دولة لبنان الكبير 1920 – 2021: إشكاليّات التعايش والحياد والمصير

الدكتور مروان أبي فاضل كتاب جديد للمؤرخ البروفسور عبد الرؤوف سنّو (دار المشرق، بيروت، 2022)، أهداه "إلى كلّ اللبنانيّين المناضلين والمخلصين والشرفاء الذين لا يرتضون من بلاد الأرز بديلًا". قصة هذا الكتاب بدأت في 12 كانون الأول 2018، عندما استضاف قسم التاريخ في كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة - الفرع الثاني الدكتور سنّو، في ندوة بعنوان: "لبنان الكبير على مشارف مئويته الأولى...إلى أين؟"، وقد بدأ محاضرته بعرض لرسم بيانيّ عن مسار لبنان خلال قرن، بيّن خلاله حالة عدم الاستقرار الذي طبع التاريخ اللبنانيّ المعاصر. واستشرف في محاضرته أنّ البلد متّجه نحو الانهيار الاقتصاديّ والسياسيّ. وأذكر أنّ الصدمة صعقت الحاضرين، من أساتذة وطلاب، ولكنه بمنهجيّته العلميّة، أعلن أن على المؤرّخ أن يدرس الماضي لعله يصل إلى استنتاجات علميّة. ولمّا رأى أن المصير مجهول وأسود، قال إنه يفضّل أن يكون مخطئًا في تحليله. وبعد أربع سنوات، أصدر كتابه الحالي، وقد صحّت تحليلاته التي تمنى لو أخطأت، وذكر في المقدمة أن كلمة "المصير" التي ختم بها عنوان كتابه، أشعرته بالأسى والحزن، و"كأنه يسطّر بيده ورقة نعي لبنان".درس الدكتور سنّو في ثمانية فصول أسباب ترنّح الصيغة اللبنانيّة، وأشكال الأزمات وأسبابها الخارجيّة والداخليّة. بنى الفصل الأول على مقاربة جديدة برسم بياني يحدّد مفاصل عدم استقرار لبنان وافتقاره إلى السيادة. وبعد عرض الأحداث السياسيّة والعسكريّة التي عصفت بلبنان طوال مئويّته الأولى، وصل إلى استنتاج مفاده أن لبنان أضحى بفعل التطوّرات السياسيّة جمهوريّة فاشلة. في الفصل الثاني تناول مسألة "التعايش المأزوم من الميثاق الوطني إلى سقوط حكومة سعد الحريري الأولى"، مبيّنًا أن "التعايش الطوائفي الذي يدّعي اللبنانيّون أنهم يعيشونه، يتناقض مع الواقع المُعاش، ذلك أن طائفيّتهم السياسيّة والمجتمعيّة تُضعف...