الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

رواية "روابط مصطنعة" لناثان دوفير... ميتافيرس حيث يلفظُ الواقعُ انفاسَه الأخيرةط

المصدر: "النهار"
Bookmark
غلاف الرواية.
غلاف الرواية.
A+ A-
غسّان الحلبيكانت الفلسفةُ حقلًا حقَّق فيه ناثان دوفير نخبويَّـته في الجيل الفرنسي الشابّ المعاصر. والمقاربة الفلسفيَّة - على الأرجح - هي التي دفعتهُ إلى القول: "قد تكون ميتافيرس على قدْر من الأهميَّة للأجيال القادمة كما كان اكتشاف القارَّة الأميركيَّة... إنَّها ليست أكثر ولا أقلّ من زحزحة الوجود نحو بُعدٍ آخَر هو البُعد الافتراضي". هي رؤية نتجت من دوار في رأسٍ مغمور بالحدس نتيجة الافتـقار إلى تدبيج نظريَّة منطقيَّة وفـقاً لِما يقتضيه حقلُ اختصاصه. لم يتردَّد دوفيـر في انتقاء النَّص الرّوائيّ (لم تكن المرَّة الأولى في كلّ حال) للتعبير عمّا يريد قوله إزاء الحدَث، فكتب تحت عنوان "روابط مُصطَنعة" رواية وصفَها بيغبيدر بأنَّها "آسِرة ومرعِبة وساخِرة، حوَت كلَّ شيء: غباءنا وجشعنا ووحدتنا، نقاط الضعف الثلاث التي يعتمد عليها أباطرة GAFAM غ، غوغل/ أ، آبـل/ ف، فيسبوك/ أ، أمازون/ م، مايكروسوفت. كما هو معروف. وفيسبوك صار: ميتـا Meta لتضخيم حساباتهم المصرفيَّة في جزر الباهاما...". يستهلّ دوفير السَّرد بقصيدة لا تكشف كلّ أبعادها مع المشهد الدرامي الذي يليها إلَّا في الفصل الأخير. كاتبها جوليان، عازف بيانو يستلهم في لحظات افتقاره الإبداعي -الدائم كما يبدو- النَّزق الفنّي لمُلهمه الرّاحل سيرج غينسبورغ. خسر من إخفاقاته المتكرِّرة صديقته ومهاراته وقدرته على التقاط الانسجام الَّذي يجول في رأسه بين باخ الكلاسيكي والإيقاع الصاخب الحديث. "عملك مبتذل، أسلوبك عقيم، لن تكون مغنيا أبدا"، هذا ما سمعه مراراً من المنتجين. لم يكن ثمَّة وقت لدى جوليان لاستشعار إحباطه. التجوال في الانترنت على غير هدى يضع الوقتَ جانباً. والقفز السّريع بالنَّـقـر من رابطٍ إلى رابطٍ لا يملك حاسَّة الوقت، خصوصاً أنَّ الروابط في المحصَّلة لا تشبهُ بعضها بعضاً. لا يترسَّبُ منها في الذّاكرة سوى فائض المعلومات والصُّوَر بحيث لا يُعرف منها ما له بالتحديد علاقة مع المُشكِل الَّذي صار حياته ذاتها.يختار دوفيـر لتوصيف الحالة لغة حادَّة: "غزت جوليان موجة من الرّداءة، عانى نوعاً من سرطان التّركيز، تلوَّث بفطرٍ يتعفَّنُ في داخله ويأكل عقله... نعطي كلّ طاقتنا للآلة. نصبح مرآة لها، وهي الآن الآلة التي تحمل روحَ مالكِها". وقبل أن يرخي أعنَّة السَّرد في داخل الشاشةِ نفسها، يترك خلفه قصيدة مثل معلَم تذكاريّ لصوتٍ إنسانيّ: ... لقد وصلتُم إلى قاع هذه الهاوية/ لا تخافوا! ستكونون في المكان الصّحيح/ بلا بشر في هذا المحلّ حيث يلفظ الواقع أنفاسه الأخيرة/ مرحباً، أيُّها الزومبي الأعزَّاء،...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم