الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

"اليعسوب والعطر الفوّاح" رواية جديدة لإبراهيم فضل الله

المصدر: "النهار"
"اليعسوب والعطر الفوّاح".
"اليعسوب والعطر الفوّاح".
A+ A-
صدرت رواية جديدة للدكتور إبراهيم فضل الله بعنوان "اليعسوب والعطر الفوّاح" بمئتين وثمانٍ وثلاثين صفحة ( ).

تجري أحداث رواية اليعسوب في ضيعة متخيّلة يدور الصراع فيها بين شركة تضمن الأراضي الزراعية، وبين الفلاحين الذي يفلحون ويزرعون هذه الأرض، ونتيجة الصراع، تنشأ مجموعة من شبّان تنظم نفسها، وتبدأ بالدفاع عن مصالح الضيعة في وجه المحتكرين، وتنتصر على الشركة، وبعد ذلك تدبّ الخلافات داخل المجموعة التي يتفرّق أفرادها كلٌّ في اتجاه، وكلٌّ منهم يحاول أن يحقق أحلامه الخاصة به، وهكذا تسير حياة الضيعة بشكلها الطبيعي، وفجأة تتعرّض لاعتداء من ضيعة مجاورة، ويهبّ بعض الشبّان للدفاع عن الضيعة، وينظِّمون أنفسهم، ويتابعون المواجهات حتى يهزموا الأعداء، وفي النهاية تنتصر قوى الخير على قوى الشر.
تحكي الرواية حكاية الصراع بسرد سلسل يتخلله حوار قصير الجمل واضح المعالم، يكشف فيه الراوي عن نفسيات شخصياته، وتسير الشخصيات في تدرّج منطقي نحو الصراع الذي يبدأ نتيجة ظلم الشركة فلاحي الضيعة، والاعتداء عليهم، ويمثل "الاعتداء على كرم منذر" الحدث المبدّل الذي يغيّر الأحداث في الرواية، هذه الأحداث التي تتابع تعقدها وتأزمها وصولاً إلى بدايات الحلّ والحلّ النهائي.

تنوّعت شخصيات الرواية لتمتدّ إلى كل أفراد المجتمع من الطفل إلى الفتى والشاب والرجل والكبير في السن، ومن الفقير والمتوسط والغني، وكذلك تنوّعت الشخصيات النسائية من الطفلة إلى الفتاة إلى العجوز، وأدّت المرأة دوراً جوهرياً في صناعة أحداث الرواية، فهي الداعمة للرجل وزوجته المحافظة على بيته وأولاده في غيابه، وهي الأم التي ترعى أطفالها، وهي الحبيبة التي تصبر على الظروف الصعبة التي يمرّ بها حبيبها، وهي المناضلة التي
توجّه الصراع وتشارك فيه، وهكذا أجاد الروائي فضل الله كعادته في رسم شخصيات روايته، بما يخدم السرد الموصل إلى هدفه، في تحقيق غايات الشخصيات التي تحيا في أمكنة متنوعة، ولهذا تنوّع الزمن في الرواية، فهو حيناً منفتح على آفاق بعيدة، وحيناً آخر نرى الزمن قد انكسر عندما كان الراوي يعود إلى سرد أحداث جرت في مراحل زمنية مضت، وكثيراً ما كانت بعض شخصيات الرواية تتولى سرد أفعال شخصيات سابقة عن زمنها، وموغلة في التاريخ، أو عندما كانت بعض الشخصيات تسرد أحداثاً متخيّلة ستجري في المستقبل، وهكذا كانت تستشرف الزمن في المستقبل.

اعتاد الروائي إبراهيم فضل الله في رواياته السابقة أن يدخل الشعر في سرده، ولكنه في "اليعسوب" أغنى السرد، وزيّنه بأنواع جديدة من الفنون الأدبية، إضافة إلى الشعر العمودي الكلاسيكي، ورد في الرواية الشعر العامي، والعتابا، والميجانا، والدلعونا... الخ.
ومثال على ذلك ما جاء في الرواية على لسان الراعي:

على الأف مشعل أوف مشعلاني شِعل قلبي من كثر الهجراني
يا عيني على عمري لوين ودّاني لبَّسني بعد الحرير كتّاني
تركني المحبوب ولمين خلّاني كيف أعيش بلا خِلّاني

تميّزت رواية اليعسوب بسلاسة أحداثها التي تتسارع نحو العقدة فالحلّ، وقد اعتمد مؤلفها الحبكة المتنوّعة، متماشياً مع تنوّع المكان فالأحداث في الرواية تسير متسارعة من مكان إلى مكان، وفي كل مكان تتدرّج الأحداث نحو العقدة فالحلّ، وبذلك تميّز كل مكان في الرواية بحبكته، وزمانه، ومكانه، وشخصياته، وقد ربط كل هذه الفسيفساء خيط واحد هو بطل الرواية نظيم الذي يتنقل من مكان إلى مكان، وتتمحور حوله الأحداث في أي مكان حلّ، وهذا ما أعطى السرد بعداً تشويقياً، وحيوية تشدُّ القارئ إلى الرواية، فيتابع أحداثها، ويتمسّك بها ولا يستطيع أن يتخلى عنها حتى يقرأ نهايتها.

لقد اعتمد الدكتور إبراهيم فضل الله في روايته "اليعسوب" على الرمز، والرواية غنيّة بالرمزيّة ولا تستطيع هذه العجالة معالجة الرمز في رواية اليعسوب، لكني سأكتفي بالعنوان ورمزيته الغنيّة بدلالاتها، فاليعسوب هو تناصّ ديني لقول النبي محمد (ص) للإمام علي(ع): "أنت يعسوب الدين"، بمعنى من المعاني أنت حامي الدين والمدافع عنه، ومن هنا يمكننا أن نتساءل إلى من يرمز المؤلف بعنوان روايته؟

ومن هو يعسوب هذا العصر؟

هل هو جهة حزبية؟ أم فكرة عقائدية؟ أم هو تنظيم ما؟ أم هو شخصيّة معاصرة؟
أم هو كلّ هذه القضايا مجتمعة؟!


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم