الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

من حضن رياض إلى احتضان فؤاد إلى العبث بالميثاق

المصدر: "النهار"
Bookmark
الرئيس فؤاد شهاب والسيدة الأولى روز رينيه بواتيو (أرشيفية).
الرئيس فؤاد شهاب والسيدة الأولى روز رينيه بواتيو (أرشيفية).
A+ A-
السفير جبران صوفانكتاب التاريخ مفيد ومرشد، يومئ إلينا خافت الصوت، لا يصرخ ولا يستصرخ إلا ضمائرنا. وفي لبنان بُحّ صوت التاريخ، فلا نتّعظ من دروسه . ففي بلدنا، مسار مشاكس وقديم يخالف سِنّة الخَلْق، إذ يخطو من الوجود إلى العدم. في الواقع لم يعد لبنان "وطن النجوم" بل أصبح بحاجة لتنجيم، ولا "قطعة سماء" فقد إنحدر الى الجحيم. ومن الخطأ اعتبار مصطلحات كالعدم وجهنم والقعر والكارثة مستجدّة، وبأن لبنان صدفةً ضلّ الطريق، فصادف كارثة. إن معظم مسالك لبنان أخطاء وخطايا. والكوارث دَمَغَت تاريخه، وقد خبرها اللبنانيون جيل بعد جيل وكأنّها تقع للمرة الأولى. فجورج نقاش الالمعي يصف، في محاضرة عن "الشهابية" تعود لعام 1960، حالة لبنان قبل إنتخاب الرئيس فؤاد شهاب "بالكارثة" و "بالغرق" الى حدّ التساؤل"هل هذا يعني بأنه محكوم علينا العيش في مغامرة دائمة؟".وإذا كانت الإنطلاقة جيّدة وواعدة عام 1943، فالتقدّم المستدام لم يحصل بإستثناء محاولات إصلاحية خجولة قضت ضحيّة التفشيل والفشل والمصالح، والمحرّمات الداخلية، والإرتطامات وأحلاها عند اللبنانيين أقلّها مرارة. وبالعودة الى الجذور، توّخياً لأسباب الأزمات المتلاحقة، تضمّن البيان الوزاري الحكيم والمُتقن لحكومة الرئيس رياض الصلح حوالي 29 عنواناً فرعياً لا تزال برأيي صالحة حتى الآن. ولو توفّرت بعض الخلايا الحيّة من الوعي لأبعاد المتابعة لأعتمدت الحكومات اللبنانية بيان حكومة الإستقلال بنداً دائماً في بياناتها حتى تحقيقه كاملاً، إذ فيه من الرؤية والمصداقية ما عجزت عن بلورته حكومات كثيرة متعاقبة ولكنّا بمنأى عن أزمات تقضّ مضاجعنا . لم يكن البيان مجرّد وثيقة سياسية وتاريخية، وإنمّا حرّكته أنامل حاضنة ورعاية صالحة. ولا أدلّ سوى سوى كلمتي، "النعمة" الواردة فيه 4 مرّات و "الطمأنينة" 6 مرّات، اللتين تجسّدان الجانب الوجداني وعقلانية التصرّف لدى الثنائي الميثاقي بشاره الخوري ورياض الصلح. وأعتقد بأن نعمة النعم التي خلّفها الزعيمان هي الميثاق الوطني. ومع الأخذ في الإعتبار البيئة الجيوسياسية ونسيج "الأسرة" اللبنانية، أرى بأن الميثاق كان الإختراع الوطني المميّز للعبور من دولة ناشئة الى دولة يانعة . وبدلاً من إكمال المسيرة، حصل الإنحراف في ترسيخ الميثاق وجعله حالة قومية، وطبيعية في صفوف الشعب. وفي ظلّ "التداخل المُحْكم في لبنان بين الداخل والخارج العربي والإقليمي الذي كان يعيش حياة راديكالية"، كما يصف الدكتور عبد الرؤوف سنّو حقبة ما بعد الإستقلال، تعثّرت المسيرة بفعل أزمتين كبيرتين عام 1952 و 1958، حيث أضحى الميثاق "على شفير...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم