الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

"ما بعد الكتاب" للشاعر أسعد الجبوري: بصمات السموّ باللغة

المصدر: "النهار"
"ما بعد الكتاب".
"ما بعد الكتاب".
A+ A-
"ما بعدَ الكتاب" هو الاصدار الشعري الجديد للشاعر العراقي أسعد الجبوري عن "دار الينابيع" السورية. نصوص بتجارب متلاحقة من الحداثة الشعرية تحمل بصمات السموّ باللغة التي يسعى الشاعرُ إلى توكيدها ضمن رؤيته الشعرية المختلفة والنابضة بالتحوّلات.
 
يأتي هذا الكتاب الجديد بصفحاته 112 محلقاً بفضاءات خارج السرب، بعد مجموعاته الشعرية: "ذبحت الوردة.. هل ذبحت الحلم" 1977، "صخب طيور مشاكسة" 1978، "أولمبياد اللغة المؤجلة" 1980، "ليس للرسم فواصل ليس للخطيئة شاشة" 1980، "نسخة الذهب الأولى" 1988، "طيران فوق النهار" 1995، "الإمبراطور" 1995، "العطر يقطع المخطوط" 2003، "الملاك الشهواني" 2005، "قاموس العاشقين" 2006، "قبل انصراف الكحول" 2010، "على وشك الأسبرين"2011، و"متى تخلد ساعتي للنوم" 2013.
 
من الكتاب "وقال هذا كتابي":
كلما استعرضَ آدمُ بستانه في امرأةٍ أو في مرآةٍ، تسحبه الجاذبية فيسقط في حضن أحداهنّ هائماً بتكسير ما جفّ بروحه من عواصفَ وثيابٍ وفاكهة. وباكياً سفينته الجانحة تحت زجاج ساعة النفس الكوارتز.
 
كنا شعوبه نرتفع بدمه كما الطواويس، لنبلغ المعارف في الخلق والجماد
والنبات وملاجئ اللحوم.
 
يا ليلُ... الصبُّ يرسم القلبَ بطبشور من أحمر الشفاه، ثم يتأرجح على خط الاستواء بيضةً اكتملت دورتها في قصيدة. أجسادٌ وراء أجساد، والأرواحُ بطارياتٌ مشغولةٌ بنبيذ الخوف وبالبطارخ المضادّة لكنوز الفلاسفة. كأننا نسخ من لوتس على وشكّ جفاف دراماتيكي، ندخل التيه الحداثوي وعلى أكتافنا أثقال المجهول المفترس عند باب كل مغيب.
 
يا ليلُ الصبُّ حيوانٌ قلقٌ يسكن منازلَ الأغاني، ويتدهورُ بين صفحات النار كأي أورفيوس، يعتنق فكرةَ الحطب لتوسيع جغرافية النار ولغو اللغات. أهي الفصولُ تختنق في مترو الذات، فيصبح اللحم حجراً يأكله البرد والجرذ والفقدان.
يا ليلُ الصبُّ فقدَ رأسهُ بين الرمال طويلاً. وكثيراً جفّ شغفه في الكهوف. كم يبدو القلبُ سفينة تطفو فوق غبار قديم فيما آلامُنا بلغت شيخوخةَ الساعة دون توقف.
 
يا ليلُ نحن سردٌ في الشارع. شعرٌ في كتاب ولا يفقهون. لم نرَ منقذاً في لحظة الحديد على الماء. السفينةُ مقفرةٌ. ووحدهم الغرقى يتبادلون الرسائلَ ويقيمون الأعراس ويأكلون السمكَ المسقوفَ ولفافات الحلوى وقطعَ غيار الأجساد، مبدّدين دنانَ الخمر على ثيابهم، لتشرقَ القاماتُ بالثمالة العظيمة.
 
يا ليلُ الصبُّ بابٌ للرحيل، وليس في الجيب، في النفس، في الكلمات من ماءٍ للسفينةِ. نوحُ يفاوضُ القراصنةَ في البئر تحت تأثير الصدمة. وحولهُ أشباحٌ يتحدثون عن الطوفان باقتضاب. لم يدخلوا سجالاً أعمى عن بلدان من ورق ستنجو وأخرى من صخر ستصمد وثالثة ستذهبُ تحت المياه طَقطَقةً.
يا ليلُ.
الصبُّ القادمُ سينزلُ الأرضَ ومعه كبشٌ ليشربَ من آبار الآلام ومن قصائد القفار لاحقاً.
هامش:
لم يبق أحدٌ في متناول
الكلام.
كنا هنا...
مثلما لم نكن هناك.
 
1
الآثامُ في القلب القديم
بواخر تجنح في القواميس
ونراها مياهًا ما بين الفخذين
وتجري في سباحةٍ عميقة
بينما ركابُ القيامةِ،
سردٌ لروايات عن ملح حجري
يغطي تربة آدم.
 
2
الحبُ حبرٌ...
ويجري في براري الشتات حيواناً بريّاً.
والأرواح هي الأخرى بواخر هائمةٌ بالشغف
والحرير واللحوم المدخّنة بالبخار الكهرومغناطيسي
لرفع كفاءة الطوفان.
 
3
هو الآخر
قد لا يصح أن يكون صوتاً مضادّاً للبكتيريا فقط.
نحن على مقربة أكثر من هاوية.
فخذ قدميك معك للتجول في القسوة.
الرجالُ بناياتٌ. أبراجٌ وذخيرةٌ مقدّسة
لإغاثة حوادث الجنس.
ألمْ نتدرّب على الهواء الضريبي
في مدنٍ نزلت عن ظهور خيولها لتلوذَ
بالصمت والاختناق.
 
4
كأننا الآن في حانة تطل على بحرٍ
تملأ شبابيكه نيرانٌ مكسورةٌ كأنها تمشي
بنصوص مصانع تكرير الغرام.
 
5
الليلُ المستحم كجوهرةٍ بين الأصابع،
تستطيل بصماتهُ على حبال الكمان.
لا بأس من أن تكون الذاكرة
دون مكتب استعلامات
أو سكرتيرة أنضجتها أختامُ الياقوت.
 
6
الحياةُ جرعةٌ مفرطةُ الإحساس بالذنوب.
وعادةً ما تكون آلهة الخريف بسفود على نار.
 
7
نحن في الخمر
فرقٌ موسيقيةٌ ممزقة النوتات
وطيورٌ لا تحط على سياج الكون .
إدارة لتنمية صور ما وراء البحار من ضفادع
وبواخر وحنين يعمل في قاع الجسد
على غرار لكمات كلاي.
 
8
في زجاجة الفودكا
تحتشد الشعوبُ كي تولدَ البوصلة
ليس ثمة ساحة خلفية لتراجيديا
الدماغ.
 
9
لا يكفّ عن جعل الجسد ملعباً لتكسير الكرات
كنا الجوز.
 
10
قاعدةُ الطيران الشراعي للحبّ.
والعالمُ الذي نحن تحت جلدهِ،
ترعٌ ومدافنٌ وحاناتٌ وملاجئ وزمنُ باهظٌ
مثل ساعة سيتيزن بعقاربها الشبيهة
بأذرع الطواحين.
 
11
قمرٌ شبيهٌ ببويضةٍ لم تبلغ النضجَ
الجنسي في حوض امرأةٍ نحيفةٍ
كخيط نايلون.
 
12
يتدلى الكحوليون من سقوف القناني
مثل خفافيش بربع لغة.
فيما نصوصهم العارية
تخرج مترجمةً من غسالات الأتوماتيك
ما أشبه العاشق بمركب غارق
في عين بركان.
كم عليّ أن أدخر من الأنهر
لذلك اليوم من البكاء الاستوائي.
أبداً...
 
البعوضُ والعواطفُ.
كلاهما خطٌ شكسبيري لامتصاص
الدم.
وحتى آخر مقعدٍ في الدراما
المستعجلة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم