الأربعاء - 01 أيار 2024

إعلان

عار على جبين البشرية اسمه النفاق

المصدر: "النهار"
Bookmark
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
العميد البروفسور جان داود رياضة النبلحَمَلَت لي كل رياضة متعتها: كرة السلّة متعة الجماعة والفريق، الرّكض الطويل متعة الإرادة، تسلّق الحبل متعة الانتصار على الجاذبية، كرة الطاولة متعة الحوار، فنون القتال متعة الرشاقة والتوازن والعين الحاضرة والذهن النقي، الشطرنج متعة العقل العاشق للرياضيات دراسة في كلية العلوم. أما الرياضة التي انتهيت إليها بشغف كبير فهي المبارزة. إنّها تجمع بين الشطرنج وألعاب القوى والفنون القتالية وتتخطاها فاعلية على أكثر من مستوى. إنّها رياضة كلّيّة تُحفّز التركيز، والتنسيق البصري والعضلي، ودقّة وسرعة الملاحظة، والذاكرة والمرونة. تنمّي الإرادة والقدرة على التحمّل، وتدرّب على التفكير تحت الضغط، وحُسن المفاضلة بين الحلول بسرعة. تُدرّب الشعور بالتوازن، وحسن الرصد وقراءة الجسد، وتنمّي مهارة التكتيك ورسم الخطط والتفكير الاستراتيجي، وتُعزّز اتخاذ القرار الأكثر ملاءمة في اللحظة الحاسمة والسرعة اللازمة، كما تنمّي مهارة المناورة والإبداع في مجال خلق الفرص. تكلّمت على المبارزة لأنّها تحمل ما فقده أغلب سياسيي وتجّار هذا الزمن: نبل الشخصية واحترام الذات والمنافِس واللّعبة. فإبّان المبارزة (والأمر كذلك زمن الفروسيّة والمنازلة)، إنْ سقط سيف خصمك تتوقف عن القتال؛ الفارس لا يقاتل أعزلا، والنّبل يعني أنْ تسبق الخصم إلى سيفه لتعيده إليه، تنتظر أن يستعدّ، وتعود إلى المبارزة أو النزال، وإلا وصَمْتَ نفسك بعارٍ أبديّ وبصفة الغدّار ومستغلّ الفرص الدنيئة. في زمن الفروسية، كما في لعبة المبارزة، لا مكان للغدر، لا مكان للاستقواء بمال أو سلاح أو حلفاء، لا مكان للاستضعاف، ولا مكان لسرقة فوز غير مُستَحقّ نتيجة عدم تكافؤ الفرص. زمن المادية وحلول النذالةفي زمن المادية الطاغية منذ عقود، كم من سيفٍ سقط والعالَم يسحق العُزّل، يزيد من عزلتهم، يجرّدهم حتى من الهواء، يُحاصرهم من دون رحمة حتى موت ذليل. في زمن المادّيّة، كم من سيف سقط إثر زلازل وهزّات من كلّ نوع والعُزّل يُترَكُون لذلٍّ وموت غير رحيم. عشرات ملايين من العُزّل أُسقِطت سيوفهم - والسيف هُنا معنويات وكرامة – وقوى الأمر الواقع على مستوى العالم تزرع في ذواتهم تسوّل حقّ النهوض. سقط السيف وملايين البشر تحت رُّكام مادّي ومعنوي، ولم يخرج أسياد العالم المادّي من جشعهم. سادت المادّيّة، ملأت العيون الجاحظة لأشباه بشر غايتهم القنص السريع للثروات، وفي سرّهم كما علنهم ابتسامة خبيثة وعبارة: ما نحن بجمعيات خيرية. الفلسفة المادية خيانة للإنسان ونقيضة لروح الفروسية والنُبل. المادّيون نفعيون استغلاليون تطغى عليهم سمة النذالة، يتنمّرون على النبل الذي ننادي به، ومن شعاراتهم: إن رأيت خصمك يغرق،...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم