السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

الطائفيّة السياسيّة بين الإلغاء والإبقاء

المصدر: "النهار"
Bookmark
أرشيفيّة (نبيل إسماعيل).
أرشيفيّة (نبيل إسماعيل).
A+ A-
الأب فرنسوا عقل*شهد لبنان عبر تاريخه القديم والحديث أنظمة حكم عديدة ومختلفة، فُرضت أغلبيّتها من الخارج؛ وقد تطارح أبناؤه خلال الحرب الضّروس التي هزّت كيانه، مشاريع أنظمة كثيرة، ربّما لم تكن بمثابة الدّواء النّاجع والحلّ النّهائيّ لتركيبة المجتمع اللّبنانيّ المتعدّد الطّوائف، ممّا ينسجم مع ما أشار إليه الأديب الفرنسيّ جان جاك روسو في كتابه الشهير "العقد الاجتماعيّ"، أنّه لا يمكن لأيّ شكل من أشكال الحكم أن يلائم جميع البلدان، فكما أنّ لكلّ بلد طبيعته المختلفة عن الأخرى كذلك لكلّ نظام حكم طبيعة خاصّة به.ومن المعروف عندنا، أنّ شكل الدّولة في لبنان ((La forme de l'Etat، تعدّديّ طائفيّ. كما أنّ "الرّوح الطّائفيّة" عموما، سائدة في حياة الشّعب اللّبنانيّ لاعتبارات تاريخيّة وثقافيّة عديدة. فالطّائفيّة عندنا ظاهرة اجتماعيّة لها ظروفها وحيثيّاتها، تتحقّق تلقائيّا إثر انتماء الفرد إلى طائفة معيّنة منذ الولادة، بطريقة لا علاقة للإرادة الشّخصيّة بها؛ وهي تنظّم الحياة السّياسيّة في هذا الوطن الصّغير منذ عهد الاستقلال وما قبل، إذ تؤمّن توزيع الوظائف العامّة ما بين مختلف الطّوائف التي تتكوّن منها الدّولة. وإن كانت "الطّائفة" تعني لغويّا جماعة أو فرقة من النّاس يجمعهم مذهب واحد؛ فالطّائفيّة لا تعني في المفهوم الاجتماعيّ الانتماء الدّينيّ فقط، بل الانتماء الثّقافيّ أيضا، أي من الممكن أن يكون المواطن مارونيّا أو سنّياً أو شيعيّا بالمعنى الاجتماعيّ-السّياسيّ وملحدا دينيّا. تعدّدت في الواقع آراء المفكّرين والباحثين اللّبنانيّين في نظرتهم إلى الطّائفيّة. فميّز المفكّر اللّبنانيّ كمال الحاج، بين "الطّائفيّة" التي هي مجموعة من الطّقوس التي تعبّر عن الدّين، وبين التّطرّف الدّينيّ الذي هو بمثابة مزاج سلبيّ. فالدّين في معناه الفلسفيّ هو "جوهر" والطّائفيّة "وجود"، والوجود لا ينفصم عن الجوهر. كانت نظرة كمال الحاج إلى إشكاليّة "الطّائفيّة" إيجابيّة جدّا، إلى حدّ المثاليّة. أمّا المؤرّخ والأديب فؤاد افرام البستانيّ فاعتبر بدوره أنّ "الطّائفيّة" ليست "نقمة" في حدّ ذاتها بل قد تكون "نعمة" ترفع أبناء الطّوائف المختلفة إلى التّمرّس برحابة صدر وتبادل العادات...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم