الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

بلاد "البلاد" لعقل العويط ليست بلاداً والرابع من آب لن يكون خاتمة الأحزان!

المصدر: "النهار"
Bookmark
البلاد.
البلاد.
A+ A-
رؤوف قبيسي   على رصيف ميناء الرابع من آب ما برح شاعر "البلاد" يسير. يناجي البحر، يلملم الجراح وأصوات الاستغاثة، وزفرات الموت ورائحة الأجساد المحترقة. هنا "البلاد" كتابه، تصورات إيحاءات ورموز، ومعراج في خيالات "عهد قديم". هنا أرميا وأشعيا وأيوب وراحيل وجبل حوريب. مقارنات بين كوارث ما هو "مقدس" منسيً، وفواجع حاضر ما زال يحفر في النفوس ألماً أي ألم. يعرف الشاعر ان ليس هناك من شفيع له غير القصيدة، وأن ما فات قد فات، وأن السماء لن تمطر فضة ولا ذهباً، ولا مطراً يروي، ولا رذاذاً يمسح عن القلب رائحة الدخان، لكنه لا يملك إلا أن يرتكب قصيدة تكتبه قبل أن يكتبها، عله يشهد بها ولادة "بلاد" جديدة. يصعب القبض على معاني نصوصه ورؤياه. أتريث وأتهيب وأنا أبحث عن الزهر بين الشوك والعوسج، ورويدا رويداُ تنبت براعم ورقة هنا وورقة هناك. أخلع نعلي لأدخل محرابه، كما فعل موسى أمام الوادي "المقدس"، ثم أترك "العهد القديم" وألجأ إلى الشاعر الحاضر بيننا. أريد أن أسبر أغوار ذاته، وأتحسس همس جفونه. أسمعه يقول:" تابوت لمقبرة ومقبرة لتابوت. هي البلاد تراني وأراها متناثرة".لن أرحل في صفحات "العهد القديم ". وجعك أيها الشاعر يكفيني، ويكفيني ألمك وصراخك وعويلك. رامة الميناء أقسى من رامة أرميا، وبكاء الرابع من آب أشد إيلاماً من بكاء راحيل. هي ليست المرة الأولى أيها الشاعر، ليست المرة الأولى. منذ إنشائه وميناء بيروت وجع لبنان، جرحه الذي يأبى أن يندمل. من أرصفته المبللة بالدمع الهتون كانت السفن الضخمة تمخر عباب بحر الظلمات نحو الموانئ القصية في البلاد...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم