الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

وطنٌ بينَ فَزْلَنة القتل وغولاكو

المصدر: "النهار"
Bookmark
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
العميد البروفسور جان داود لم يعد القتل في عالم اليوم مطروحا كواحد من المُحرّمات. فثعالبه اجتهادات. واجتهاداتهم طرق جديدة إلى جنّتهم. وجنّتهم من جحيم الآخرين، وجثث الآخرين، وأرواح الآخرين. جنّة الفاسدين من تدميرِ سمعة الآخرين لادّعاء السّمعة الحسنة، وإلغاء فكر الآخرين لحجب تخلّف وغباء، وتلويثِ نقاء الآخرين لإخفاء نجاسة وقذارة . جنّة الفاسدين تشريع لسرقة أنفاس الآخرين وليس فقط جناهم ومالهم وأرضهم وذهبهم ونفطهم. أمّا ذروة نرجسيّتهم كمغتصبيّ الحياة فهي في محو الآخرين وسرقة بناتهم وأبنائهم إلى فراغ، إلى ضياع، أو قتل طموح وطمس أحلام حتى استعباد أو تهجير أو دَعَرٍ قسري أو ضياع هويّة. فَزْلَنَةُ القتل طريق الفاشلين والمغتصبين من قراصنة الحياة وواضعيّ اليد على دور ليس لهم، ومالٍ ليس لهم، وشهادات ليست من حقهم. والرّداء الجديد في لعبتهم قناع لن يرصده الضحايا الجدد. كلّ كلام في القيم من قبل البزنس-السياسي خداع جديد قتلاً للقيم وفزلنة لسقوط الإنسان. ومن أشكال الفزلنة نهب أموال الناس أو سطوعلى مال عام يغتصبه قاطع طريق أو بلطجي ويوزّع فتاتا منه على فقراء. يعرف السارق والمختلس أنّه قاتل مرّتين: الأولى عندما سرق المال، والثانية عندما سرق صورة المحسن إلى الفقراء، في حين أنّه لصّ ومخادع يبحث عن صورة فاعل خير زوراً وستراً لفساده وأعماله. يا سارق شعبك والفقراء، ومُذلّا لهم ولكراماتهم، أنت تخادع العدالة، وتتمادى في وقاحتك مخادعاً الملائكة آملاً أن تنقل عنك صورة إحسان مزعوم وتسجّلك معطاءً ومُحسناً في كتاب الكرام، وما أنت إلا لص وقرصان وقاطع طريق. الأمر أقسى من ذلك عندما تسرق فكر سواك زعماً أنّك صاحب فكر وأنت في سلّم الفكر نكرة، وتمضي بمزاعمك إلى استثمار أقنعة جديدة تُفزلن بها صورة تودّ زرعها وترسيخها في العقول أو الكتب أو الوعي الجمعي. هنا أيضا أنت قاتل تفزلن القتل، وتفزلن اغتصاب موقعٍ ودَورٍ ومُلكيّةٍ فكرية وأرض أو مال. ولن تُخفّف من جريمتك قراراتٌ وقوانين تسنّها بوقاحة لتغطية فسادك. سادت العالم وقاحة سافرة: بات كلّ قادر على الفساد يفزلن استملاكاً غير مشروع لأوطان وأرض وبشر وعقول وثروات ونتاجات، ويفاخر بوقاحته. كم من وقحٍ، فرداً أو دولة، هو مجرّد لصّ نهبَ مالَك وسمعتَك ووطنَك وتراثَك وإبداعاتك وعرقَك، وَفَزْلَنَ صورته عبر إعلام متواطئ مع واقعية مادّيّة دمّرت وتدمّر القيم وتَعتبر خِفيةً أنّ: لا تقتل، لا تكذب، لا تسرق، لا تشتهِ مقتنى غيرك، لا تشهد بالزور، لا تشرك مع الرب شريكا، ولا تحلف باسمه بالباطل، مُجرّد قواعد سلوكٍ للفقراء وبُسطاء القلوب. كلٌ من الفاسدين أشرك مع الله شريكا لا بل شركاء: وأخطرُ الشركاء هو شريك خفيّ على المُشرِك نفسه؛ يُشرِك مع إيمانه المزعوم أناه المنتفخة ويعبَدَ نفسه ومصالحه، ويعتبر الآخر، أكان طفلا أو امرأة أو رجلا، ضرورة وجوديّة لخدمته ومتعته، ولقمةً له. أمّا أخطر الفاسدين والمغتصبين فمَن كان مصاباً...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم