الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

الإمارات اللبنانيّة غير المتّحدة

المصدر: "النهار"
Bookmark
تعبيرية (النهار).
تعبيرية (النهار).
A+ A-
المهندس غبريال اندريا"ماذا يدور في بال نيرون، وهو يتفرّج على حريق لبنان؟ عيناه زائغتان من النشوة، ويمشي كالراقص في حفلة عُرْسٍ: هذا الجنون، جنوني، سيِّدَ الحكمة. فلتُشْعلوا النار في كلّ شيء خارج طاعتي. وعلى الأطفال أَن يتأدَّبوا ويتهذَّبوا ويكُفّوا عن الصّراخ، بحضرة أنغامي!" - محمود درويشلقد لخّص محمود درويش بقصيدته هذه كل شيء. إننا نعيش زمن الاندثار. فقدنا مدينتنا، الأرواح والذكريات التي فيها. فقدنا الأمكنة والبيوت، الأموال والممتلكات. فقدنا كل شيء. لقد دُمّرت بيروت ونَزَفَت حتّى الموت في عروقنا.تَعبَت فيروز وهي تنادي "يا مينا الحبايب يا بيروت، يا شط اللي دايب يا بيروت، يا نجمة الياقوت.. يا بيروت!"ولكن من يقرأ في تاريخ بيروت، يعلم جيداً أنّ هذه المدينة لا تموت: فلا الزلازل ولا الحرائق ولا الحروب استطاعت أن تقتلها. لقد ابتُليَت البلاد عبر الزّمن بساسةٍ يتغذون على جثتها: فبعد مضيّ أكثر من ثلاثة عقود على نهاية التناحر الأهليّ، لا يزال اللبنانيون رهائن لدى زمرة من أمراء الحرب، استبدل بعضهم بزاتهم العسكريّة بأخرى رسميّة، فيما أجمع الكلّ على التمَترُس خلف مصالحهم الطائفيّة، مرتهنين لمصالح أولياء وأسياد الخارج. ومن يظنّ أنّ هذه الحال جديدة على مجتمعاتنا، فليقرأ جيداً تاريخ مَنْ حكمنا، لعلّه يتّعظ. إنّ من اؤتمن على إنقاذ البلاد من مصائبها، هو نفسه من يُحرق مستقبلها بعدما أحرق ماضيها وحاضرها... أولى الأزمات الكبرى التي عصفت بالكيان اللبناني ودفعت بالدول الأجنبيّة للتّدخل في شؤونه الداخليّة كانت عام 1831، حين وقع لبنان في قبضة محمد علي باشا، وإذ كان الأمير بشير الشّهابي حليفاً له، استفاد ليدعّم قوام حكمه مستغلاً الدعم المصري حتى عام 1840 حين اضطرّ لمغادرة لبنان بعدما قامت ثورة فلاحيّة ضده وضد المصريين. يومها، عُقد تحالف ثلاثي فرنسي - بريطاني - عثماني، مهمته إخراج القوات المصرية والتمهيد لعودة العثمانيين الى المناطق التي كانوا قد خسروها سابقاً عام 1831. وبالفعل تمّ إخراج المصريين بالقوة، ومعهم الأمير بشير الثاني، نتيجة لدخول قوّات التحالف المذكور وسيطرته على المنطقة ومنها لبنان، فحلّت الفوضى في قرى الجبل، خاصّة بعدما عاد ملّاكو الأراضي من الدروز بعد هروب بشير، فقاومهم الموارنة الذين كانوا قد حلّوا مكانهم في بعضها، مما فاقم التوتر بينهم، فَجَرَت مجازر متبادلة بين الطرفين. وحين رأت القوى الأجنبيّة أن الوضع بات ينزلق نحو حرب واسعة، همّوا بالتدخل فدعم الفرنسيون الموارنة والإنكليز الدروز، وابتُدعَ نظام القائمقاميتين في جبل لبنان، وهو المرادف للتقسيم، نظراً للظروف التي كانت قائمة في الجبل بعد انهيار نظام الإمارة، فكان أول حل دولي لأزمة داخليّة...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم