السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

"نسوان من لبنان" لإسكندر رياشي تقديم لقمان سليم: لا يجاريه أحد

المصدر: "النهار"
سليمان بختي
"نسوان من لبنان".
"نسوان من لبنان".
A+ A-
ربما يمكننا أن نصف إسكندر رياشي بكل ألوان تناقضات الكلام: جريء ومتهور، صحافي وكاتب تقارير، وقح وخبير، واعظ وماجن. لكن لا يمكننا سوى أن نقدر قلمه وسرديته ومعرفته العميقة ببواطن الأمور في البيت اللبناني. في كتابه "نسوان من لبنان" (دار الجديد، 370 صفحة مع مقدمة موسعة من لقمان سليم) يأخذنا رياشي في رحلة غريبة، قصة إثر قصة، حقيقية وخيالية في آن واحد، مبالغة و"تفشيط"، لكنها مقنعة في دقائقها، وجذابة ماتعة في أسلوبها، واصفًا كتابه بالقول: "عظات سياسية وإجتماعية غير متحلية بحكايات ومغامرات غرام صاخبة يأتي فيها الكثير من تاريخ لبنان الحديث بين طوايا فراش الحب". سمك، لبن، تمر هندي، وهات خبِّرنا.

ولد إسكندر رياشي في الخنشارة عام 1890. في العشرينات من عمره سافر إلى أميركا وأسس جريدة "الوطن الجديد" في نيويورك. فجأة وبعد ثلاث سنوات عاد إلى لبنان مراسلا جريدة "لو تان" الفرنسية. ثم أسس جريدة "البردوني" في زحلة. التحق بوظيفة مستشار للحاكم الفرنسي في البقاع زمن الإنتداب. بعدها أسس جريدة "الصحافي التائه" ولاحقا أصبح نقيبا للصحافة اللبنانية بين 1947 و1950. له مؤلفات منها: "قبل وبعد- رؤساء لبنان كما عرفتهم" و"الأيام اللبنانية" و"نعيش مع الآلهة" (بالفرنسية) و"أهل الغرام" و"مجانين ومجنونات الحب" وغيرها. تزوج من ماري قهوجي عام 1920 وأنجب سبعة أولاد. عام 1960 استحصل على رخصة مطبوعة أسبوعية بعنوان "الأربعون حرامي" (ولم يصدر منها أيّ عدد). توفي عام 1961 ودفن في الخنشارة.

يتساءل المرء بعد قراءة مقدمة لقمان سليم القيمة التي تضع إطارا فعالا للعمل وقد عنونها "عن لبنان وشفعائه الشياطين - الباطل يحرركم"، ما الذي جذب لقمان سليم إلى إسكندر رياشي؟ هل هو يأس سليم من التردي اللبناني؟ أم هي جرأة رياشي وخفته وعبثيته؟ أم معرفته ببواطن السياسة والإجتماع في المجتمع اللبناني؟ أم أسلوبه وموقفه من الأشياء؟ مقدمة سليم هي خلاصة بحثه عن أعمال إسكندر رياشي ومساره وكتاباته، وتأطير للزمن الإجتماعي والسياسي الذي اشتغل رياشي فيه. الكاتب لا يتوقف لحظة عن مزج الحكاية بالغرام بالصخب. وكل ذلك بأسلوب جذاب ومشوق ولذيذ. فهو تارة في الأدب وتارة في اللاأدب. أو على ما يقول سليم في مقدمته: " من يطالع أدب رياشي و"قلة أدبه"، وسيرته، على ما دوّنها بنفسه، لا يعتم أن يستدل، ثم أن يتثبت، أن هذا الحق التكويني هو مستنده في إستخفافه بكثير من أقداسنا". يلملم رياشي حكاياته بروح باحثة عن الأسرار والخفايا، الذي يقال ولا يقال، للبوح بها ولتوريط نفسه والآخرين. تجد في كتاباته الهوامش والنوافل والنصائح والقصص التي لا يعيرها التاريخ إنتباهته، ماضيا صوب القضايا الكبرى ولكن من تحت التحت. يتعهد إسكندر رياشي برواية ما أهمله التاريخ وهو حقيقي وأساسي وخفي أحيانا. كل قصة من قصصه تحمل رسالة أبعد من مضامينها. قصة "صانعة المستشار" مثلا تفضح الفساد والفاسدين الكبار من حكام الإنتداب الفرنسي. نرى الهدايا والرشاوى والسمسرات، وفي الوقت نفسه يصف علاقته الحميمة بصانعة المستشار. من يدفع يصبح نائبا، يصبح متنفذا أو كبير قومه. واللبنانيون أساتذة في الفساد والإفساد. يروي عن غزواته في فرنسا وألمانيا ويرويها لك وحدك مثل صاحبك العائد من بلاد الغرب بعدما "عمل العمايل". أو على طريقته يقول: "لهذا هن متساهلات جدا، ولا يدعن الفرص تفوت، ولا يتركن اللهو يموت". او مفاجآته في قصة "المرأة تتفرج على النسوان". إسكندر رياشي لا يتوقف عن التحديات في كتابه وكلما أقفل بابا فتح بابا ساخرا فاضحا عاريا. لعل ما قاله أنسي الحاج عنه يصيب عين الحقيقة: "إسكندر رياشي لا يتمسخر، بل يضع حاله على الورق. إباحته لذاته هي المصدر. والسخرية فرع من المصدر. طرافته أنه يتعرى أمامك بالكامل ويتحداك أن تجاريه. لم يجاره أحد من اهل الصحافة ولا من أهل الأدب".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم