سيدات الجبل، كان عنوانه: "تفضل على الميسور يا ابن بلدي"، فكان عرساً وطنياً.عرس ساحة الكرامة، إذ يستعيد ذكريات تظاهرات الساحات السورية في بداية انطلاقتها في 2011، عرس وطني يعلي من شأن الهوية السورية، يرفع صور إبراهيم هنانو وصالح العلي ويوسف العظمة وسلطان الأطرش، رجال الدولة الذين أسسوا لنواة الدولة الوطنية السورية بدايات القرن العشرين، قبل أن يقرضها حكم عسكر البعث الحاكم. في ساحة الكرامة أسماء المعتقلين والمغيّبين قسراً وصور ضحايا التعذيب في السجون السورية تستدعي الذاكرة الممتلئة ألماً ورعباً فتفيض القلوب قبل الأعين. ولافتات الانتفاضة تقول بصراحة ووضوح لا لبس فيه: التغيير السياسي ضرورة سورية لاستعادة الدولة، وتطبيق القرار الأممي 2254 هو مفتاح...