فرحات أسعد فرحات - باحث اقتصادي يواصل سعر صرف العملة الوطنية انخفاضه، فالعملة اللبنانية سلعة مثلها مثل باقي السلع والخدمات، ونتيجة عدم الثقة بها، يلجأ حاملها الى بيعها من أجل استبدالها بعملة تحوز ثقة أكبر، وبالتالي ينخفض سعرها مقابل سلّة من العملات الأقوى، أهمها الدولار الأميركي الأكثر استخداماً في السوق الداخلية، والذي يمكن للفرد استبداله بها بسهولة من خلال السوق الموازية التي تسمّى سوداء ويمكن أن يُطلق عليها زرقاء أو صفراء لا مانع، المهم أنها سوق غير شرعية يمكن لمن يرغب أن يشتري فيها ويبيع عملات في ظل فشل السلطات المصرفية، والقضائية والأمنية في لجمها، أو في معاقبة مَن يتدخل بها، لأنّ البعض، كما العادة، أقوى من هياكل الدولة التي نعيش في ظلها. وفي خضم هذه الأزمة، ومع ثقلها على كاهل المواطن العادي، خرج علينا عبر الشاشات، خبراء أجانب ينصحون بأهميّة إنشاء مجلس للنقد في لبنان، فاسترعى هذا الأمر اهتمام الرأي العام، وأصبح حديثا دائما على ألسنة فاعلين ومنظّرين من اعلاميين وناشطين، وأعضاء منظمات غير حكومية. وهنا، ونتيجة الانهيار المتواصل لسعر الصرف، نتناول في مقالنا هذا تعريف مجلس النقد، أهميته، مهماته، فوائده، نتائجه، سيئاته، وهل يمكن أن ينجح لبنانياً؟ مجلس النقد هو هيئة تنفيذية تتولى مهمات إدارة العملة الوطنية وطباعتها، ويُعدّ ملائماً للاقتصادات الصغيرة التي ليس فيها لاعبون كثر، وحيث حجم مخرجاتها يتلاءم وحجم مدخلاتها، وبالتالي لا ينفق كل احتياطاته من العملات الصعبة من أجل بقاء سعر صرف العملة الوطنية على سعر اسمي غير حقيقي، أي يقوم بتطبيق مهماته على بساطة المهمة والأداء، عبر طبع عملة وطنيّة وتوزيعها على المنافذ، مقابل احتياط محدد من عملة أهم وأثقل. اعتبره البعض فكرة يمكن لأيّ كان اعتمادها إذا أراد، خصوصا إذا لم يكن راغباً في النظر الى كل أدوات الثقل في الاقتصاد، وقيل عنه إنه مهمة كولونيالية ينفذها من يقبض على السلطة من أجل التحكّم بالنقد بسهولة ويسر، إلا أن عديد مجالس النقد عالمياً في انخفاض من 38 عام 1960، إلى 14 مع نهاية 1998. وهو طُبّق في عدد من الدول أبرزها: الأرجنتين، البوسنة، بروناي، استونيا، ليتوانيا،...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول