السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

هل تعليم التاريخ في لبنان والمجتمعات العربية أداة تحرّر؟ لماذا التاريخ ولماذا تعليم التاريخ؟

المصدر: "النهار"
Bookmark
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
أنطوان مسرّه*ان قراءتي لبعض الأبحاث في تاريخ لبنان، بخاصة لكتب التاريخ المدرسية في لبنان وفي المجتمعات العربية عامة، واطلاعي على أطروحات ورسائل في التاريخ، ومداولاتي مع مؤرخين، وخبرتي كعضو في لجنتي برامج "التاريخ" و"التربية المدنية" في خطة النهوض التربوي بقيادة البروفسور منير أبو عسلي في السنوات 1996-2000، تحملني على طرح تساؤلات عديدة. 1. لماذا التاريخ ولماذا تعليم التاريخ؟ التاريخ علّم له منهجياته في التقصي والتدقيق والاستكشاف. لكنه عندما يسجن نفسه في واقع الحدث فهو يتجاهل المتلقي وما يثير الحدث في علم النفس التاريخي psychologie historique من تفاعل لدى القارئ وذاكرته وتفسيره الشخصي واسقاطه في واقعه المعاش وادراكه للمستقبل. يعني ذلك وجوب عدم اهمال علم النفس التاريخي، أي كيفية قراءة الحدث وتفسيره من المتلقي وتفاعله مع ذاكرته وفي بيئته وأوضاعه وسلوكه في الحاضر والمستقبل. لا يعني ذلك اجراء عملية تجميلية لأي حدث cosmétique، مما يتنافى مع المنهجية العلمية وعلم التاريخ، بل وضع كل حدث في أوضاع وظروف المكان والزمان وذهنيات الزمان contextualiser تجنبًا لاسقاطات وتفسيرات من المتلقي وتجنبًا في اغراق المجتمع في آلية التكرار وبالتالي التخلف. الشعوب المتخلفة هي التي تتعلم دائمًا في التاريخ وليس من التاريخ! ينطبق ذلك تمامًا على أحداث 1860 في لبنان وعلى قضايا عديدة أخرى ومنها اعلان دولة لبنان الكبير سنة 1920 وحروب 1975-1990 في حال عدم موضعتها في ذهنيات زمانها ومكانها وتجاهل علم النفس التاريخي.عندما أقرأ بعض المؤلفات التاريخية في لبنان وفي المجتمعات العربية يبدو لي انها مجرد بحث تاريخي لاصدار كتاب أو مناقشة رسالة أو أطروحة جامعية أو لمجرد تغذية فضول معرفي. بعض الأبحاث الريادية في التاريخ هي أقرب الى علم الفيزياء! لا يثير هذا النوع من الدراسات التاريخية في لبنان وفي المجتمعات العربية أي تساؤل أو اغناء في الحياة العامة وفي حياة المتلقي وتقدم المجتمع! هل الغوص في الهدف الإنساني لأي معرفة مناقض للمنهجية العلمية؟يسعى مؤرخون، تجنبًا لحساسيات وتأويلات ونزاعات، الى عدم طرح قضايا شائكة ما يزال يعيشها مواطنون في ذاكرتهم. يكتب بالتالي مؤرخون، بخاصة في مؤلفات مدرسية، تاريخًا معقمًا aseptisé حيث ترد معلومات لا طعم لها ولا مذاق ولا تثير أي تساؤل أو فضول. يحفظها التلميذ في كتاب مدرسي لمجرد تفريغها في امتحان ويكتسب ذاكرته في العائلة والحي والشارع...! ما فائدة أي تاريخ مُعقم! مجرد أحداث وسرد وحفظ... بلا معنى! هل علم التاريخ شبيه تمامًا بعلم الفيزياء؟ ليس التاريخ أساسًا علم احداث...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم