الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"الشارقة للكتاب"... تلاقح ثقافات واحتفاء بـ"أكبر المعارض"

المصدر: الشارقة- "النهار"
شربل بكاسيني
شربل بكاسيني
مشهد عامّ من معرض الشارقة الدولي للكتاب.
مشهد عامّ من معرض الشارقة الدولي للكتاب.
A+ A-
تستمرّ نشاطات معرض الشارقة الدوليّ للكتاب بحيويّة وتجدّد، تميّزها التقدّم على سائر المعارض العالمية في بيع وشراء حقوق النشر هذا العام، مع تقاطر آلاف الزائرين على البهو الشاسع الذي يضمّ نحو 15 مليون كتاب، يعرضهم 1632 ناشراً عربياً وأجنبيّاً من 83 دولة.

يسير المعرض بخطى ثابتة فوق أرضيّة صلبة، حدّدت معالمها الرؤية التنويرية لحاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، الذي وجّه بتخصيص مبلغ 4.5 ملايين درهم لاقتناء أحدث الإصدارات والكتب من دور النشر المشاركة في الدورة الأربعين. في الأروقة المتشعّبة والرفوف المتزاحمة، تحقّقت رؤية "رجل الثقافة عربياً وعالمياً"، كما وصفه نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
 
حقّق "الشارقة للكتاب" إنجازاً للثقافة العربية وسوق صناعة المعرفة. وتؤكّد قاعدة بيع وشراء الحقوق المشاركة العالمية للناشرين والوكلاء الأدبيّين "ضربة المعلّم" التي سدّدها المعرض، وشدّد عليها "مؤتمر الناشرين" - البرنامج الاحترافيّ المهنيّ للمعرض - الذي سبق انطلاق الفاعليات وشارك فيه 546 ناشراً ووكيلاً أدبياً من الدول الـ83.

النجاح الإماراتيّ شكّل محور اهتمام رئيس اتّحاد الكتاب الروسيّ سيرغي ستيباشن، الذي أشاد بالمعرض و"جهوده للاحتفاء بالثراء الثقافيّ للدولة والمنطقة والعالم"، معتبراً خلال افتتاح الجناح الروسيّ أنّ مشاركة موسكو في المعرض تهدف إلى "التعريف بالأدباء والكتّاب الروس المعاصرين والتواصل مع الناشرين لبحث سبل تسهيل وصول قرّاء المنطقة إلى الأدب الروسيّ المترجم إلى اللغة العربية".
 
"المنطقة الحرّة" ودعم المعرفة
وعلى خطّ الجهود الرامية إلى تعزيز الصناعة الأدبية المعرفية، أعلنت "المنطقة الحرّة لمدينة الشارقة للنشر"، الأولى من نوعها في العالم والمتخصّصة بخدمة قطاع النشر والطباعة والقطاعات الأخرى ذات الصلة، دعم 38 شركة ودار نشر مسجّلة لديها، مشيرة إلى أنّها تعمل حالياً على تسهيل مشاركة الأخيرة في الدورة الـ40 لـ"معرض الشارقة الدوليّ للكتاب".

ويتمثّل الدعم في إعطاء دور النشر الأولويّة عند التسجيل، وتسهيل عمليات نقل الكتب إلى مقرّ المعرض، والمشاركة في النشاطات الثقافية التي يستضيفها، إلى جانب ما تقدّمه "المدينة" من حِزَم تحفيزية وتسهيلات تأسيس الأعمال للناشرين الدوليين المشاركين في المعرض، الذي يستمرّ إلى الـ13 من الجاري في مركز "إكسبو الشارقة".
 
بين إسبانيا والإمارات
من جهة ثانية، أطلقت رابطة الدوريّ الإسبانيّ لكرة القدم "لاليغا" النسخة العربية من "قاموس مصطلحات كرة القدم" في الجناح الإسبانيّ، ضمن نشاطات الاحتفاء بإسبانيا ضيف الشرف، خلال جلسة أكّدت عبرها المديرة الإدارية لرابطة الدوري الإسبانيّ لكرة القدم مايت فينتور أنّ الهدف من الخطوة "تعزيز جسور الترابط بين الدوريّ وعشاق كرة القدم الإسبانيّ من الجماهير العربية"، مشيرةً إلى "تعزيز معرفة المنطقة العربية بالثقافة الإسبانيّة".
 
وكانت "هيئة الشارقة للكتاب" قد أعلنت في أيار من العام الحاليّ اختيار إسبانيا ضيف شرف الدورة الـ40 من "الشارقة للكتاب"، "تقديراً لمساهمتها في المنجزات الثقافية، ودور مؤسّساتها ومثقفيها في الارتقاء بالأدب والفكر".
 
"نكتب للقارئ لا للجوائز"
أكّد عدد من الكتّاب والروائيين العرب أن القارئ هو الغاية الرئيسة للكاتب على اختلاف الأجناس التي يكتب بها، من دون فرض سلطة من قبل المتلقّي على الكاتب، مشيرين إلى أنّ الجوائز قد تتحوّل تحدّياً أمام المبدع وتعيق مسيرته الإبداعية إذا أصبحت هاجسه.

وأشار الكاتب والروائيّ الإماراتيّ عبد الله النعيمي، الذي حازت روايته "شقة زبيدة" جائزة أفضل كتاب إماراتي في "الشارقة للكتاب" قبل عامَين، إلى أنّه لا يكتب للجوائز وإنّما "يكتب لمتعة الكتابة ويعيش عالم الكتابة بتجلّياته كافّة"، محذّراً الكتّاب من "الوقوع في فخّ الكتابة لأجل الجوائز"، معتبراً أنّ ذلك "يدفع إلى التصنّع والتقيّد، ولا بدّ للإبداع من أن يُطلَق له العنان كي يكون مؤهلاً لاعتلاء منصات النجاح".

ولفت النعيمي خلال جلسة حوارية نظّمتها مبادرة "ثقافة بلا حدود" إلى أنّ "الجائزة الرصينة التي تعمل وفق منهجيات احترافية تمنح الكاتب تقييماً واقعياً لعمله، وتشكّل دافعاً كبيراً للكاتب للاستمرار".

بدورها، أشارت الكاتبة العراقية شهد الراوي، التي وصلت روايتها "ساعة بغداد" إلى القائمة القصيرة للرواية العربية في الجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر)، إلى ما وصفتها بـ"الخلطات الجاهزة التي يضعها بعض الكتّاب في أعمالهم تماشياً مع متطلّبات الجوائز ولجان تحكيمها"، مؤكّدة أنّ "هذه الخلطات بدت واضحة في أعمال عدد من المبدعين المرموقين"، لافتة إلى أنّ "القراءة تجعل الكاتب بارعاً في فهم الآخر وهو يكتب، وهو أمر مهمّ في ولادة أعمال إبداعيّة تخترق المجتمع وتسمو بأفراده".
 
 
من جانبها، رأت الكاتبة المصرية أمل فرح الحائزة على عدد من الجوائز في أدب الطفل أنّه "من غير المنصف تقييم الإبداع بلجنة تحكيم قوامها خمسة أشخاص" فهي ترى أنّ "المبدع لا تحكمه لجنة تحكيم، لأنّ الإبداع بحدّ ذاته عملٌ خارج عن نطاق المعتاد أو القيود؛ أمّا ما يقيّم العمل الإبداعيّ الحقيقيّ فمدى استدامته واستمرارية تأثيره".

أمّا الكاتبة الإماراتية نادية النجار الحاصلة على جوائز عدّة عن مجموعة من قصصها ورواياتها، فقد اعتبرت أنّ "المجتمع القارئ هو مجتمع مبدع لأنّ القراءة تنمّي الخيال، وهو مجتمع مفكّر لأنّ الكتب تطرح الأسئلة، وكذلك هو مجتمع متسامح لأنّ الكتب تسهم في تلاقح الثقافات"، مشيرة إلى أنّ "معرض الشارقة للكتاب يؤكّد كلّ عام أنّ القراءة لا تزال بخير".
 
مشهد إبداعيّ أميركيّ - إماراتيّ
في سياق متّصل، بحث رئيس "هيئة الشارقة للكتاب" أحمد بن ركاض العامري مع رئيسة مكتبة الكونغرس الأميركية الدكتورة كارلا هايدن مجالات التعاون والعمل المشترك بين الجانبين على مستوى دعم الحراك الأدبيّ، وبناء جسور تواصل بين المشهد الإبداعيّ الأميركيّ ونظيره الإماراتيّ، إذ رأى العامري أنّ "تجربة مكتبة الكونغرس الأميركية كبيرة وعميقة وتمثّل مشاركتها في قمة المكتبات الوطنية و مؤتمر المكتبات فرصة أمام العاملين في قطاع المكتبات في المنطقة لتبادل الخبرات والتجارب والإفادة من الحلول التي تقدّمها مكتبة كبيرة مثل الكونغرس للنهوض بدور المكتبات وتعزيز مساهمتها في مشاريع التنمية الشاملة".
 
"مخطوطة جفوسكي" الذهبيّة من بولندا إلى الإمارات
تعرض دار "مانوسكربتم" البولندية للنشر خلال مشاركتها في "الشارقة للكتاب" مخطوطة نادرة للرحّالة البولنديّ الكونت فاتسواف سيفيرين جفوسكي، تحفل بوصف دقيق للخيول العربية وسلالاتها وحياة البدو في الجزيرة العربية.
 
 
ويتعرّف الزوار من خلال نسخة طبق الأصل من المخطوط الأصليّ لجفوسكي، في إصدار غُلّف بالذهب من عيار 24 قيراطاً، الأثر النفيس الذي ألّفه رحّالة يُعدّ أول من استجلب الخيول العربية إلى أوروبا، وأول من بدأ تقليد تهجين الخيول العربية في المنطقة، حيث عاش حياة مليئة بالمغامرات والسفر وكان يعمل لصالح إسطبلات عائلات ملكيّة في أوروبا.



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم