الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

من نتفليكس- "حياةٌ على كوكبنا": تسعون دقيقة عن بيئة متهالكة وكوّة أمل

المصدر: "النهار"
شربل بكاسيني
شربل بكاسيني
حياة الفهود في محمية ماساي مارا الوطنية في كينيا (من وثائقي "حياة على كوكبنا"/"نتفليكس").
حياة الفهود في محمية ماساي مارا الوطنية في كينيا (من وثائقي "حياة على كوكبنا"/"نتفليكس").
A+ A-
تسعون دقيقة عن الأرض المتهالكة. فيلم وثائقي متكامل، ينكأ جراح البيئيين ويُعرّي هشاشة الإنسان أمام الطبيعة، من جهة، وبطشه تجاه عناصرها، من جهة أخرى. الوثائقي "حياة على كوكبنا" (إخراج ألاستيير فوثرغل، جون هيوز وكيث ستشولي، إنتاج "نتفليكس") كالميزان، يحمل بكفّتيه ما للإنسان حيال البيئة وما عليه. فيلمٌ ينطلق من مدينة تشيرنوبيل الأوكرانية، مسرح إحدى أفظع الكوارث الإنسانية، والدليل الدامغ على أنّ الطبيعة تتعافى وتستعيد حيويتها من دون تدخّلٍ بشري، ومن دون "جميلة" الإنسان.
 

ديفيد أتينبراه في تشيرنوبيل (من وثائقي "حياة على الأرض"/"نتفليكس").

 
 
"أنا ديفيد أتينباره، أبلغ 93 عاماً، وهذه شهادتي". يُلخّص العالم البيئي ومقدّم البرامج وصانع الوثائقيات البريطاني، مولوده الجديد قبل بدايته. هو عصارة 70 عاماً من تقديم البرامج واقتفاء التحوّلات البيئية. قد ينزلق الفيلم في محطات متفرّقة إلى مدح الذات، بالنظر إلى السردية التي لجأ إليها أتينباره، والمشهدية الغنية التي تجمع فصولاً أرشيفية من مسيرته - بعضها يعود إلى خمسينيات القرن الماضي - وحقائق مروّعة عن التغير المناخي. إلّا أنّ أتينباره يعرف جيداً كيف ينأى بنفسه عن الإطراء. الفيلم، في نهاية المطاف، توعوي - إيعازي، وإذا عمد المقدّم على تقديم نفسه كـ"مصلح"، فذلك مردّه فقط للقضية الملحة التي رفع لواءها مذ بدأ مسيرته.
 
الفيلم، وإن بدا ترويجاً للذات، لا يبتعد عن علّة عرضه الأولى: يقف أتينباره، بوجهٍ واجم، وعينين حمراوين دامعتين، أمام الجمهور، لرفع لواء تحذير صارخ بأن الوقت يمر بسرعة.
 
زراعة أشجار زيت النخيل بالقرب من منطقة حرجية في جزيرة بورنيو (من وثائقي "حياة على الأرض"/"نتفليكس").
 
 
فيلم رعب قائمٌ بذاته. يتكلّم أتينباره على ثلاثة مقاييس لتفاقم الحالة التعسة، بشكل صارخ، على مرّ السنين: عدد سكان الأرض، مستوى ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، والنسبة المئوية المتبقية من المساحات الخضراء. يرتفع الرقمان الأولان بسرعة، فيما ينخفض الرقم الثالث دراماتيكياً، في السرعة عينها. العلاقة طردية. في تسلسل الحقائق والأرقام رعب.
 
فيلم ذاتي - سياسي. الصراع العالمي بين القوى السياسية يعرّج على الصراع البيئي غالباً. أول سؤال طُرح على القاضية إيمي باريت، التي رشّحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لخلافة القاضية روث بادر غينسبرغ في المحكمة العليا، أثناء جلسات الاستماع في مجلس الشيوخ، كان مدى اهتمامها بالتغير المناخي. الصراع ديموقراطي - جمهوري، سياسي - سياسي، يميني - يساري، علمي - سياسي.
 
قرد أورانجوتان (إنسان الغاب) في جزيرة بورنيو (من وثائقي "حياة على الأرض"/"نتفليكس").
 
 
يقدّم أتينباره نظرة قاتمة حول التغير المناخي، مفعمة بالأمل في الوقت عينه. التناقضات سمة الطبيعة والفيلم. يقيّم حالة الكوكب الراهنة: الحديث كئيب وسوداوي. انخفاض أعداد الحيوانات وتدمير البيئة يُثير رغبةً عميقة بالبكاء. ومع ذلك، في الثلث الأخير من الوثائقي، يحمل أتينباره أملاً، بطرحه قائمة من الإجراءات التي يمكن اتخاذها لمنع التدهور. في اللحظة التي يبلغ الوثائقي فيها قمّة السوداوية، يفتح أتينباره كوّة ضيقة. في الدقائق الثلاثين الأخيرة، يُؤكّد أنه لم يفت الأوان إذا تصرفنا حالاً. الخطوات صعبة: وضع حدٍّ للنمو السكاني في العالم، إنشاء مناطق محظورة الصيد وتوقف عن أكل اللحوم. الانتقادات التي وُجّهت في السابق لأتنباره، يوم اتُهم بالمبالغة في تصوير جمال الطبيعة، تعود من جديد، مع تقديمه حلولاً تحتاج عزيمة جبّارة، صعبة المنال. كلما أسرعنا في رفع مستوى المعيشة العالمي، قلّ مستوى الإنجاب أكثر.
 
سلحفاة تسبح فوق شعاب مرجانية (من وثائقي "حياة على الأرض"/"نتفليكس").
 
 
يعود أتينباره من حيث انطلق الفيلم. تشرنوبيل المخلّعة، الصامتة، والتي تعصف فيها حياة جديدة، قوامها الغطاء النباتي الذي اتّشحت به جدران الأبنية وأرضياتها المتصدّعة، في إشارة إلى أنّ الإنقاذ لا يتعلّق بالكوكب فقط، بل بإنقاذ أنفسنا كذلك. في المقلب الآخر، تُثبت خطط إعادة التشجير في كوستاريكا، واعتماد الطاقة الشمسية في المغرب قوة الحوافز الصحيحة. أتينباره لا يفقد الأمل في الإنقاذ.
 
 
"حياة على كوكبنا" (2020): إخراج ألاستيير فوثرغل، جون هيوز وكيث ستشولي، إنتاج "نتفليكس". متوفّر باللغتين الإنكليزية والفرنسية، مع ترحمة عربية/فرنسية.
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم