السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

العميد البيسري الوطني بامتياز

المصدر: "النهار"
العميد البيسري.
العميد البيسري.
A+ A-
زياد موسى


ربّما لا يكون ذلك عدلاً، لكن ما يحدث في بضعة أيام، بل في يوم واحد أحياناً، يمكن أن يغيّر مسار حياة بأكملها...

هنا، في وطن الحروب والأزمات، حيث أمست الحرب بعيدة عن الصواريخ والقذائف، حرب هادئة تقتل جوعاً وتسرق ودائع وأموالاً مزروعة بتعب طويل، هنا الأمانة مطلوبة أكثر من زمن السلم.

هنا، في وطن أمست فيه الحياة مجرد عملية تنفس فقط خالية من المعنويات مع مرض سرطان مستشرٍ من الفساد المتأصّل، يصبح الألم طبيعياً مع جراحات كيماوية وإشعاعية، وما يحدث في بضعة أيام، بل في يوم واحد أحياناً، يمكن أن يغيّر مسار حياة بأكملها، فيزرع الأمل ويكبر بمقاومة ومناعة ذاتية تعيد ترميم الجسد المنهك بأكمله.

هكذا أتى تعيين المدير العام للأمن العام العميد إلياس البيسري، تغيير ينبئ بتغيّر تموضع صخور تكون عميقة في الأسفل، وتصبح هذه التغييرات مخيفة... فقط اهتزاز بسيط نشعر به على السطح لكن نتيجته انقلاب يغيّر الطبقات بأكملها ينتهي بولادة جديدة.

قد يكون تعيين العميد إلياس البيسري مديراً عاماً للأمن العام كسر عرفاً معمولاً به منذ عشرات السنين، إلا أن قيود الطائفية تكبّل لبنان ولا بدّ من تهشيمها كي نبني وطناً. نحن علينا أولاً أن نتحرّر من القيود التي تطوّق عقولنا والتي صنعناها بأنفسنا، ففي كل قيد ضحية واحدة إلّا في الطائفية فالكل ضحايا، فعجلة الطائفية سائقها أعمى لا يميّز بين مؤيّد ومعارض، فيقتل الجميع.

وقد أثبت العميد إلياس البيسري أنه وطني بامتياز وأن لبنان هو حياته وقضيّته معاً، ففي وطني طالت المسرحية، انتهى المشاهدون، ويستمر العرض... في وطني كثيرون حول السلطة وقليلون حول الوطن...

فالفاسدون لم يبنوا لنا وطناً بل سرقوه ليبنوا أنفسهم، أما الوطنيون فيبذلون أنفسهم ليبقى الوطن! وبقدر ما هو جميل أن يموت الإنسان من أجل وطنه، فإن الأجمل أن يحيا به من أجله ويحييه بأفكاره، بعمله، ووعيه.

قال حكيمٌ ذات يوم: "قل كلمتك وامشِ!" أما العميد فيعطي الحقيقة من نزف جراح مواقفه وانتهى!



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم